"سره الباتع".. من هو الجنرال يعقوب الذي قدم مشروعًا لحماية الأقباط أثناء الحملة الفرنسية؟
الجنرال يعقوب شخصية تاريخية مصرية، ثار حولها الكثير من الجدل كثير، فهو اسمه يعقوب حنا، نشأته تقليدية كأي مصري، بدأ في مرحلة الطفولة الدراسة في" الكتاب" القبطي، وتعلم مبادئ الكتاب المقدس، والتحق بخدمة المباشرين والكتبة، ليبدأ بعد ذلك التدريب الحقيقي على كيفية حساب وجباية الضرائب الزراعية.
عمل يعقوب مع المماليك وأحبهم في جباة الضرائب، وعند قدوم الحملة الفرنسية كان يعقوب حنا قد بلغ من الغِني مبلغاً كبيرًا، بحسب ما جاء في كتاب "حكايات عابرة" للمؤلف اللواء حمدى البطران.
علاقة المعلم جرجس الحوهري بالجنرال يعقوب
وتعرف على الحملة الفرنسية والفرنسيين عن طريق المعلم جرجس الجوهري، أحد كبار المباشرين الأقباط في عهد نابليون بونابرت، غير أن المعلم جرجس رفض المغادرة مع الفرنسيين بعد انتهاء الحملة، بينما سافر يعقوب مع الحملة.
وعاصر يعقوب الحملة الفرنسية على مصر، وتعرف على الجنرال ديزيية، أثناء غزوه للصعيد متعقبًا المماليك، ومن ثَم قام بتشكيل كتيبة من شباب الأقباط انضمت للفرنسيين، وكان هدفه الدفاع عن الأقباط ضد هجمات الأتراك، التي تزايدت ضدهم، وعندما رحل الفرنسيون عن مصر، قرر أن يرحل معهم.
مشروع لإنشاء دولة مستقلة
وأثناء الحملة الفرنسية على مصر، قرر الجنرال يعقوب تقديم مشروعاً للفرنسيين لإنشاء دولة مصرية مستقلة كانت فكرة خطرت في تفكيره وأقنع به بعض الساسة الفرنسيين والإنجليز, وربما كان الجنرال الفرنسي ديزييه الذي أخضع المماليك في الصعيد وراء هذا المشروع من خلال الجلسات المطولة التي كان يعقدها مع الجنرال المصري.
ومن خلال المسامرات, لم يكن ديزييه مجرد قائد عسكري، لكنه كان مثقفًا وسياسيًا وواعيًا تمامًا لأفكار العلوم السياسية وربما حاول إقناع يعقوب بما وجده فيه من حسن تدبير ورغبة في التعلم وهو ما لم يجده الفرنسيون في أي شخصية مصرية من الشخصيات التي تعاملوا معها.
تفاصيل مشروع يعقوب لإقامة دولة مستقلة
وبحسب ما قاله المؤلف حمدى البطران، إن تفاصيل المشروع أوردها لاسكاريس في مذكراته، فقال:"عن مشروع الجنرال يعقوب, الذي أملاه عليه الجنرال يعقوب في الباخرة لا توحي أبدا بفكرة إنشاء قومية أو بناء دولة، لكنه مشروع دولة تنقصه رعاية دولة أجنبية كبريطانيا أو فرنسا، كي يصبح قابلا للتنفيذ, وهو ليس كمشروع محمد على الذي نفذه في مصر فيما بعد.
لكنه منسلخا عن الدولة العثمانية الذي تمكن من تحييد الدول الكبرى في ذلك الوقت, وكانت تلك الدول لا تزال تقف في جانب الدولة العثمانية، ولم تكن تنظر إلى محمد على إلا بكونه حاكم مجتهد مع أن محمد على لم يكن مصريا, لكنه مغامر جسور ولا تنقصه الجرأة.
وأوضح لاسكاريس فكرة المشروع:"كانت فكرة المعلم يعقوب تقوم على تجنيد المصريين من الأقباط فقط، وهي الفكرة التي لم تخطر ببال أحد الشيوخ الذين عاصروا الحملة الفرنسية، مثل الشيخ الفيومي أو البكري وغيرهم".
وأشار لاسكاريس، بحسب ما رصده البطران، إلى أن فكرة يعقوب كانت من الناحية العملية ضرورية، لحماية الأقباط من العسف والظلم والجور الذي تعرضوا له من الأتراك، ومن الغوغاء من ناحية أخري، لذا فإنه عند انسحاب الفرنسيين كانت القاهرة خالية من أي حماية.