متلازمة «الهرس».. مرض يهدد حياة الناجين من الزلازل
أزمة كبيرة تشهدها المستشفيات السورية في الأيام القليلة الماضية، بعد حدوث الزلزال الضخم الذي وقع ضحيته حوالي 40 ألف شخصًا في تركيا وسوريا في 6 فبراير الماضي؛ بسبب النقص الكبير للمستلزمات الطبية والعلاجات المختلفة، ما جعل الأمر خطيرًا بشكل خاص بالنسبة للأشخاص الذين أصيبوا بمتلازمة «الهرس»، وهي حالة مرضية خطيرة تصيب الناجين من الزلازل؛ إثر الضغط على أجزاء من أجسادهم تحت الأنقاض.
كانت أثبتت التجارب السابقة مع الزلازل التي تسببت في أضرار هيكلية كبيرة، أن معدل حدوث متلازمة الهرس هو 2- 15٪، مع ما يقرب من 50٪ من المصابين بمتلازمة الهرس يصابون بفشل كلوي حاد، وأكثر من 50٪ يحتاجون إلى التدخل الجراحي، بينما 50٪ من المصابين بالفشل الكلوي يحتاجون لغسيل الكلى.
مرض خطير
ومن جانبه، قال الدكتور خالد المنيري استشاري أمراض العظام، إنه في أوقات حدوث الزلازل، قد تنجم إصابة الهرس ومتلازمة الهرس عن الانهيار الهيكلي بعد التعرض للضغط تحت على الأطراف أو أجزاء أخرى من الجسم، الأمر الذي يسبب تورمًا عضليًا أو اضطرابات عصبية في المناطق المصابة من الجسم.
وتابع: «المناطق المصابة جراء التعرض لمتلازمة الهرس، تشمل عادةً الأطراف السفلية، الأطراف العلوية، والجذع بنسبة ضئيلة للغاية، ويكون السبب الرئيسي لإصابة الناجين من الزلازل بها هو انهيار عضلات الجسد، وإطلاق مكونات خلايا العضلات التي يحتمل أن تكون سامة في الدورة الدموية».
واستكمل «المنيري» حديثه لـ«الدستور»، مؤكدًا أن: «يمكن أن تتسبب متلازمة الهرس في إصابة الأنسجة المحلية واختلال وظائف الأعضاء، وتشوهات التمثيل الغذائي، بما في ذلك الحماض، وفرط بوتاسيوم الدم، ونقص كالسيوم الدم».
ويشرح استشاري أمراض العظام: «قد يؤدي الإطلاق المفاجئ للطرف المهروس إلى متلازمة ضخ الدم (نقص حجم الدم الحاد واضطرابات التمثيل الغذائي)، كما تسبب هذه الحالة عدم انتظام ضربات القلب المميتة، بالإضافة إلى أن الإطلاق المفاجئ للسموم من العضلات النخرية في الدورة الدموية يؤدي إلى بيلة عضلية، والتي تسبب الفشل الكلوي إذا لم يتم علاجها».
ويضيف: «الضغط المتزايد الناتج عن تقييد أجزاء الجسد (سواء كان ذلك في فخ أو عاصبة) يقلل من الدورة الدموية في المنطقة، فإن انخفاض الأكسجين يتطلب من الخلايا التحول من التنفس الهوائي إلى التنفس اللاهوائي، وفي هذه الحالة تحاول الخلايا إنتاج الطاقة من ثاني أكسيد الكربون الذي يولد كميات كبيرة من حمض اللاكتيك والمواد الضارة الأخرى».
الوقاية الآمنة
أما عن أعراض المتلازمة، يقول: «تظهر بعض العلامات مثل عدم استقرار القلب والأوعية الدموية، انخفاض ضغط الدم وصدمة نقص حجم الدم، وقد يكون هذا بسبب التحول الهائل للسائل من حيز السائل خارج الخلية إلى الخلايا التالفة أو الإصابات المصاحبة التي تسبب فقدان الدم، ومن العلامات الرئيسية أيضًا عدم انتظام ضربات القلب والتقلص العضلي السلبي الثانوي لفرط بوتاسيوم الدم ونقص كالسيوم الدم وفرط فوسفات الدم، فضلًا عن اعتلال عضلة القلب، والإصابة بالفشل الكلوي».
ويوضح «المنيري» طرق الإدارة الآمنة لإنقاذ حياة الناجين من الزلازل الذين أصيبوا بمتلازمة الهرس، وأبرزهم إجراء مسح أولي مع التركيز على مجرى الهواء والتنفس والدورة الدموية، ثم إجراء الوصول عن طريق الوريد والبدء في إنعاش السوائل قبل تحرير الطرف المتعرض للهرس، خاصة إذ كان وقت الانحباس تجاوز الـ 4 ساعات، كما يجب تجنب بتر الأطراف الحادة حتى يصبح الاستخراج مستحيلاً.
ويختتم: «يجب أيضًا مراقبة الأطراف المكسورة من حيث الألم، والشحوب، والتنمل، والألم مع الحركة السلبية والشحوب، بجانب مكافحة انخفاض ضغط الدم عن طريق الترطيب القوي، كما أن الوقاية من الفشل الكلوي ضروريًا للغاية، ويوصى أيضًا بغسيل الكلى في حالات الفشل الكلوي الحاد، ومراقبة عدم انتظام ضربات القلب».