"مقتنيات فريدهايم وفيلا البارون".. كيف تحققت فكرة إنشاء أول متحف للفنون الجميلة؟
بأحد شوارع الإسكندرية القديمة، بحي محرم بك، بوسط المدينة، يقع مبنى مميز تم إنشاؤه خصيصًا ليكون متحفًا للفنون يحوى بداخله العديد من اللوحات الفنية والقطع النحتية لفنانين من مختلف الجنسيات؛ ليتواكب مع طبيعة المدينة الكوزموبوليتانية متعددة الثقافات.
المبنى الذي ارتبط اسمه بالفن والإسكندرية، ارتبط اسمه أيضًا بشخصيتين كانا سببًا في أن ترى تلك الأعمال الفنية النور، ففكرة المتحف كانت بداية بمجموعة "إدوارد فريدهايم" الخاصة، والمكان المميز كان موقع فيلا 'البارون دي منشه"، الذي أطلق اسمه أيضًا على الشارع الذي كانت تتواجد به.
وترصد "الدستور"، في السطور التالية، تاريخ وقصة إنشاء متحف الفنون الجميلة بالإسكندرية، وذلك على هامش فعاليات اليوم العالمي للمتاحف.
يقول الدكتور علي سعيد، مدير متحف الفنون الجميلة بالإسكندرية، إن المتحف هو أول متحف للفنون الجميلة في إفريقيا والشرق الأوسط، يبنى خصيصًا لكي يكون متحفًا للفنون، مشيرًا إلى أن فكرته بدأت منذ عام 1906 عقب إهداء "إدوارد فريدهايم" مجموعته بغرض إقامة متحف للفنون بالمدينة ليكون إهداء للأجيال القادمة.
إهداء 217 عملًا فنيًا من فريدهايم لبلدية الإسكندرية
وأضاف لـ"الدستور" أن "إدوارد فريد هايم" ألماني الجنسية يهودي الديانة عاش في الإسكندرية، وكان يعمل قاضيا في المحاكم المختلطة، وهو جامع أعمال فنية في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، تبرع بثروته من الأعمال الفنية، التي تبلغ 217 عملا فنيا إلى بلدية الإسكندرية في عام 1906، لتكون أول مجموعة افتتح بها متحف الفنون الجميلة.
"البارون" يهدي قصره لبناء المتحف
وأوضح أن بلدية الإسكندرية قبلت الإهداء من "فريدهايم"، وتم عرض المجموعة في أماكن متفرقة، كما كان يتم البحث عن مكان لإقامة المتحف، حتى عام 1935 عندما أهدى "البارون شارل دي منشه" فيلته والحديقة الملحقة بها لبلدية الإسكندرية لإنشاء متحف للفنون ليضم مجموعة "فريدهايم،" وتكون أول مجموعة والبذرة الأصلية التي أقيم عليها المتحف، وبداية متحف الفنون الجميلة.
وتابع أنه في هذا الوقت حدث قصف للقصر خلال الحرب العالمية الثانية وتهدم، ولكن لم تتأثر الأعمال الفنية، وتم نقلها إلى مكان آمن في بدروم مستشفى الرمد بجوار المتحف، وتم عقب ذلك إقامة المبني الحالي للمتحف في منتصف الأربعينيات، وهنا عرضت المجموعة في المبني الجديد، ثم توالت الهِبات إلى المتحف، لتُكوِّن في النهاية مجموعات متحفية تحوي أعمالاً نادرة منذ القرن الخامس عشر حتى القرن العشرين لفنانين من جنسيات مختلفة وأساليب ومدارس فنية متعددة.
2000 عمل فني مقتنيات متحف الفنون
وذكر أن المتحف تم غلقه لمدة طويلة جدًا تصل لـ30 عامًا تقريبًا، بسبب حدوث تضرر للمبنى حتى تم صدور قرار بترميمه عام 2009 في عهد وزير الثقافة الأسبق الفنان فاروق حسني، وتم تجديد المتحف بشكل كامل وافتتاحه في 2013، مشيًرا إلى أن عدد مقتنيات المتحف حاليًا تصل لـ2000 عمل مقسمة بين الزيتية الأعمال النحتية، لوحات الطباعة الجرافيك موضحًا أن معظم المقتنيات لوحات زيتية.
المعارض المتحفية
ولفت إلى أن فكرة المعارض المتحفية، التي يتم تنظيمها هي رؤية المتحف من خلال عمل معارض فنية على فترات لكل منها مفهوم خاص لعرض مقتنيات متحف الفنون الجميلة، حيث مازال المتحف يحوي الكثير من الكنوز التي لم ترَ النور، موضحًا أن مساحة المتحف لا تسمح بعرض جميع الأعمال، حيث يستوعب 300 عمل تقريبًا، موضحًا أن الهدف من المعارض هو عرض أعمال متجددة كل فترة مما يشجع الجمهور على زيارة المتحف، خاصة بعرض مقتنيات للمرة الأولى، وهو ما يجعل الطلاب والمهتمين بالفنون يحرصون على زيارة المتحف بشكل دائم، فضلاً عن خضوع اللوحات للتهوية وعمليات الترميم والصيانة بشكل خاص، هو شيء جيد للأعمال الفنية.