أستاذ علوم سياسية تكشف لـ"الدستور" سيناريوهات التصعيد بين الصين وتايوان
تعتزم الصين فرض منطقة حظر جوي لمدة 27 دقيقة في 16 أبريل في المنطقة البحرية الواقعة شمال جزيرة تايوان تحسبا لسقوط جسم فضائي من مخلفات عملية إطلاق فضائي.
وتشهد الفترة الحالية وضعا صعبا بين الصين وتايوان، عقب اجتماع بين رئيس مجلس النواب الأمريكي ورئيسة جزيرة تايوان.
وفى السياق، قالت الدكتورة نادية حلمي الخبيرة في الشؤون السياسية الصينية والآسيوية، وأستاذ العلوم السياسية جامعة بنى سويف، إن الصين تسعى إلى تأسيس وضع طبيعي جديد بالنسبة للجزيرة التايوانية واندفعت أكثر من مرة متجاوزة الخط الأوسط في المياه بين تايوان والصين، وتصاعد عدد المرات الذى وصلت فيه طائراتها إلى منطقة الدفاع الجوي التايوانية ويدخل في نطاق السيادة التايوانية، ومن ثم تسعى الصين تدريجياً بحكم الأمر الواقع امتلاك السيادة على المجال الجوي والمياه الإقليمية لتايوان في ظل حالة التصعيد الحادث بين الطرفين وتدخل الولايات المتحدة الأمريكية على خط الأزمة بين الصين وتايوان من خلال زيادة حجم مبيعات الأسلحة الأمريكية لتايوان، فضلا عن تعدد زيارات المسؤولين الأمريكيين للجزيرة التايوانية ودعوة مسؤولي تايوان ورئيستها تساي إينغ وين لزيارة واشنطن.
وأشارت حلمي في تصريحاتها لـ"الدستور"، أن هذا الوضع الطبيعي الجديد لتايوان من ناحية الصين يفرض عدة تحديات على تايوان والولايات المتحدة الأمريكية معاً، في ظل تفوق قوة الصين العسكرية على دفاعات تايوان الجوية والبحرية، وكذلك فى ظل رغبة الجيش الصيني في التحرك بسرعة لمنع الولايات المتحدة الأمريكية من دخول الجزيرة التايوانية، ومن ثم قطعها عن العالم الخارجي بحراً وجواً، وهو ما تتخوف منه تايوان وقيادتها العسكرية والدفاعية.
وأشارت إلى أن أول رد فعل صيني بعد يوم من عودة رئيسة تايوان من زيارة للولايات المتحدة، هو إعلان الصين عن إجراء عدة مناورات بحرية وعسكرية بالقرب من مضيق تايوان بسبب ما اعتبرته بكين بمثابة تحذير صارم ضد التواطؤ بين القوى الانفصالية التايوانية التايوانية لاستقلال تايوان والقوى الخارجية، وضد أنشطتها الاستفزازية وهذا ما أكدته القيادة الشرقية للعمليات العسكرية الصينية في مضيق تايوان، بإعلان إجراء عدة مناورات عسكرية وبحرية في أقرب نقطة في البر الرئيسي للصين إلى تايوان، وهى مقاطعة فوجيان في شرق الصين، باعتبارها المنطقة المواجهة للجزيرة التايوانية. وبدأت العمليات العسكرية الصينية مباشرةً بعد اللقاء الذي جمع رئيسة تايوان مع رئيس مجلس النواب الأمريكي، وفق ما أعلنته إدارة السلامة البحرية الصينية في مقاطعة فوجيان بالصين.
السيناريوهات المتوقعة في حالة التصعيد بين الأطراف؟
وقالت “حلمي” إن الصين لم تستبعد أبدا استخدام القوة لوضع تايوان تحت سيطرتها خاصة في ظل استفزاز الجانب التايواني لمبدأ الصين الواحدة ونظامان الذي يحكم العلاقة بين الصين وتايبيه وبالأخص في ظل الإصرار التايواني من قبل الرئيسة "تساى إينغ وين"، من أن بكين لم تحكم الجزيرة قط، وبالتالي ليس لها الحق في المطالبة بها، وأن سكانها البالغ عددهم ٢٣ مليونا هم فقط من يمكنهم تقرير مستقبلهم، وهو ما ترفضه حكومة بكين جملة وتفصيلا.
وأضافت حلمي إنه في حالة أي تصعيد ستكون أي حرب تايوانية مع الصين غير متكافئة بالمرة، لذا عملت الرئيسة التايوانية على أخذ موافقة الهيئة التشريعية في البلاد لمضاعفة موازنة الدفاع التايوانية فى عام ٢٠٢٣، بما يسمح لوزارة الدفاع التايوانية إنفاق أكثر من ١٩ مليار دولار في مجال الدفاع، فى الوقت الذي تنفق فيه الصين أكثر من ٢٠٠ مليار دولار على بند الدفاع نفسه سنوياً، وهو ما أثار دعوات لتغيير أولويات تايوان الدفاعية. فبدلاً من بناء معدات تقليدية ضخمة حث الخبراء العسكريون تايوان على التركيز على ما يسمى بالقدرات غير المتماثلة "الأسلحة المضادة للسفن والصواريخ الأرض-جو ومخزونات الأسلحة الصغيرة والذخائر، واعتبرته وزارة الدفاع التايوانية أنها قد أفادت أوكرانيا في صد الغزو الروسي عليها.
ولفتت حلمي إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول استفزاز الصين عسكريا من خلال الورقة التايوانية، بإعلان وزارة الدفاع الأمريكية عن خطة عسكرية لتايوان تسمح بحشد قوات احتياطية مدنية أكبر، مما قد يرفع من تكاليف أي غزو تشنه الصين ارتفاعا كبيرا على تايوان، وفقا للإستراتيجية الأمريكية العسكرية الداعمة لتايوان، وقد أطلق على هذه الإستراتيجية الأمريكية العسكرية لمساعدة تايوان في مواجهة الصين بين أوساط المؤسسات الدفاعية حول العالم استراتيجية القنقذ لتحجيم تمدد الصين من ناحية تايوان.
وتابعت حلمي "في ظل إصرار المسؤولون الصينيون مراراً عن رؤيتهم بتبعية مضيق تايوان كاملاً للصين، ومع استمرار المناورات العسكرية الصينية باستمرار في منطقة الدفاع الجوي التايوانية وفوق المجال الجوي التايواني بهدف التلويح بحصار محتمل مستقبلاً فذلك التصعيد الصيني في مواجهة تايوان ليس هين بالنسبة لجزيرة تستورد كامل احتياجاتها من الطاقة تقريباً من الخارج".
وأكدت أنه في حالة اندلاع حرب فعلية بين الصين وتايوان، فستكون لها تداعيات ستغير العالم، منها تحجيم القوى الانفصالية في تايوان، وزيادة نفوذ الحزب الشيوعي الصيني في الداخل وبالنظر إلى هيمنة تايوان على صناعة أشباه الموصلات واضطراب العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، فإن الاقتصاد العالمي ربما يعاني صدمة أكبر بكثير من تلك التي أحدثتها الحرب في أوكرانيا خاصة في ظل أسوأ السيناريوهات المحتملة بدخول الولايات المتحدة الأمريكية في أول صراع عسكري مباشر مع قوة عظمى مسلحة نوويا كالصين.