رمضان النجوم.. عبد الوهاب يرهن معطفه وساعته ليفطر في باريس (1)
يرتبط شهر رمضان في أذهان المصريين بالطقوس الروحانية الخاصة بالشهر الكريم وذكريات الطفولة عن هذا الشهر، ونجوم الفن والأدب والإبداع مثلهم مثل بقية المصريين ترتبط أذهانهم بذكريات معنية عن الشهر الكريم.
في سلسلة حلقات “رمضان النجوم” تستعرض الـ “الدستور” جانبًا من هذه ذكريات هؤلاء النجوم في الشهر المبارك.
موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، يرتبط شهر رمضان في ذهنه بالموقف المحرج الذي تعرض له في باريس ويحكي عبد الوهاب لـ"الكواكب" عن هذا الموقف والذي نشرته المجلة في عددها الـ 552 بتاريخ 27 فبراير 1962.
ــ عندما ضاعت الفرنكات
يستهل صاحب “الجندول” محمد عبد الوهاب حكيه قائلا: كنا في باريس وحل علينا شهر رمضان، وحدث أن انتهت كل النوقد التي كانت معي، وأويت إلي فراشي ذات ليلة، وكل ما أملكه نحو عشرين فرنكا، والجنيه المصري في ذلك الوقت كان يساوي نحو مائتي فرنك أي أنني لم أكن أملك إلا عشرة قروش.. وفين؟ في باريس علي أنني كنت مطمئنا إلي أنني في الصباح سأذهب إلي البنك لأصرف الشيك الذي معي، ويعمر جيبي بالآلاف الفرنكات، وأمرت خادم الفندق بأن يوقظني في الصباح المبكر حتي لا يفوتني صرف الشيك. غير أن الذي حدث أن الخادم تأخر في إيقاظي، وبعد أن أرتديت ملابسي علي عجل وهرولت إلي البنك وجدته قد أغلق أبوابه، وكانت الكارثة، فقد واجهتني أعقد مشكلة في حياتي، وهي مشكلة الأكل.
ــ صديق مصري قد يحل المشكلة
ويتابع عبد الوهاب: رحت أطوف بمقاهي باريس لعلي أعثر علي أحد، ورأيت نفسي أخيرا أخذ طريقي إلي "جامع باريس"، حيث يقع بجانبه المطعم الشرقي الذي يملكه أحد المصريين وكنت أعرفه، ويعرفني، ولم يكن صاحب المطعم صديقي موجودا في ذلك الوقت، ومع ذلك لم أتهيب الموقف وجلست انتظر حتي حان موعد الإفطار، ثم طلبت طعاما كثيرا يملأ معدتي التي كان الجوع يعتصرها.
ــ عبد الوهاب يرهن معطفه وساعته للإفطار
وأكلت وشبعت وانتظرت حضور صاحب المطعم، صديقي لآسر له بالموضوع كله لكنه لم يحضر، وأخذت أتلكأ في تناول الطعام لعله يحضر، ومن حولي العيون كلها تتفحص هذا الرجل الذي مضي عليه أكثر من ساعة وهو يتناول طعامه، ولم يكن هناك بد من التصرف، فناديت علي كبير الخدم في المطعم وكان مصريا، ورويت له الحكاية وخلعت ساعتي من معصمي، وخلعت أيضًا معطفي ورجوته أن يكونا رهنا عنده حتي صباح اليوم التالي، لكن الرجل رفض هذا العرض وقال إن ثمن الطعام قد دفع منذ اللحظة التي دخلت فيها المطعم، بل أنه كان كريما إذ أنه أخذ مني الشيك ودفع لي قيمته فورا، وكانت نجدة، دفعت منها بقشيشات طيبة لبقية الخدم.