حفظ الهوية والتراث.. إنجاز 75% من ترميم سجلات قناة السويس بمكتبة الإسكندرية (خاص)
ترميم المخطوطات النادرة والحفاظ عليها، يعد حفاظًا على التاريخ والتراث ليتناقل جيل بعد جيل، وهو ما تعمل عليه مكتبة الإسكندرية من خلال ترميم آلاف المخطوطات والأوعية المكتبية داخل المكتبة وخارجها حيث تتولى مكتبة الإسكندرية مشروعات ترميم كبرى على رأسها ترميم سجلات قناة السويس، والتي تضمن سجلات بأحجام ضخمة، حيث تخطت نسبة إنجاز المشروع 75% حتى الآن.
ومع احتفاء مركز ترميم المخطوطات بتسليم المجموعة التاسعة من سجلات قناة السويس بعد ترميمها، كان لـ«الدستور» جولة بداخل معمل الترميم و لقاء مع الدكتور محمد سليمان رئيس القطاع الثقافي بمكتبة الإسكندرية.
أكبر معامل الترميم بالشرق الأوسط
أكد الدكتور محمد سليمان، رئيس قطاع التواصل الثقافي بمكتبة الإسكندرية، أن معمل ترميم المخطوطات بمكتبة الإسكندرية هو من أكبر معامل الترميم بالشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن إدارة ترميم المخطوطات بها قسمين هامين للحفاظ على المخطوطات وهما قسم الترميم وقسم الضبط البيئي.
وأضاف لـ«الدستور» أن معمل ترميم المخطوطات بمكتبة الإسكندرية تولى عدة مشروعات ترميم كبرى منها ترميم مخطوطات دار الآثار الإسلامية بالكويت، ومشروع ترميم أقدم 100 مخطوطة بيزنطية خاصة ببطريركية الروم الأرثوذكس، لافتًا إلى أن هذا المشروع من المشروعات الفارقة، والتي كانت بمثابة منافسة بين معامل خارج مصر وكانت نتائج معمل ترميم مكتبة الإسكندرية أكثر جودة وأقل تكلفة.
وأوضح أن مشروع ترميم السجلات الأثرية لقناة السويس، والذي يتم بداخل معمل ترميم المخطوطات بمكتبة الإسكندرية، هو من المشروعات الهامة الذي امتد على مدار عدة سنوات، لترميم 1852 سجل بأحجام كبيرة من عهد قناة السويس وبحالة تلف شديدة، ويتضمن كل ما يخص القناة من سجلات العمال ودخول السفن، وطريقة العمل.
الانتهاء من 75% من مشروع سجلات قناة السويس
وأشار إلى أنه تم الانتهاء من 75% من المشروع حيث يتم تسليم دفعة من سجلات قناة السويس كل 6 أشهر بعد الانتهاء من ترميمها تمامًا حيث يتبقى عام تقريبًا للانتهاء من المشروع بشكل كامل.
وقال « سليمان» إنه تم إنشاء وحدة تدريب لإخراج جيل جديد من المرممين، والتي تبدأ بالتطوع لمدة 6 شهور، حيث يجب أن يكون المرمم لديه مهارات للعمل في الترميم والحفاظ على أثرية المخطوطات.
17 ألف كتاب نادر بمكتبة الإسكندرية
وأوضح أنه بجانب مشروعات الترميم الخارجية، المعمل مسؤول عن ترميم الكتب النادرة الموجودة في المكتبة، حيث لدينا 17 ألف كتاب نادر قسم الكتب النادرة، مشيرًا إلى أنه عقب ترميم المخطوطات الخاصة بمكتبة الإسكندرية، يتم من خلال قسم الضبط البيئى، تجهيز بيئة معينة للحفاظ على هذه المخطوطات، والوثائق من حيث درجة الحرارة، شدة الإضاءة محسوبة، الرطوبة النسبية، الأرفف تكون معالجة كميائيًا، والدهانات مقاومة للحريق ومعالجة ضد الفطريات.
تصنيع ورق للترميم بمعمل مكتبة الإسكندرية
وأكد أنه مع ارتفاع خامات الترميم "الورق الياباني" الذي يتم استخدامه في الترميم لجودته المشهود له بجميع أنحاء العالم، اتجهنا لتصنيع ورق الترميم في المعمل الخاص بالمكتبة بنفس الخصائص من نباتات محلية ونجحنا بشكل كبير للخروج بأوراق للاستخدام في معمل الترميم بالمكتبة، وهي تحت الاختبار، فضلا عن العمل بإعادة تدوير الورق الياباني للخروج بأوراق كاملة لتنفيذ الاستدامة.
الانتهاء من المجموعة التاسعة بسجلات القناة
ومن جانبه قال شريف عفيفي رئيس قسم الصيانة والترميم بمركز ومعمل ترميم المخطوطات بمكتبة الإسكندرية، إنه تم الانتهاء من المجموعة التاسعة من مشروع ترميم سجلات هيئة قناة السويس ويتبقى 3 مجموعات، حيث تم إنجاز 75%من المشروع تقريبًا ويتبقى من عام إلى عام ونصف للانتهاء من المشروع بالكامل.
20 مرمم وكميائي بمشروع سجلات قناة السويس
وأضاف لـ«الدستور» أن كل مشروع يعمل به مجموعة من المرممين بالمركز، مشيرًا إلى أن مشروع ترميم سجلات قناة السويس شارك به 20 شابا وشابة، 10مرممين من قسم الصيانة والترميم و10 من المعالجة الكيميائية في هذا المشروع، بخلاف المشروعات الأخرى وأعمال ترميم المخطوطات والكتب النادرة الخاصة بمكتبة الإسكندرية.
وأوضح أنه تم الانتهاء من ترميم المجموعة التاسعة بالكامل والتي سيتم تسليمها، ليصل إجمالي ما تم ترميمه 1399 من أصل 1852 سجل، مشيرًا إلى أن العمل والإنجاز في هذا المشروع كان تحدى كبير، وذلك لأننا نُسلم كل 6 أشهر 155 سجل والتي كانت بحالات تلف شديدة جدا وهذا أمر ليس سهلًا، حيث إن القطوع بالسجلات كانت كبيرة الحجم، وحجم التلف شديد، وبها تهالك كبير وإصابة حشرية وتأكل، وحالات الترميم بيها مختلفة، ويجب خلال العمل الحفاظ على الهوية، التعامل مع الوعاء صفحة والغلاف جزء جزء والمكون المادي للسجل على أنه مكون أثري بمحافظة على كل مكوناته الأثرية و دلالته الزمنية.
وتابع «عفيفي» أن المشروع مدته 6 سنوات ومن التحديات الأخرى التي واجهتنا خلال المشىروع كانت في فترة كورونا، مع تقليل ساعات العمل بحسب تعليمات السلامة، وفي ذات الوقت نحن ملتزمين بالتسليم في الموعد، وهنا تم إعداد خطط بديلة وتنفيذ جداول عمل جديدة لزيادة المجهود، لنصل إلى المطلوب في الوقت المحدد دون تقصير.
سجلات ضخمة الحجم تصل لـ20 كيلو
وأكد أن كل مجموعة يتم تسليمها نعتبرها إنجاز جديد بمسيرة المشروع كله، لافتا أن السجلات كبيرة الحجم تتراوح من 5 كيلو إلى 20 كيلو ويعمل بها شباب صغير، ولكنهم كبار في الخبرة والمعرفة، حيث يتم الانتهاء من 155 سجل في 6 أشهر، وذلك نتيجة لعمل وضغط، وخبرة وكفاءة الفريق المرمم لسجلات السويس.
وأشار إلى أن ثقة المؤسسات تتزايد في مركز ومعمل ترميم المخطوطات بمكتبة الإسكندرية يومًا بعد يوم، مشيرًا إلى أن هيئة قناة السويس كان لديها وعي في الاستثمار بالسجلات التاريخية والأوعية التي هي جزء من التراث مثل الأثر الذي لا يُقدر بثمن.