إنسانية واخوة
سوريون وأتراك لـ«الدستور»: زيارة سامح شكرى لدمشق وأنقرة تؤسس لمرحلة جديدة
أكد سياسيون ونواب من سوريا وتركيا أن زيارة وزير الخارجية سامح شكري أمس إلى دمشق وأنقرة، أظهرت التضامن والدعم المصري للبلدين في مواجهة تبعات الزلزال الذي أسفر عن مقتل وإصابات عشرات الآلاف، كما أن الزيارة تدشن لمرحلة مهمة في تاريخ منطقة الشرق الأوسط.
الجفا: زيارة شكرى إلى سوريا لها دلالات مهمة
قال الدكتور محمد كمال الجفا، المحلل السياسي السوري الخبير العسكري، إن زيارة وزير الخارجية سامح شكري لدمشق في أول زيارة لسوريا بعد 10 سنوات، لها معانيها ودلالاتها على المستوى الشعبي أولا بين الأشقاء، وعلى المستوى الرسمي بين قيادات البلدين.
وأضاف «الجفا» فى تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن تلك الزيارة انتظرها السوريون كثيرا وكان لوصول وفد الإنقاذ المصري إلى سوريا وبعدها بدء تدفق المساعدات الإغاثية إلى سوريا وتوجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بكلامه الإنساني والأخلاقي والمفعم بمشاعر الحب والتقدير نحو الشعب السوري والمحنة التي تعرض لها، حيث قال السيسي، خلال مؤتمر صحفي على هامش القمة العالمية للحكومات، إنه طلب خلال جلسة مع الشيخ محمد بن زايد، مساعدة سوريا، مشيرا إلى أن الرئيس الإماراتي أبلغه بأن أبوظبي ترسل 8 طائرات كل يوم.
وأشار الجفا إلى أن هذه الكلمات التي تم تناقلها على جميع وسائل التواصل الاجتماعي وعلى المواقع السورية ومواقع الأخبار المحلية كانت أهم كلام ينقل عن أعلى سلطة سياسية في مصر باتجاه إخوته السوريين، وأنست السوريين في الداخل كل سنوات الجفاء التي عاشوها لبعدهم عن أشقائهم في مصر.
وتابع "الجفا": صحيح أن العنوان العريض لهذه الزيارة هو أنها زيارة رسمية إلى تركيا وسوريا للإعراب عن موقف مصر الدولة والشعب المتضامن مع الشعبين جراء كارثة الزلزال واستعدادها لتقديم وسائل الدعم حيال الأزمة لكن الحقيقة أنها زيارة رسمية وسياسية بامتياز وتؤسس لمرحلة جديدة من التعاطي والتنسيق والتكامل ما بين البلدين الشقيقين".
وأكد الجفا أن هذا ما كانت تنتظره سوريا من أشقائها ومن عمقها العربي طي صفحة سنوات العشرية السوداء والبدء بتقطيب الجراح السورية ولملمة الشروخ في العلاقات العربية مع سوريا وبدء العودة التدريجية لسوريا لممارسة دورها ضمن منظومة العمل العربي المشترك وإعادة تفعيل خطوط التواصل والنقل الجوي والبحري والتبادل التجاري ما بين سوريا ومحيطها العربي وخاصة مصر ولكي نطوي سنوات الهجر والجفاء الذي فرضت على شعوب المنطقة بأكملها.
وقال الجفا: نتوقع الكثير ونعول الكثير من جراء هذه الزيارة، صحيح أنها زيارة تضامن ودعم وتعاطف مع سوريا وشعبها لكنها زيارة سياسية بامتياز وسيتم البناء عليها خطوات إيجابية لرأب الصدع العربي وربما ستكون أهم لبنة في سبيل عودة سوريا إلى الجامعة العربية وربما تؤسس لحضور سوريا مؤتمر القمة العربية القادم في السعودية.
وحول نتائج تلك الزيارة خلال الفترة المقبلة، قال الجفا إن إعلان وزارة الخارجية المصرية المفعم بالمشاعر الإنسانية بشأن الزيارة والرسالة التي حملها الوزير شكري للرئيس بشار الأسد واستعدادات الزيارة توحي حتمًا بأنها ستعيد العلاقات السورية إلى جادة الصواب وستؤسس أيضًا لمقاربات جديدة في العلاقات العربية السورية مع دول أخرى مثل السعودية والتي كانت تعتبر ثالوث الاستقرار والتنسيق في مسيرة العمل العربي المشترك خلال سنوات طويلة عبر التنسيق السوري السعودي المصري والذي حقق استقرارا لدول المنطقة عبر سنوات طويلة.
وأعرب الجفا عن توقعاته بمزيد من الانفتاح المصري والعربي وربما يحمل في جعبته دعوة من الرئيس السيسي للرئيس بشار الأسد قبل القمة العربية وربما تفاهمات في ملفات إقليمية أخرى لها دور أساسي في بقاء الملف السوري على صفيح ساخن ومركز للتجاذبات والصراعات الدولية عبر سنوات طويلة.
كما توقع الجفا أن يحمل الوزير شكرى بعض الأفكار والطروحات فيما يتعلق بالتسوية والمصالحة ما بين تركيا وسوريا، حيث إن الدخول المصري على خط المصالحة يعمل على تحصين الموقف السوري ودعمه وربما يكون هناك مشاركة أكبر لمصر في عملية التفكيك التدريجي لكل مخرجات الحرب في سوريا وما نتج عنها من ولادة تنظيمات وخلايا إرهابية تهدد أمن دول العالم بأجمع وليس فقط المنطقة العربية، وهي معنية أيضا وعليها مسئوليات في تفكيك ومحاربة كل التنظيمات الإرهابية التي استوطنت الأراضي السورية خلال السنوات الأخيرة.
حسين راغب: العلاقات السورية المصرية ضاربة فى جذور التاريخ
من جانبه، قال النائب السورى حسين راغب، إن زيارة شكري لدمشق تأتي في سياق نقل رسالة من الشعب المصري إلى أشقائه في سوريا عقب كارثة الزلزال الذي خلف خسائر فادحة، وتأتي تأكيدا على استعداد مصر الدائم لمد يد العون والمساعدة للمتضررين في المناطق المنكوبة، وان مصر حكومة وشعبا لا يمكن أن تتأخر عن مؤازرة أشقائها.
وأشار راغب فى تصريحات خاصة لـ"الدستور" إلى أن هذه الزيارة في هذا التوقيت الحساس الذي تمر به المنطقة والعالم تأكيد أن العلاقات السورية المصرية علاقات ضاربة في جذور التاريخ، حيث جمعت الكثير من الأحداث التاريخية المهمة والمحن والانتصارات المشتركة، فمصر وسوريا هما جناحان لطائر واحد هو الأمة العربية.
وأوضح راغب أن العلاقات السورية المصرية شهدت في التاريخ الحديث محطات مهمة من العمل المشترك، وتمثل الوحدة التي جرت عام ١٩٥٨ أحد تجليات العلاقات المتميزة التي تربط البلدين، وتبعها العديد من التجارب الوحدوية المشتركة كاتفاقية اتحاد الجمهوريات العربية عام ١٩٧١، وكذلك انتصار الجيشين أول انتصار عربي على العدو الإسرائيلي في ٦ أكتوبر ١٩٧٣.
وأكد راغب أن كل ما سبق يجعل من هذه الزيارة ونتائجها المحتملة ضرورة حيوية في خدمة الأمن القومي العربي وقضايا ومجالات العمل العربي المشترك لما تشكله كل من مصر وسوريا قوة لا يمكن تجاهل تأثيرهما الحاسم في تطورات المنطقة وتحولاتها سواء في حالات السلم أو في حالات الحرب.
جواد جوك: زيارة شكرى لتركيا مهمة للمنطقة
وفيما يخص زيارة شكري لأنقرة، قال السياسي التركي جواد جوك، إن زيارة وزير الخارجية سامح شكري إلى تركيا، سبقها اتصال هاتفي مع نظيره التركي، مثمنا تلك الزيارة.
وأضاف جوك فى تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أنهم بعد 10 سنوات ينتظرون قدوم وزير الخارجية سامح شكري إلى تركيا، مؤكدا أهمية تلك الزيارة بالنسبة للمنطقة بشكل عام، وليس فقط لصالح تركيا، لافتا إلى أن زيارة شكري إلى دمشق أيضا مهمة جدا وتعد أول خطوة ملموسة لعودة العلاقات بين الجانبين.
وأعرب جوك عن أمله في أن يتم تعيين السفير التركي والمصري فى العاصمتين القاهرة العامرة وأنقرة.
وأشار جوك إلى أن هناك خطوات مقبلة بين الطرفين فى حال تم التوافق الأولى لعودة العلاقات بين البلدين، لافتا إلى أن القاهرة ستطرح طلبات على الحكومة التركية بشأن الجماعات المتطرفة والإرهابية من بينهم جماعة الإخوان، مطالبا الحكومة التركية بأن تتخذ التدابير اللازمة لإبعادهم عن تخريب العلاقات بين البلدين.
وأكد جوك أن الحكومة التركية فرحة جدًا بهذه الزيارة خاصة فى هذا التوقيت الصعب بالنسبة للشعب التركي، ويثمنون جهود مصر الأخيرة ومن بينها إرسال المساعدات الإنسانية من الأشقاء المصريين إلى تركيا.
بركات كار: تركيا تحتاج للتطبيع مع مصر
وفى السياق ذاته، قال السياسي التركي بركات كار، إن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان مقبل على الانتخابات وبحاجة للدعم وخاصة مصر والجامعة العربية حول التطبيع مع سوريا والتسوية في ليبيا.
وأضاف كار فى تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن تركيا واجهت أزمات اقتصادية وفاقمها الزلزال الأخير، لهذا تحتاج لتطبيع العلاقات مع مصر على كل الأصعدة.