هل تصمد؟.. ترقب حذر لمصير الهدنة فى السودان ومخاوف من انهيارها
دخلت الهدنة المؤقتة بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حيز التنفيذ منذ الإثنين، إلا أن هناك عدة مناطق شهدت خروقات لتلك الهدنة من جانب قوات الدعم السريع.
وأثارت تلك الخروقات المخاوف من عدم صمود الهدنة المؤقتة بين طرفي النزاع.
وفي هذا السياق، أكد الكاتب والباحث السياسي السوداني محمد حسب الرسول، أن قوات الدعم السريع قد انتهزت فرصة الهدنة يوم أمس في تحقيق بعض أهداف الهدنة سابقة الذكر، فاحتلت على سبيل المثال لا الحصر مستشفى أحمد قاسم لأمراض القلب، وحولته إلى مركز عسكري لقيادة منطقة بحري، كما فعلت في 28 مستشفى ومركزًا طبيعيًا خلال الأيام الماضية، كما انتهزت هذه القوات فرصة الهدنة وعملت على استكمال تدمير البنى التحتية والمراكز العلمية والتعليمية، وقد شهد اليوم إحراق جامعة الشرق بعد أن تم نهبها.
وأكد حسب الرسول في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن قوات الدعم السريع المتمردة أسقطت الهدنة قبل أن تبدأ وجميع مناطق الخرطوم تشهد بذلك.
وأوضح حسب الرسول لـ"الدستور" أن الحرب الدائرة على السودان وفيه الآن تتطلب مقاربة جديدة من قادة الجيش بعيدًا عن الاستجابة لضغوط الغرب الذي أشعل هذه الحرب من أجل إخضاع السودان للمشروع الغربي الاستعماري، ومن أجل إعادة رسم الخرائط الجيوسياسية في المنطقة على نحو جديد.
ولفت حسب الرسول إلي أن الهدنة المفروضة على قائد الجيش كأنها فرصة لتوفير مناخ مناسب لتمكين قوات الدعم السريع المتمردة من التقاط أنفاسها وتجميع قواتها وترميم نظم القيادة والاتصال التي دمرها الجيش في الأيام الأولى للحرب، وخاصة أن تلك القوات شنت العديد من الهجمات واخترقت الهدنة من خلال تعزيز سيطرتها مرة أخري على الاعيان المدنية التي حولتها لمراكز عسكرية، لايجاد فرص لتشوين هذه القوات.
كما طالب المواطنين الذين احتضنوا جيشهم بأن يعززوا من تلاحمهم معه، وأن يعوا أن هذه المعركة معركة بين مشروع استعماري غربي بأدوات تبدو محلية، وبين مشروع استقلالي يرفض أن يُعاد السودان إلى حظيرة الاستعمار بعد سبعين عامًا من الاستقلال.
كما دعا حسب الرسول دول الجوار السوداني بأن تعي خطورة تداعيات هذا المشروع الاستعماري الغربي على أمن وسيادة واستقرار هذه الدول.
كامل: عدم وجود رادع لفكرة خرق وقف إطلاق النار زاد من الخروقات
من جانبها، قال نرمين سعيد كامل، الباحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، بعد أن دخلت الهدنة السودانية الثانية برعاية سعودية أمريكية، حيز التنفيذ بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، ثارت المخاوف حول عدم صمودها بعد تصاعد الاشتباكات في عدد من المدن السودانية وعلى عكس وقف إطلاق النار السابق، فقد تمّ التوقيع من قِبَل الطرفين على الاتفاقية التي تمّ التوصل إليها في جدة، وتدعمها آلية لمراقبةِ وقف إطلاق النار مدعومة دوليًا من السعودية وأمريكا والمجتمع الدولي.
وأضافت كامل في تصريحات لـ "الدستور"، لكن على الرغم من أن المحادثات في جدة سارت بأسلوب معالجة الأمور خطوة بخطوة، إلا أن عدم وجود رادع لفكرة خرق وقف إطلاق النار قد زادت من هذه الخروقات إلى الحد الذي بدا فيه استمرار أي هدنة في السودان مستحيلًا مع إصرار الطرفين على مسألة الحسم العسكري.
وأشارت إلى أن رد فعل المجتمع الدولي كان متخاذلًا حول مسألة استهداف البعثات الدبلوماسية وكذلك استهداف المستشفيات والأطقم الطبية، كما لم تكن هناك حالة من الدفع من جانب المؤسسات الدولية لإيصال المساعدات الإنسانية، ما ينذر بوضع كارثي.
وأوضحت أن القرارات الأخيرة للفريق الأول البرهان من إقالة قائد قوات الدعم السريع من منصبه كنائب لرئيس مجلس السيادة، دفعت إلى زيادة وتيرة هجماتها، مما ينذر بتفاقم الأوضاع بشكل أكبر من الناحية الأمنية، الأمر الذي يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف لتدويل الأزمة من قبل مجلس الأمن واذا تحولت السودان لدولة أزمة فإن ذلك يشكل وضعًا خطيرًا إقليميًا ودوليًا.