سعيد يبدع فى تحويل التراب لتحف فخمة وينقذ مهنة الآباء من الانقراض (فيديو)
خلف أكوام من الطين الأسود، وفي حجرة مبنية من الطين أيضاً، يتسللها شعاع خافت من شمس الظهيرة الحارقة، يجلس سعيد لاشين الرجل الخمسيني، يشكل بيديه الأواني الفخارية بمهارة عالية، ويصب فيها خبرة السنوات، فمنذ أن فتح عينيه على دنياه، لم يجد سواها مصدراً لرزقه ورزق آبائه وأجداده من قبله وكان يقضي أوقات لهوه "باللعب في الطين" لكن دون تعنيف من والديه، بل على غير عادة الأطفال في عمره في أي مكان غير ذلك، فكان يلقى التشجيع والدعم لينبت من الطين واحداً من أمهر الحرفيين في مهنته.
يقول سعيد، الذي لم تغب بسمته عن جبهته، رغم عناء ومشقة مهنته أنه لم يجد سوى تلك الصنعة التي تربى عليها وتربي أبناء قرية جريس التابعة لمحافظة المنوفية الرائدة في هذه الصناعة ليمتهنها فبدأها وهو في سن مبكرة حتى كانت قدماه لا تستطيع لمس "الدولاب" تلك الآلة التي يتشكل عليها منتجات الفخار لقصر قامته فكان يديرها بيده اليمنى واليسرى ويشكل بها الأواني الفخارية.
وأضاف أنه شارك في العديد من الملتقيات والمعارض الخاصة بالأعمال الحرفية والتراثية وبالأخص صناعة الفخار، كما أنه كان ضمن الوفود المعلمة التي علمت الكثير من الحرفيين على مستوى الجمهورية وفي الأماكن التي تشتهر الآن بهذه المهنة كقرية تونس بمحافظة الفيوم ومناطق صناعة الفخار في محافظه الوادي الجديد ومحافظة الغربية، لكن رغم ذلك فهو يعد من الجيل الأخير للعاملين بهذه المهنة في القرية التي حملت لواء هذا التراث منذ زمن بعيد بسبب انقراض المهنة والعاملين فيها والأجيال الجديدة أصبحت تفضل المكاسب السريعة من خلال قيادة "التوك توك" وعربات الأجرة أو التوجة للتوظيف والعمل خارج القرية فأصبح العاملون بالمهنة من جيل الكبار وينظر تواجد الشباب فيها.