القاص سمير الفيل يرصد التحولات الجذرية فى المجتمع المصرى فى "ذئاب مارقة"
يرصد القاص سمير الفيل التحولات الجذرية في المجتمع المصري، في أحدث مجموعاته القصصية "ذئاب مارقة"، للقاص والروائي سمير الفيل، والصادرة عن سلسلة "أصوات أدبية" بالهيئة العامة لقصور الثقافة.
وتتضمن المجموعة 21 نصًا قصصيًا، تشمل معالجة للأحوال الاجتماعية في مصر عبر تناول أحداث معاصرة تخص الأسرة المصرية حيث تهب رياح التغييرات فلا تبقى إلا على القليل.
وتتسم كتابات "الفيل" بالجملة السردية القصيرة، والأسلوب الساخر، ونبرة الحزن التي تسود أغلب النصوص التي تكشف فقر الروح لدى أشخاص يحاولون الانفلات من سطوة الفقر والحرمان.
يستخدم الكاتب تقنيات "الكولاج"، و"الفلاش باك"، و"القطع والمزج"، ويبدي اهتمامًا بالغًا بالمكان وتأثيره على الشخوص في سيرهم الحثيث لتحقيق طموحاتهم.
وتضم المجموعة القصصية "ذئاب مارقة"، عناوين: رحل بلا كهرباء، صائد الفراشات، انسحاب منظم، لكل حفرة ضحكة، المروحة، ربنا يتمم بخير، عجوز الميكروباص، شجرة الليمون، الواشي، راكبة، مهاجر تحت الطلب، مرابض الطير، رضوض، الكنبة الجلد، بقدونس، شاي بفتلة، الصحفي عريضة، حمدي بسبس، هل هو أنت يا نعيم؟، القبو، ذئاب مارقة.
وتميل قصص مجموعة "ذئاب مارقة" لـ سمير الفيل، إلى اصطياد اللحظات الحية في حياة الشخصيات حين تصطدم باللوائح والقوانين، فتقاوم الضغوط رغبة في الإحساس بالسعادة والرضا، وهو مطلب عزيز لا يتحقق بسهولة.
وترصد القصص في ذات الوقت العلاقات المتوترة بين الرجل والمرأة ورغبة الطرفين في تحقيق انتصار على الآخر، ولا تخلو القصص من استدعاء الموروث الشعبي عبر تقنيات حديثة.
ومن أجواء القصص نقدم هذا المقطع من قصة "ذئاب مارقة"، والتي اختارها الكاتب لتحمل عنوان المجموعة، وهي الخامسة والعشرين في مسيرته الأدبية:
كنت الشاهد الوحيد عليه، وعلى أفعاله. هو مثلي الأعلى الذي وضعته أمامي منذ صدر شبابي حتى يمكنني اللحاق به، والوصول إلى الذروة التي بلغها بجهده وعرقه وحسن تصرفه.
كانت ظلاله تنقسم كلما خطا خطوة إلى مقصده المليء بالعثرات، والتي يتجاوزها بحيلته، وصبره، وقدرته على تخطي المخاطر.
كان هو المأوى لي، كلما طردني أصحاب الأعمال الموسرين، وهم يرونني أتقدم في مهني المختلفة التي اشتغلت بها، تاركًا بصمتي الخاصة، وكانت يده تسارع بالتربيت على كتفي: ولا يهمك. أنت في طريقك الصحيح. لا تلتفت لصغائرهم.
حتى في الليالي الحالكة التي تعوي فيها الذئاب عن بعد، كنت أخرج وحدي بمشعل في يدي، وقطعة حديد معقوفة، فتبتعد مذعورة، وهي في غاية الخوف.
توقظني صلوات المؤمنين، وابتهالاتهم في الفجر، فأقف في الصف الأخير، وأستغرق في العبادة.
عند حدود الغابة وصل صيتي، تمنى سكان القصور المشرفة على الأشجار الكثيفة استخدامي عاملًا لهم غير أنني لم أسترح لدخول قصورهم ومشاهدة بذخهم، والخدمة في حظائر جيادهم.