وكيل الأزهر يشهد انطلاق فعاليات مؤتمر «مواجهة الأزمات المعيشية وتداعياتها»
افتتح الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، اليوم الإثنين، فعاليات المؤتمر العلمي الرابع الذي تنظمه كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بمدينة طنطا بعنوان «مواجهة الأزمات المعيشية وتداعياتها.. رؤية شرعية قانونية».
وأكد "الضويني" أن المؤتمر يحاول وضع رؤية شرعية لهذه الأزمات، وهو دليل على هذا الوعي الأزهري، وعلى هذا الحضور الفكري، وهذا التشارك المجتمعي الذي يتحلى به الأزهر ورجاله.
وأعرب وكيل الأزهر خلال كلمته، عن فخره بالوعي العلمي والحراك المجتمعي الذي يقوم به الأزهر، حين يحاول وضع رؤية شرعية قانونية تواجه الانحراف الأخلاقي من استغلال وطمع واحتكار، في وقت أغفل كثيرون واجب البيان، ولم يكشفوا عن الوجه المشرق للإسلام في إدارة الأزمات، وما قدمه من منهج متكامل لحماية الشعوب، ووقاية اقتصاد الدول من الانهيار، وإن هذا الوعي مما تسعد به الأفراد والأوطان والمجتمعات.
وأضاف الضويني أن الإسلام عني بالإنسان، ووضع له ضوابط لحمايته وترشيد سلوكه، حتى يكون حكيما في اتخاذ قراراته؛ ليعيش عيشة هنيئة ويفوز برضا الله عليه، يقول الله تعالى: {فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى}.
وتابع: الإسلام وضع الضوابط حتى يتمكن الإنسان من تحقيق آماله، وتحصيل أقصى إشباع مادي ومعنوي، فبين الإسلام الطيبات وأحلها له وأمره بالإنفاق فيها، وأرشده إلى الأولويات التي يجب مراعاتها عند الإنفاق، حيث يقوم بإشباع ضرورياته ثم حاجياته، ثم الكماليات، وأمره مع ذلك كله بالتزام الاعتدال والوسطية.
وأوضح أن الشريعة الإسلامية حين تأمر بالإنفاق، فإنه ليس غاية في ذاته، وإنما هو إشباع لرغبات الإنسان وحاجاته، مما يرفع من كفاءته وعبادته، وقد دعا الإسلام إلى الإنفاق وحض عليه، وذلك لأنه يؤدي إلى الرواج وانتعاش الأحوال، أما الاستهلاك فيؤدي إلى الكساد والبطالة والركود، فتملك المال في الإسلام ليس غاية في ذاته، وإنما هو وسيلة للتمتع بزينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق، فهو وسيلة لتحقيق مصالح الفرد أو الجماعة التي لا تتم إلا بالمال، الذي استخلف ليحقق به مصالحه.
وأوضح وكيل الأزهر أن أحكام الإسلام فيها نظرة عميقة وحكيمة في تقدير المال والدعوة إلى صيانته، فالمال في يد الفرد ليس ملكا له وحده، وإنما هو بعض مال المجتمع، وهو قوة فاعلة في حياة الأمم، فإذا استخف الأفراد بالمال وضيعوه، وكثر فيهم السفهاء ضاعت ثروة الأمة، وتهاوت أقوى دعامة تعتمد عليها وهي المال.
وأضاف وكيل الأزهر أن منهج الشريعة الإسلامية لا ينتظر وقوع الأزمات، بل يحمي المجتمع من كثير منها بالقضاء على أسبابها، وهذا ليس غريبا على منهج يستمد مبادئه وأدواته من الدين الإسلامي الخاتم، الذي أراده الله لهداية البشرية جمعاء، ولذلك فإن الحرص على تعاليم وأحكام ديننا الإسلامي الحنيف يجنب المجتمع أزمات ومشكلات كثيرة، فالإسلام جاء بمنهج متكامل لإصلاح المجتمع.
واختتم كلمته بالتأكيد على أن العطاء الإنساني والخيري للمسلمين في ظل معاناة الفقراء والمحتاجين في تدبير احتياجاتهم المعيشية ليس أمرا تطوعيا يرجع إلى قناعة الباذل للعطاء، بل هو من الواجبات الدينية والإنسانية التي لا يجوز التخلي عنها، ولا بد أن يقوم المسلم بها عن قناعة ورضا نفس حتى يتربى على العطاء والبذل لكفالة غير القادرين في المجتمع.