الحوار ومعركتا الوعى وبناء الإنسان
على مدار الأيام، بل الأسابيع والشهور الماضية، حدث ما أعتبره من أهم الأمور الصحية للغاية داخل مجتمعنا، الذى يعانى العديد من الأزمات والمشكلات، ويواجه تحديات ضخمة، وهو حالة الحوار والنقاش فى كل الملفات بصدر رحب من الجميع، وهو ما افتقدناه على مدار سنوات، ربما لأسباب يراها البعض منطقية أو غيرها، ولكن الأهم الآن هو أنها حدثت بالفعل، ونتمنى استمرارها.
فما بين جلسات نقاشية، وصالونات سياسية، وندوات، واجتماعات، تعقد هنا وهناك بين الأحزاب والنقابات والجمعيات والمؤسسات الأهلية والجامعات ووسائل الإعلام المختلفة، وكذلك الجولات الميدانية واستطلاعات آراء المواطنين، تجد الجميع يتحدث ويحدد أولوياته، بل وأولويات العمل داخل الدولة من وجهة نظره، وهو ما يمكن البناء عليه لسنوات مقبلة كعامل محفز ورئيسى فى معركتى الوعى وبناء الإنسان.
فإذا أردنا العبور إلى الجمهورية الجديدة، فمن الممكن أن نعبر إليها فى ظل ما نعانى منه من أزمات، أو ما نواجهه من تحديات، لكننا لا يمكن أبدًا العبور إلى جمهوريتنا الجديدة فى ظل ما نعانى من تحديات فى معركتى الوعى وبناء الإنسان.
وتمثل قضية بناء الإنسان المصرى، وخوض الدولة المصرية معركة الوعى بشكل حقيقى وواقعى، وبخطوات علمية ومدروسة، أمرًا أراه ضروريًا، بل مُلحًا الآن، ولا يحتمل التأجيل، فأهم ما يمكن استثماره حاليًا داخل الدولة المصرية هو المواطن المصرى ووعيه، إذا كنا نريد العبور إلى الجمهورية الجديدة قولًا وفعلًا، لخلق جيل قادر على مواجهة التحديات الكبرى التى تواجه مجتمعنا.
التعريفات العلمية لكلمة وعى أكدت أنه عبارة عن «حالة فهم وإدراك شىء ما، وكذلك حالة إدراك أو دراية الإنسان بما يحيط به والاستجابة له».
وإذا نظرنا إلى تعريف الحوار فستجد أنه يُعرف بأنه «محادثة لفظية تتم بين شخصين أو أكثر، ويتم خلالها تبادل الأفكار والآراء، وإجراء المناقشات أو المشاورات أو غيرها، ولا يشترط فى الحوار أن يكون المشاركون متشابهين فى الآراء، فقد يختلفون فيه، ولكن بإمكانهم أن يتناقشوا ويستمعوا لبعضهم البعض حتى يصلوا إلى نقطة مشتركة، وقد يشتمل الحوار على التوترات والمفارقات، وفى الحوار الصحيح يبعد المشاركون مخاوفهم وأفكارهم المسبقة ورغبتهم بالفوز، ويأخذون وقتًا لسماع أصوات وأفكار أخرى، ويحاولون تقبلها أو رفضها بأسلوب جيد».
وفى النهاية ستجد أن التعريفين لهما ارتباط وثيق ببعضهما البعض، فلا حوار دون وعى، ولا وعى دون إدراك وفهم ما يدور حولنا، وما نتحاور بشأنه أو حوله، لذلك فإن حالة الحوار أمر إيجابى وخطوة صحية للغاية، ولكن لا بد أن تصاحبها خطوات سريعة ومدروسة من جانب الجميع، لخلق حالة وعى حقيقى، والوصول إلى حلول تكاملية والابتعاد عن العمل فى جزر منعزلة لا تؤدى إلا إلى مزيد من التعقيد.