تحرك برلمانى بشأن آليات الرقابة على إنفاق ومُدخلات صندوق الرياضة الخيرى
تقدمت النائبة الدكتورة مها عبدالناصر، عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي، بطلب إحاطة موجّه إلى كل من رئيس مجلس الوزراء، ووزير الشباب والرياضة، بشأن آليات وضوابط الرقابة على أوجه إنفاق ومُدخلات صندوق الرياضة الخيري.
وقالت «عبدالناصر»، في مستهل الطلب: «إننا تابعنا جميعاً ما قد تم الإعلان عنه في مارس من العام الماضي 2022 على لسان السيد وزير الشباب والرياضة والسيد رئيس مجلس إدارة بنك مصر، بشأن إطلاق أول صندوق خيرى لدعم الرياضة تحت مسمى صندوق الرياضة المصري، ذلك الصندوق الذي يهدف، على حسب ما قد جاء ببيان وزارة الشباب والرياضة وبنك مصر، إلى توفير الرعايات الخاصة والدعم المناسب للأبطال الأوليمبيين والمنتخبات والفرق القومية المؤهلة لمختلف المنافسات العالمية، خاصة الألعاب الأوليمبية، وذلك من خلال جمع الأموال واستثمارها ثم إنفاق العائد على دعم نهضة الرياضة المصرية للوصول إلى تحقيق أهدافه من خلال برنامج مخطط له على كافة المستويات للوصول إلى أقصى درجات التفوق الرياضي العالمي، وذلك من خلال توجيه الدعم الفني والمادي لمساندة اللاعبين والفنيين، والمساهمة في تمويل الدورات التدريبية على مستوى عالمي في كافة مجالات صناعة البطل الرياضي، خاصة الأبطال الأوليمبيين، وبما يدعم استراتيجية الدولة لتشجيع التنمية الاستثمارية المستدامة في شتي المجالات، خاصة في النواحى الرياضية».
وأضافت أنه على الرغم من الأهداف المحمودة التي من المفترض أن يسعى الصندوق إلى تحقيقها، إلا أنه أثار العديد من التساؤلات الخاصة بأوجه الأنفاق وآليات الرقابة على المدخلات والمخرجات المالية الخاصة به، خصوصاً أن وزارة الشباب والرياضة يشوبها العديد من علامات الاستفهام فيما يتعلق بوقائع مالية سابقة، والتي حان الوقت أن نقوم باستيضاحها جميعاً، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية المريرة التي تعصف بالدولة والمواطنين، ونذكر من ضمن الوقائع ما يلي:
أولاً- أعلن وزير الشباب والرياضة في سبتمبر 2020، أن حجم الانفاق على بطولة كأس العالم لكرة اليد، والتي كانت تستعد مصر لتنظيمها نذاك 2021، قد وصل إلى 3٫7 مليار جنيه متضمنة ميزانية التشغيل، والجزء الكبير من هذا المبلغ تم توجيهه فى الاستثمار فى المنشآت التى أقامتها الدولة متمثلة فى إنشاء ثلاث صالات جديدة وتطوير مجمع صالات استاد القاهرة بالكامل، بالإضافة لعشر صالات تدريبية ومصاريف التشغيل الخاصة بها، إلى جانب مجمع رياضي فى مدينة السادس من أكتوبر يضم صالتين ومثلهما بالمدينة الرياضية ببرج العرب، حيث صرح الوزير آنذاك رداً على التكلفة المرتفعة للتحضيرات الخاصة بالبطولة بأن تنظيم البطولات الكبرى لا يحقق عوائد مالية ضخمة تغطى استثماراتها إلا فى عدد قليل من البطولات، مثل كأس العالم لكرة لقدم والأوليمبياد لأن إسنادها يكون قبل تنظيمها بفترة زمنية تزيد على ثمانى سنوات، وحقوق الرعاية والحقوق التجارية تكون أكبر، أما الألعاب الأخرى فيكون الهدف هو تغطية التكاليف التشغيلية فى المقام الأول وليست الإنشائية، إذن فما كانت الجدوى من إنفاق ذلك المبلغ "الفلكي" على تنظيم بطولة لن تعود بأي فوائد مالية على خزانة الدولة؟، فضلاً عن أن تنظيم تلك البطولة قد جاء في توقيت حساس للغاية، حيث نظمت مصر بطولة العالم لليد في ذروة انتشار جائحة وباء فيروس كورونا المستجد COVID-19، وهو توقيت غير مفهوم، ففي حين أن العالم أجمع في حالة إغلاق شبه تام خوفاً من زيادة وتيرة انتشار الفيروس، فتحت الدولة المصرية أبوابها على مصراعيها لكافة دول العالم لحضور فعاليات البطولة، وهو أمر غير مُبرر وفي توقيت غير مفهوم كما سبق وأشرنا.
ثانياً- أصدر وزير الشباب والرياضة في أبريل 2022 قراراً بإنشاء المركز الإعلامي لوزارة الشباب والرياضة وتبعيته للمتحدث الرسمي للوزارة، وتضمن القرار الصادر من الوزير تضمين المركز الأقسام الآتية "قسم السوشيال ميديا- قسم البوابة والموقع الإلكتروني- قسم الإنتاج الفني والتوثيق- قسم قياس الرأي العام- قسم الأبحاث والدراسات الإعلامية- قسم الرصد والمتابعة وتحليل المضمون، وهو الأمر الذي أثار الاستهجان بالوسط الإعلامي المصري، نظراً لأن ذلك القرار يُعد تداخلا في الاختصاصات بين وزارة الشباب والرياضة وبين وزارة الدولة للإعلام آنذاك، فضلاً عن عدم وضوح حجم الميزانية التي خصصتها وزارة الشباب والرياضة لذلك المركز الذي لا نجد له أي جدوى حقيقية أو إضافة جديدة للقطاع الرياضي المصري.
ثالثا- إقامة معرض ومؤتمر "سبورتس إكسبو 2023"، الذي أقيم خلال الفترة من 22- 25 فبراير 2023، في مركز المنارة للمؤتمرات الدولية بالتجمع الخامس، ذلك المعرض الذي أقيم على مساحة 20 ألف متر مربع، والذي استقبل نحو 250 ألف زائر من المهتمين بالقطاع الرياضي، كما شارك في أجنحة المعرض المقام عدة عارضين في مجالات المعدات الرياضية واللياقة البدنية، والملابس والأدوات الرياضية، ومستلزمات الألعاب الرياضية، ومعدات ومستلزمات الفروسية، ومعدات التخييم الرياضية والألعاب الإلكترونية والدراجات النارية والسيارات الرياضية، بالإضافة إلى مشاركة وزارة الشباب والرياضة بجناح داخل المعرض لعرض أبرز ما قدمته الوزارة من مشروعات وبرامج وأنشطة رياضية، منها مبادرة "دراجتك صحتك"، والمعسكرات الرياضية للأسر والشباب "يلا كامب"، ومشروع الرياضة من أجل التنمية "مهارتي".
وتابعت عضو البرلمان، في سياق الطلب، أن ما سبق يُعد أمرا غير مفهوم على الإطلاق، حيث إن إقامة مثل تلك المعارض والمؤتمرات الضخمة، التي بكل تأكيد تم تخصيص مبالغ كبيرة للغاية من خزينة الدولة في سبيل تنظيمها، هو شيء لا يتناسب شكلاً أو مضموناً مع توجيهات وقرارات رئاسة مجلس الوزراء الخاصة بضرورة ترشيد الإنفاق الحكومي نظرأ للاضطرابات الاقتصادية العصيبة التي أثرت على الموارد المالية للدولة بشكل غير طبيعي، والتي بدورها أثرت على نمط الحياة والمعيشة للمواطنين.
وأشارت «عبدالناصر» إلى أنه في الوقت الذي تقوم فيه الحكومة بتخصيص مليارات الجنيهات لاستضافة وتنظيم فعاليات رياضية وتسويقية وترويجية لا نجد لها أي عوائد حقيقية بل وتستنزف موارد الخزانة العامة للدولة، فكان الأولى والأجدر إعادة النظر في الميزانية "الضعيفة" لوزارة الشباب والرياضة، حيث إننا إذا نظرنا لنصيب أو حصة وزارة الشباب والرياضة من الباب السادس أو بند الاستثمارات العامة في موازنة الدولة سنجدها (مليار جنيه) فقط، فكان الأولى والأجدر أن يتم زيادة المخصصات المالية والميزانية العامة للوزارة من أجل تجهيز وتأهيل مراكز الشباب على مستوى الجمهورية بالشكل الآدمي الملائم الذي يكفل للشباب الاستفادة من تلك المراكز بالشكل الأمثل.
كما أكدت أن ما قد سلف من وقائع يضعنا أمام ملحوظة في غاية الأهمية، فعلى الرغم من أنه سبق وذكرنا أن حجم الإنفاق الضخم للغاية على ملفات قطاع الرياضة في السنوات الأخيرة لم يحقق أي عوائد مادية تُذكر، إلا أننا كان من الممكن أن نتغاضى عن ذلك الأمر في حال وجود عائد أهم رياضيا، فعلى سبيل المثال وإلحاقاً بالنقطة الأولى الخاصة بالميزانية التي خصصت لتنظيم بطولة العالم لكرة اليد 2021 التي أقيمت في مصر، لم نجد طفرة في جزئية "إعداد وتجهيز البطل"، فعندما ننظر للمركز الذي حققه المنتخب الوطني المصري في هذه البطولة سنجده قد حقق المركز "السابع" خلف كل من (الدنمارك- السويد- إسبانيا- فرنسا- المجر- النرويج)، وهو تقريباً نفس المركز الذي حققه الفريق في بطولة العالم عام 2019 التي أقيمت في ألمانيا والدنمارك عندما حقق المنتخب الوطني المركز "الثامن"، وهو الأمر ذاته في بطولة العالم الأخيرة 2023 التي أقيمت في السويد وبولندا والتي حقق فيها الفريق المركز "السابع".
وتلك الإحصائيات والأرقام تبرز حالة من حالات الإنفاق غير المُجدي، فالأهم من مجرد استضافة وتنظيم البطولات، إعداد وتجهيز بطل قادر على الظفر بها.
واختتمت النائبة طلب الإحاطة بمطالبة رئيس الحكومة ووزير الشباب والرياضة بضرورة توضيح كل ما قد سبق إجماله من وقائع نرى أنها قد أضرت بشكل مباشر بموارد الخزانة العامة للدولة والمال العام نظراً لعدم جدواها أو رجوعها على الدولة بأي عوائد أو فوائد مادية، كما نطالب وزارة الشباب والرياضة بتوضيح آليات الرقابة على صندوق الرياضة المصري وأوجه إنفاقه ومصادر تمويله بشكل دوري.