"عاد بـ 14 تابوتًا للعجل "أبيس".. تفاصيل زيارة الأمير رودولف إلى الشرق

"حكايات عابرة" كتاب للمؤلف الدكتور حمدى البطران، رصد خلاله الكثير من الحكايات التى تؤرخ حقبة تاريخية في مصر أثناء الحملة الفرنسية على مصر وما تلاها، ورصد خلال صفحاته أهم الشخصيات الأوروبية والأجنبية التي كتبت عن مصر في تلك الحقبة ودونت تاريخها بكافة تفاصيله.

ومن ضمن الحكايات التي دونها البطران في كتابه حكاية الأمير رودولف ووصفه للشرق، فقال المؤلف: قام الأمير رودولف أحد الأمراء المهمين في آل هبسبرج برحلته في عهد الخديوي إسماعيل، وقد قطع مصر من أقصاها إلى أدناها، فزار الإسكندرية وسواحل مصر الشمالية.

 
وفي عهد الخديوي إسماعيل جاء إلى مصر الأرشيدوق رودولف من أمراء مملكة النمسا وكانت النمسا وقتها تحت حكم الإمبراطور فرانسوا جوزيف، وقد سجل الأمير رحلته في كتاب بعنوان "رحلة الأمير رودولف إلى الشرق" وترجمه إلى اللغة العربية بعد ذلك الدكتور عبد الرحمن عبد الله الشيخ ضمن مشروع الألف كتاب الثانية الذي قامت به الهيئة العامة للكتاب.

وخلال جولته أعجب بالآثار المصرية، فطلب من الوالي عباس باشا أن يهديه شيئا منها، فأهداه الكثير منها، ولكن هناك احتمال بأن يكون الأرشيدوق مكسمليان هو نفس الأرشيدوق الألماني الذي تكلمت عنه الرحالة الإنجليزية إميليا إداوردز التي زارت مصر عام 1874 في كتابها "رحلة الألف ميل" وذكرت إيميليا أنه جاء إلى منف شخص وصفته بأنه شاب غريب ومبجل في أن واحد.
حكاية الـ 14 تابوتًا للعجل أبيس
ورصدت إميليا إداوردز، أن أرشيدوق هو الذي جاء إلى مصر للاستمتاع فحمل معه 14 تابوتًا للعجل أبيس الذي اكتشف مارييت مقبرته في معبد السرابيوم بمدينة منف، وهي المجموعة المعروفة بمجموعة ميرامار والموجودة حاليا بمتحف فيينا، فقد حملها الإرشيدوق إلى الإسكندرية ومنها إلى مدينة تريستا اليونانية.
رودولف وصيد الحيوانات
ولكن الأمير رودولف كانت زيارته نزيهة ولم يكن طامعًا في الآثار مثل سلفه مكسمليان، ولكنه كان يهوى صيد الحيوانات البرية والصقور والطيور الغريبة.

وخلال جولته، قام بزيارة الإسكندرية وسواحل مصر الشمالية، القاهرة والفيوم، وطاف  صعيد مصر حتى أسوان، وقام بوصف رحلته النيلية والظواهر الجغرافية، وأبدى انبهارًا بآثار مصر المقدسة على حد تعبيره، وعاد من أسوان ليقيم في القاهرة فترة أخرى ثم توجه إلى بورسعيد، وعبر قناة السويس، وتجول في البحر الأحمر، وبعدها توجه إلى الشام وزاور بعض موانيها واتجه إلى القدس الشريف، ثم عاد إلى فيينا، هذا ملخص جولته للشرق.
كرم الخديوي إسماعيل مع الأمير رودولف
وخلال زيارته إلى مصر، وضع الخديوي إسماعيل تحت تصرف الأمير بعض مركباته التي تجرها الخيول، كانت المركبات وخيولها إنجليزية، أما الخدم فكانوا بدون استثناء فرنسيين، وكان زيهم أوروبيا تمامًا ليس فيه من الشرق إلا الطربوش، أما خارج المركبات فكان هناك من يجرون دائما أمامها وهو يصخبون ويصيحون بلا كلل ولا ملل، وكانوا يلبسون ملابس غريبة بأكمام واسعة بيضاء وفي أيديهم هراوات طويلة، وكانوا نحال البنية وأقدامهم رشيقة.
عدم التفرقة بين المسلمين والأقباط
وخلال جولته إلى مصر لم يجد الأمير أي فرق عرقي بين المسيحيين والمسلمين في سوق الحمزاوي الذي يمتلئ بالتجار المسيحيين واليهود في حي الجواهرجية، وفي حي النحاسين، وكان يرى الأمير أن البربر يشكلون جزءًا من سكان مصر خاصة في الصحراء الغربية, وقد رآهم يعملون جنبًا إلى جنب مع النوبيين في حراسة مراكز الصرافة وبيوت المال.
تاجر آثار أعمى
وقد زار الأمير قبر محمد على في القلعة، ويقول إنه سمح لنا باجتياز الشبك الذي يشكل سورًا حول القبر، لننظر إلى الضريح الذي يضم رفات الرجل العظيم، ومن المصادفات الغريبة التي شاهدها الأمير الألماني في مصر تاجر آثار أعمى.
بماذا وصف رودولف المصريين؟
وفي كتابه الذي رصد لنا بعض فقراته البطران، قال الأمير في وصفه لمصر: يجيد المصريون إعداد الوجبات في الخلاء كما يجيدون نصب الخيام بسرعة وبشكل مريح  ولا أحد يباريهم.. سعيد من يسافر معهم وفي الصباح الباكر رحنا نلاحظ أسراب طيور الماء أثناء تجوالنا على شاطئ الجزيرة لاختيار الأماكن المناسبة لتمركزنا وما كدنا نغادر الخيام حتى رأينا انسرابا من الغاق وانواعا من البط البري والبلشون والبجع الذي يبعث منظره على السرور وقد ذهبت أنا والدوق الكبير.. واختبأنا بين شجيرات الصفصاف ومر علينا كل أنواع الطيور.
حصيلة رحلة الصيد للأمير رودولف
فأطلقنا الرصاص وكانت النتائج مثمرة فلم نكن نمكث إلا قليلا ونطلق طلقات أخرى وكان حصادنا غير عادي  6 ذئاب وشقين (حيوان أصغر من النمر)، و7 ثعالب ونمسين وأرنبين بريين وأربع بجعات ونسرين من نسور النهر وأحد صقور الجيف ونسر إفريقي جارح ومائة وسبعين طائرًا صغيرًا كان من بينها أنواعا غريبة.
رودولف يصف الكتب خانة الخديوية
ووصف الأمير بعض مشاهداته في القاهرة الكتب خانة الخديوية ويقول إنها ذات رصيد كبير من الكتب وتحتل مبنى كبير في أحد الشوارع القديمة ومدير هذه المؤسسة ألماني استخدم خبرته وتدريبه العلمي في ترتيب المجموعات الثرية التي كانت قبل هملا بغير نظام.