فى شهر المرأة.. من هى الفنانة التى غيرت مقاييس الجمال المصرى؟
حتى أربعينيات القرن المنصرم، كانت مقاييس جمال المرأة، تميزها بامتلاء الجسد، إلا أن الفنانة زينب صدقي، والتي لقبت بـ«شكسبيرة الزمالك»، غيرت تلك المقاييس للنقيض.
وبحسب محرر مجلة "الكواكب" في عددها الـ258 والصادر بتاريخ 10 يوليو 1956، أن الجمال كان على المسرح منذ أربعين عامًا يتجه إلى الوزن الثقيل، وكان المطلوب من الفتاة الجميلة أن تكون فيلًا أبيض، إذا خطرت على المسرح اهتزت خشبته ومالت قوائمه، ثم مالت معها قلوب الذين يعشقون الجمال الضخم الرائع.
ثم جاء وقت تحرر المسرح فيه من هذه الأوزان الثقيلة، وأضحى الجمال فيه مقصورًا على الرشاقة، وبدلًا من أن تكون الممثلة عمارة إيموبيليا، أصبح من الواجب أن تكون في رقة غصن البان.
ـ هكذا غيرت زينب صدقي مقاييس جمال الفنانات
ويتابع محرر الكواكب لافتًا إلى: وجاءت زينب صدقي إلى المسرح، وكانت ذات جمال تركي أصيل، حتى اعتقد الكثيرون أنها أخت المرحوم إسماعيل صدقي السياسي القديم، وغزت زينب صدقي المسرح بطائفة من "التقاليع" التي تغري المعجبين بالالتفاف حولها والتهافت على التقرب منها، فأحاطت نفسها بعدد من السكرتيرات، بحيث لم يكن من المستطاع أن يلقاها صحفي أو معجب إلا بعد الاتفاق على موعد سابق.
ــ مواكبة أحدث خطوط الأزياء
وسايرت زينب صدقي التطور الحديث في الأزياء، فبرزت في الوسط الفني ونجحت في اجتذاب الأنظار إليها إلى جانب ما كانت تتمتع به من مواهب فنية ممتازة وشخصية تسيطر وتتحكم.
واحتلت صورها الكثير من المجلات الفنية التي كانت تصدر في ذلك الوقت، وفي ذلك الحين كان الشباب يحتفظون بصورها في حافظات نقودهم، وفي كتبهم وفي منازلهم، وكانت صورتها تحتل كل مكان.
وربما كانت زينب صدقي أول ممثلة في مصر تلقت خطابات الإعجاب في كثرة مذهلة، حتى أنها اتخذت لها سكرتيرًا خاصًا للرد على هذه الخطابات.
وكانت خطابات هؤلاء المعجبين بمثابة مباريات في الشعر الذي يصف الشوق والصبابة وتتغزل في المحاسن واللطافة، وكثيرًا ما كانت زينب صدقي تجلس للرد على بعض هذه الخطابات وتشتم المعجبين بها لأنهم سرقوا أشعارهم من مجنون ليلى وكثير عزة والبحتري.
ــ سر المعركة بين فاطمة رشدي وزينب صدقي
ويمضي محرر الكواكب مشيرًا إلى التنافس بين فاطمة رشدي وزينب صدقي، والذي وصل إلى تدبير المقالب بين بعضهما البعض: وبدأت زينب صدقي تعاني من جراء المنافسة بينها وبين زميلاتها، وتتورط في الكثير من "المقالب" التي تدبر ضدها، ولكنها كانت لا تعير هذه المقالب التفاتًا.
وحدث أن نشبت بينها وبين زميلتها في المسرح فاطمة رشدي معركة حامية استعملت فيها كافة وسائل القتال النسوي، من صراخ وجذب شعر، وغيرت هذه "الخناقة" وجه المسرح المصري، فأعجب لهذه الأسباب التافهة التي يكون لها أبعد الأثر في تغيير التاريخ.
وكان سبب المعركة أن اتهمت فاطمة رشدي زميلتها زينب صدقي بأنها سخرت من تمثيلها وهي على المسرح، وطلبت فاطمة رشدي من يوسف وهبي أن يطرد زينب صدقي من الفرقة، على أن يوسف وهبي رفض هذا الطلب.
وكان أن خرجت فاطمة رشدي ومعها عزيز عيد لتؤلف فرقة مسرحية باسمها وتدور بينها وبين فرقة رمسيس منافسة حادة تقضي على الفرقتين.
ــ زينب صدقي ملكة جمال بأمر الجمهور
وفي عام 1930، أقامت إحدى المجلات الأجنبية في الإسكندرية مباراة لاختيار ملكة للجمال، وكانت زينب صدقي تشهد هذه المباراة دون أن تشترك فيها، غير أن الجمهور أصر على اختيار زينب صدقي ملكة للجمال.
ورفضت اللجنة المنوط بها اختيار ملكة الجمال أن تعترف بزينب صدقي؛ لأنها لم تشترك في المباراة، وكان رد الجمهور على هذا الرفض أن اعتدى على أعضاء اللجنة بالضرب المبرح.
ــ صالون زينب صدقي الثقافي
ويختتم محرر الكواكب مشيرًا إلى نشاط زينب صدقي الثقافي والأدبي: ومنذ سنوات كانت زينب صدقي تقيم ندوات أسبوعية في بيتها يشهدها الأدباء والنقاد والشبان المثقفون المحبون للمسرح، وكانت زينب صدقي تتصدر هذه الندوات وتتحمس لأدب شكسبير حتى لقبتها المجلات الفنية بلقب "شكسبيرة الزمالك"، إذ كانت في ذلك الحين تقيم في الزمالك.
وكان الروائي الراحل مكاوي سعيد قد ذكر قصة "شكسبيرة الزمالك" هذه، وأشار إلى صالون الفنانة زينب صدقي في كتابه الأخير "القاهرة وما فيها"، والذي صدر دون أن يراه.