حضرة العمدة.. دينا: واجهت تحديًا فى تجسيد مشاعر ألم الختان (حوار)
- اللهجة الريفية كانت صعبة لكننى أتقنتها بفضل التدريب المستمر
- بمجرد قراءة السيناريو سألت نفسى كيف تناقش كل هذه القضايا فى عمل درامى واحد؟
- خبرة عادل أديب وأسلوبه الراقى فى مساعدة الممثل سر الكيمياء بيننا
النجمة دينا فنانة أثبتت نفسها وتركت بصمة حقيقية فى مجال التمثيل، فلا يوجد دور تقدمه إلا وتبرع فى إخراجه على أفضل ما يكون، وقد حققت نجاحًا مبهرًا فى تقديم شخصية «سهير» فى مسلسل «حضرة العمدة»، المعروض خلال الموسم الدرامى الرمضانى الحالى.
واعتبرت دينا، خلال حوارها مع «الدستور»، «سهير» شخصية مميزة وثرية للغاية، لأنها ترصد قضية «ختان الإناث» وتداعياتها على مستقبل الفتيات، مشيرة إلى أن ذلك هو ما دفعها للموافقة على تقديم الشخصية.
وقالت إن إتقان اللهجة الريفية التى تتحدث بها الشخصية كان أمرًا صعبًا عليها، لكنها بعد التدريب عليها مع مصحح اللهجة ياسر الرفاعى، صار الأمر سهلًا بالنسبة لها، لافتة إلى أنها حرصت على التركيز على كل تفاصيل الملابس والإكسسوارات وتسريحة الشعر والحجاب لإخراج الشخصية فى أفضل صورة.
وإلى نص الحوار..
■ بداية.. ما طبيعة ردود الأفعال التى تلقيتها حول «حضرة العمدة»؟
- ردود الأفعال كلها قوية وإيجابية للغاية، ويسعدنى كثيرًا أن الجمهور يميز جيدًا، وأعتقد أن هذا النجاح بدأ مع طرح الأغنية الدعائية للمسلسل «اللى يهرى يهرى» للنجم مدحت صالح قبل بدء عرض العمل، وهو أمر يعكس ذكاء المشاهد، وعشقه للأعمال الاجتماعية المليئة بالإثارة والتشويق والغموض.
وهنا يجب أن أشكر الكاتب الكبير إبراهيم عيسى، الذى يرصد ويناقش عدة قضايا اجتماعية وإنسانية مهمة للغاية فى المسلسل، وبمجرد عرض أولى الحلقات، تصدر المسلسل «الترند» وسجل نسب مشاهدة عالية.
والجمهور بدأ يتساءل ويبحث بشكل مستمر عن الأحداث والقصة ومسار الشخصيات، وأتمنى أن تستمر حالة الشغف هذه لدى الجمهور، لأن هناك الكثير من المفاجآت والأحداث المشوقة فى الحلقات المقبلة.
■ لماذا قدمتِ شخصية «سهير»؟
- «سهير» بالنسبة لى شخصية مميزة وثرية جدًا، وسعدت بتقديم دور فلاحة لأول مرة، وتناول ورصد قضية «ختان الإناث» تحديدًا وتداعيات تلك الجريمة ونتائجها المستقبلية على الفتيات، باعتبارها تتسبب فى هدم الحياة الأسرية بين الزوجين، كل هذا كان سببًا كافيًا بالنسبة لى لأوافق وأتمسك بالشخصية، لأنها تضم جزءًا إنسانيًا وتوعويًا للجمهور.
وعندما تحدث معى الأخ والصديق العزيز المنتج ريمون مقار، الذى رشحنى لشخصية «سهير»، وقرأت السيناريو «اتخضيت وانبهرت فى نفس التوقيت»، وقلت لنفسى كيف تتم مناقشة كل القضايا فى عمل درامى واحد، كل هذا فى ٣٠ حلقة فقط خالية تمامًا من المط والتطويل، لذا وافقت دون تردد؛ ووجدت المسلسل كله حقيقيًا ومكتوبًا ومحبوكًا بطريقة رائعة، ويتناول نماذج إنسانية وقضايا مجتمعية أساسية لا يمكن إغفالها، خاصة فى الدور الذى أؤديه.
وجدت «سهير» شخصية جديدة تمامًا علىّ، لم أتوقع أن أجسدها فى يوم من الأيام، لكننى انجذبت لها وكان لدىّ شغف رهيب لتقديمها.
■ ما الصعوبات والتحديات التى واجهتِها فى تجسيد «سهير»؟
- كما قلت، «سهير» بالنسبة لى من أصعب الشخصيات التى قدمتها فى مشوارى، وحرصت على أن أقدمها على أكمل وجه، وتدربت كثيرًا على اللهجة الفلاحى، وكانت بالنسبة لى هى الأكثر صعوبة، فى أول يومين فى التحضيرات والتصوير، لكن بمجرد ما لبست عباءة الدور وتدربت مع مصحح اللهجة ياسر الرفاعى لإتقان الدور، وجدت الأمر أكثر سهولة وأحببت الشخصية جدًا، وحرصت على التركيز فى تفاصيل الملابس والإكسسوارات وتسريحة الشعر وارتداء الحجاب فى كثير من المشاهد، مع الاستايلست جيهان فاروق، ومسئول سكريبت الملابس نهى عصام.
■ تقديم شخصية مركبة ليس جديدًا عليكِ.. لكن ألم تكن لـ«سهير» تحضيرات خاصة؟
- بالطبع، شخصية «سهير» تعد من أصعب الشخصيات التى قدمتها فى حياتى، هى ليست مجرد شخصية تعانى من ألم نفسى رهيب بسبب عملية الختان التى تعرضت لها فى فترة طفولتها، بسبب العادات والتقاليد والجهل الموجود فى بعض القرى، مثل قرية «تل شبورة»، وهى قرية رمزية فى الأحداث، إلا أنها إنسانة تمر بمرحلتين أصعب من بعضهما فى الوقت نفسه، وهذا كان مرهقا ذهنيًا، والدور صعب لأى ممثل، خاصة أن هناك بعض المشاهد كان يجب أن تظهر فيها ضعيفة أمام نفسها، وفى نفس الوقت تظهر أمام أهالى القرية قوية بشخصية «سهير عارف الفارس» بنت الأكابر ابنة عائلة الفوارسة، صاحبة الشخصية الصلبة التى لا يكسرها أحد مهما كانت الظروف، فالشخصية صعبة جدًا وتحتاج إلى التركيز الشديد مع التفاصيل الظاهرية أو الشكلية إضافة إلى المضمون، خاصة أن الشخصية كما قلتِ مركبة، وهناك بعض المشاهد تجمعنى بالنجمتين وفاء عامر وبسمة تتضمن جزءًا «لايت كوميدى» وبها «كيد نساء»، وهناك مشاهد كثيرة تحمل قدرًا من الدراما لها علاقة بحياة «سهير»، والأصعب مشاعرها المتعلقة بتعرضها لختان الإناث، وعلاقتها بزوجها الذى يجسده الفنان أشرف طلبة.
■ المجلس القومى للمرأة وجه رسائل داعمة للعمل بسبب مناقشته قضية الختان.. كيف وجدتِ ذلك؟
- بالتأكيد سعدت جدًا وفخورة بالحملات التى يطلقها المجلس القومى للمرأة، للحفاظ على حقوق الفتيات والسيدات، ومشكلة وجريمة «الختان» رغم أن الدين حرمها والقانون جرمها، إلا أن هناك البعض فى المجتمعات الريفية حتى الآن لا يعبأ بالقانون بحكم الجهل، فالختان يتسبب فى تشويه الفتيات، كما يتسبب فى أضرار صحية ونفسية تعانى منها الأنثى طوال حياتها، وخاصة فى الحياة الزوجية، حيث يؤدى إلى تشوه تلك العلاقة الخاصة، ويقود فى كثير من الأحيان إلى هدم الأسرة.
لذا وجب علينا التنويه والدفاع عن حق الفتيات فى أن يعشن بكرامتهن دون إهانة، ودون تشويه ومخالفة لما جاء فى القانون والدين، كما أن ختان الإناث شكل من أشكال العنف الذى تتعرض له الفتيات، ولا يمكن نسيان الجريمة حتى مع مرور الزمان.
■ كيف ترين الأعمال الدرامية التى ترصد «تمكين المرأة» بوجه عام؟
- هناك من يقول إن المرأة نصف المجتمع، وجزء كبير منه، لكن أنا أرى وأؤكد أن المرأة كل المجتمع، هى الأم والأخت والزوجة والابنة والعاملة وربة المنزل والفلاحة والصعيدية والوزيرة.
المرأة عمود من الأعمدة الرئيسية والمهمة فى بناء مجتمع واعٍ وهادف، «الستات شقيانة» طول عمرها، واستراتيجية تمكين المرأة تحديدًا، أوصى بها رئيس الجمهورية، الذى يعى ويقدر حقوق المرأة جيدًا، وجاءت واضحة فى عدة محاور، وهى تعزيز الأدوار القيادية للمرأة، والتمكين الاقتصادى، والتمكين السياسى، والتمكين الاجتماعى، فضلًا عن الحماية والعمل الجاد على تغيير ثقافة المجتمع نحو المرأة، وتعزيز سبل حصول المرأة على كامل حقوقها القانونية، لذلك أدعم وبقوة تلك الأعمال الدرامية التى تنير وتبرز حقوق وتمكين المرأة، وتناقش قضاياها وحقوقها القانونية، التى تحسن وتعلى من شأنها، وتضعها فى المكانة التى تليق بقيمتها وقدراتها وتضحياتها على مدار التاريخ.
لذلك يصعب على أى فنان يقدر ويحترم دور المرأة ودور الفن فى المجتمع، أن يرفض أى عمل يناقش قضايا تخص المرأة أو قضايا مجتمعية مثل المطروحة فى «حضرة العمدة» الذى يتناول زواج القاصرات وأضراره ونتائجه أو ختان الإناث، وتمكين المرأة، إضافة إلى الهجرة غير الشرعية، وتجارة الآثار والمخدرات وغسيل الأموال وغيرها.
■ تعاونتِ أكثر من مرة مع المخرج عادل أديب.. ما سر الكيمياء الموجودة بينكما؟
- نعم، هذا التعاون هو الرابع بينى وبين المخرج العبقرى عادل أديب، الذى أعتبره مدرسة فى عالم الفن والدراما، وتعاونت معه من قبل فى «نقل عام» و«غرابيب سود» وغيرهما، وبالفعل بيننا كيمياء رهيبة فى العمل، لأن له أسلوبًا خاصًا جدًا فى الإخراج وهو مخضرم ومريح فى التعاون، ولا يترك تفصيلة واحدة فى الشخصية إلا ويدرسها مع الفنان، فهو يحب الممثل إلى أقصى درجة، ولديه قدرة على تطوير أدائه بشكل رهيب، ويرغب دائمًا فى أن يظهر الممثل تحت قيادته بشكل مختلف عن الأعمال الأخرى، ولذلك سيجد المشاهد أن دورى فى «حضرة العمدة» مختلف بشكل كامل عن دورى فى كل الأعمال التى قدمتها من قبل.
أما على المستويين الإنسانى والشخصى، فهو من أكثر وأقرب الأشخاص الذين أعتز بصداقتهم للغاية، هو إنسان جدع وواضح وصريح بدرجة لا يتخيلها أحد.
■ ما شكل التعاون بينك وبين النجمة روبى؟
- سعيدة جدًا بالتعاون مع روبى، على المستوى الإنسانى، فهى شخصية لطيفة وطيبة ولا يوجد أى صعوبة فى التعاون معها، وعلى المستوى المهنى هى هادئة وواثقة من نفسها وتتأنى فى خطواتها، ودائمًا تثبت قدرتها على تقديم الألوان والشخصيات المختلفة، وأنا أتمنى لها كل التوفيق وأتمنى تكرار التعاون بيننا فى أعمال أخرى.
■ كيف رأيت مسلسلات الـ١٥ حلقة فى موسم دراما رمضان؟
- على الرغم من قلة عدد الأعمال المطروحة هذا العام، مقارنة بأعداد المسلسلات الأعوام السابقة، فإن الحالة الدرامية هذا العام مبهرة، وبها تنوع كبير بين الوطنى والاجتماعى والكوميدى والتراجيدى، أرى أن الموضوع يتوقف على المحتوى ليس أكثر، فهناك أعمال تحتمل أن تُصنع فى ٣٠ حلقة ولا يكون هناك أى مط، وهناك أعمال يجب أن تكون قصيرة ولا تتحمل أكثر من ١٥ حلقة، أو حتى ٧ أو ١٠ حلقات، وهذا كله يتوقف على المضمون والسيناريو والأحداث المطروحة أمام المؤلف، وبصراحة وجدت محتوى كل الأعمال الدرامية هذا العام جذابًا ومتفردًا، وهنا أشكر كل المبدعين والمؤلفين والمخرجين المشاركين، والشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التى تهتم بالشراكة الإنتاجية مع كبار الشركات، ولم تبخل بشىء للمساهمة فى تنمية الوعى والارتقاء بالقوى الناعمة.
■ معنى ذلك أنك لا تميلين إلى الدراما الطويلة عن القصيرة؟
- أكثر ما يشغلنى هو السيناريو والجمهور، لا أهتم بحجم الدور أو عدد الحلقات قدر اهتمامى بالمحتوى والدور الذى سأقدمه ويترك بصمة مع المشاهدين، وفى النهاية العمل الجيد المكتوب بحرفية يفرض نفسه أيًا كان عدد الحلقات، وأنا أقدم أو حتى أشاهد أى مسلسل جيد دون النظر إلى عدد حلقاته، المهم أن يكون مكتوبًا بحرفية وتكون جودته وقيمته عالية.