صاحبة أشهر أغنية عن الشهداء تقابل شهيدها.. سر «أم البطل» لشريفة فاضل
«ابني حبيبي يا نور عيني بيضربوا بيك المثل، كل الحبايب بتهنيني طبعًا مانا أم البطل».. غنتها بقلب أم مكلومة على فلذة كبدها البطل سيد السيد بدير شهيد حرب الاستنزاف؛ حتى نزفت أحبالها الصوتية من شدة تأثرها ومقاومتها لدموعها التي حبستها لتظهر قوية متفاخرة حين تحقق النصر واحتفل به الوطن العربي بأكمله، وبكل عز وشموخ وقفت على خشبة المسرح تردد: «يا مصر ولدي الحر شق الرمال عدى المُحال زرع العلم طرح الأمل.. وبقيت أنا أم البطل».
لم تكن المطربة الراحلة شريفة فاضل، تعلم أن نزيف أحبالها الصوتية ودموعها المعصومة كانا سحرًا ممتد المفعول يتسلل إلى قلوب قريناتها من أمهات الشهداء على مر الأجيال، فور سماعهن للأغنية التي كانت تنزل على قلوبهن كالثلج الذي يطفئ النار في جوف الجبل، فشدت بكلماتها عزائمهن وحولت حزن قلوبهن إلى فخر وتباهي بقولها: «يا مصر ولدي الحر.. للعالم وصلت أخباره، بشجاعته وتحريره لأرضه، اتلموا اخواته وأعمامه من كل بلد عربي جنبه.. صدق اللي قال وقفة رجال».
«كل يوم قبل ما أنام لازم ابص على صورة ابني البطل الشهيد وأسلم عليه وادعي له ولكل الشهداء.. باتمنى أشوفه في الحلم ويجمعنا لقاء قريب».. جملة ظلت ترددها شريفة فاضل في كل لقاء تليفزيوني لها تُعبر بها عن شدة شوقها لنجلها الشهيد الراحل، وكأنها ترسل له برقية حب، في عالمه الآخر، تخبره فيها أن اللقاء قريب مهما مرت السنوات، وفي فجر اليوم 5 مارس 2023 أذن المولى لشوقها أن يهدأ، ولروحها أن تصعد لبارئها؛ ويحين اللقاء بينها وبين فلذة كبدها، ويسكن جسدها بجوار جسد ابنها البطل الشهيد، بعد 55 عامًا من الفراق.
لُقِبت المطربة الراحلة شريفة فاضل بلقب أم البطل عقب غنائها لتلك الأغنية التي أهدتها لأمهات الشهداء، فأصبحت هي الأغنية الرسمية التي يرددها المصريون في جميع احتفالاتهم الوطنية وخاصة يوم الاحتفال بيوم الشهيد من كل عام، ومنها انطلق عُرف الشال الأبيض الذي ترتديه أمهات الشهداء في جنازات الأبطال الراحلين، بدلًا من لون الحداد الأسود، وكأنها تزف جسد ابنها العريس للعالم الآخر، وتتفاخر بين العالم بأنها أم لشهيد ضحى بروحه من أجل وطنه.. وداعًا أم الشهيد البطل.