مسجد الخازندارة.. شاهد تاريخي على الوحدة الوطنية في شبرا
بمجرد مرورك على الرصيف المقابل له، لن تستطيع أن تمنع عينك من النظر إليه إعجابًا بهذه التحفة المعمارية العتيقة، والتي يتقدمها أعمدة رخامية ذات طابع تاريخي، وتعتليها تيجان مصنوعة على الطراز الإيطالي، تم استيرادها خصيصًا لترصيع هذه الواجهة، إنه مسجد الخازندارة في حي شبرا مصر، وهو الحي الذي تدور فيه أحداث مسلسل "ضرب نار" المعروض حاليًا ضمن السباق الرمضاني الحالي 2023، وهو من بطولة الفنانة ياسمين عبدالعزيز، والفنان أحمد العوضي، وتجولت "الدستور" داخل حي شبرا العتيق لرصد أبرز معالمه وكواليس تصوير المسلسل.
يقول محمود طارق، شاب ثلاثيني: "هنا في منطقة الخازندارة نعيش سويًا مسلم ومسيحي يد واحدة، وبالنسبة للجامع، فهو واحد من أقدم الجوامع في مصر، ويجاوره مستشفى الخازنداره، وامامه سنترال شبرا، ويقع خلفه قصر السيدة خديجة الخازندارة، وتعتبر هذه المنطقة واحدة من أقدم وأعرق المناطق التاريخية في وسط القاهرة، خاصة وأنها لها تجمع سكاني كبير، يشتهر عنه التلاحم الوطني بين عنصري الأمة، مسلميها ومسيحيها".
وهو نفس الأمر الذي أكده ماجد شكري، صاحب محل سوبر ماركت الذي قال: "منطقة الخازندارة يعود تاريخها إلى بدايات القرن الماضي، نسبة إلى الجامع الذي يحمل نفس الاسم، والذي يعتبر واحدًا من أهم الآثار في مصر بصفة عامة، وفي حي شبرا بصفة خاصة، الذي يشتهر بوجود ترابط وطني رغم الاختلاف الديني، لا يوجد مثله في العالم، وهو وجود كتلة كبيرة من الاقباط يجاورهم كتلة كبيرة من المسلمين، يتقاسمون حياتهم اليومية سوياً".
افتتح جامع الخازندارة تحديدًا يوم الجمعة الموافق الثامن من شعبان عام 1345 هـ -11 من فبراير 1927 م، من قبله أوقفت خديجة هانم بنت محمد راغب أغا معتوق الخديوي عباس الأول مدرسة الخازندارة، لتكون أول مقر لكلية أصول الدين التابعة للأزهر، وذلك في 1333 هـ – 1912 م، ثم افتتحت رسميًا من قبل الملك فؤاد في الثاني عشر من ذي الحجة 1351 هـ – 28 مارس 1933م.
وأُطلق على الجامع اسم "الخازندار" بدلًا من الخازندارة، لكن هذا الاطباق نجده خاطئًا، فالاسم محفور على جدار المدرسة، المبني الملحق بالجامع، ربما التبس الأمر على البعض، فالسيدة خديجة تنسب إلى الخازندارية ومفردها الخازندار.
أما عن معني “الخازندارة” فقد ورد في صبح الأعشي في صناعة الإنشا للقلقشندي أن "موضوعها التحدث في خزائن الأموال السلطانية من نقد ونقاش وغير ذلك.
أما عن منية السيرج فأصلها قرية وكيف اتصلت بما يعرف بشبرا حاليًا، فقد، أتى على ذكرها بكتاب “القاهرة” للأستاذ شحاته ابراهيم عيسي حيث قال “وقد ظهرت هذه الجزيرة في النيل في أواخر الدولة الفاطمية، وعرفت بجزيرة الفيل. وإنما سميت كذلك لأن مركب يشبه بالفيل غرق في النيل، وترك مكانه، فتراكمت عليه الرمال والأعشاب، وظلت تتكاثر إلى أن أصبحت جزيرة، يحيط بها الماء من كل الجهات، فُزرعت أيام صلاح الدين الأيوبي وطرح البحر بجوارها ، فاتصلت بأرض بولاق وأرض الطبالة وأرض البعل وأرض منية السرج، وفي أيام المنصور قلاوون أنشأ الأمراء والأعيان بجزيرة الفيل الدور والقصور والبساتين، حتي صارت بلدا كبيرا