خبير اقتصادى: بدء الطروحات الحكومية رسالة ثقة للمستثمرين وتوجه لمزيد من التنافسية
وصف الدكتور أحمد السيد، الخبير الاقتصادي، خطوة الحكومة بطرح 32 شركة ضمن برنامج الطروحات الحكومية، بالمهمة، ليس فقط للوفاء بمتطلبات صندوق النقد أو لتوفير عملة صعبة، ولكن لطالما انتظرنا لفترات طويلة إعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة وزيادة كفاءتها بالقدر الذي يساعد على زيادة مساهمتها في النشاط الاقتصادي، وعليه لا بد من تفهم أن المستثمرين المؤسسات والأجانب عندما يبدأون في الاستحواذ على شركات يساعدون على تطويرها وزيادة كفاءتها وتنافسيتها، الأمر الذي ينعكس على الاقتصاد ككل وليس على تلك الشركات فقط.
وتوقع الخبير الاقتصادي أنه في حال احتفاظ الحكومة بحصص أقلية في تلك الشركات ستظل تحقق عائدا قويا ربما يساوي أو يزيد عن ما كانت تحصل عليه بالفعل من قبل، لافتا إلى أنه يمكن اختصار عملية التطوير هذه في أنها " ليست بيع" لأصول الدولة وإنما "تعظيم" لقيمتها.
وأضاف السيد ، أن تلك الطروحات تعطي رسالة ثقة للمستثمرين عن وضع الاقتصاد المصري وتوجهه لمزيد من التحرر والتنافسية، فغالبية الدول المتقدمة لا تتدخل في الاقتصاد بصورة دائمة، إذ يمكن أن تتواجد الدولة فى قطاعات محددة ذات بعد استراتيجي أو لا يرغب القطاع الخاص بالمشاركة فيها أو هناك ممارسات احتكارية على سبيل المثال تضر بالمستهلكين فتتدخل الدول لإعادة ضبط وضع السوق، وهذه ليست بدعة، ففي ألمانيا على سبيل المثال منذ أسابيع قليلة سارعت الحكومة الألمانية لوضع شركات الغاز تحت إداراتها بسبب أزمة الطاقة الحالية للتأكد من تأمين احتياجات البلاد من الغاز، فليس من المنطقي أن تترك قطاعا استراتيجيا فى ظروف استثنائية لاعتبارات الربح فقط، لكن هذه الطروحات ووثيقة ملكية الدولة تقول للمستثمرين بوضوح إننا ملتزمين بخطى الإصلاح بشكل كبير وأن الدولة لا تريد مزاحمة القطاع الخاص.
وأشار السيد إلى أن البورصة متعطشة لتلك الطروحات منذ فترة طويلة، فعلى مدار 18 عاما لم تقم الحكومة بإجراء أكثر من 4 طروحات فقط، ولكن تأثير تلك الطروحات كان قوي للغاية، ولنا في طرح "أي فاينانس" العبرة، حيث جذب استثمارات ضخمة غالبيتها أجانب وبعضهم كان يدخل السوق المصري للمرة الأولى أو كان بعيداً عنه لفترة طويلة، وحال عدنا بالزمن لفترة أطول نتذكر أن طرح المصرية للاتصالات جذب أكثر من 300 ألف مستثمر جديد للسوق المصري، وبالتالي سيكون هناك تأثير إبجابي لتلك الطروحات على زيادة عمق السوق وبالتالي جذب سيولة جديدة.
وقال الحبير الاقتصادي، إنه بالرغم من توقعات عدم طرح الكثير من الشركات في البورصة، وأن يتم الطرح أكثر لمستثمرين استراتيجيين، لكن هذا الأمر سيؤكد التزام الحكومة بخطط الإصلاح الاقتصادي وبالتالي ستجذب فئات جديدة من المستثمرين يرون أن الاقتصاد بدأ في السير في الطريق الصحيح، فالمستثمرين الأجانب والمؤسسات لا ينظرون للورقة المالية أو السوق فقط ولكن يحللون الوضع الاقتصادي ككل، ولنكن واقعيين سيكون من الصعب تنفيذ كل تلك الطروحات من خلال البورصة وذلك لعدة أسباب، أولها أن الشركات لكي يتم طرحها فى البورصة تحتاج لأكثر من عام لإعادة الهيكلة والتأهيل للطرح، وبالتالي لن تستطيع تنفيذ الكثير من تلك الطروحات في البورصة إلا للشركات التي كان قد تم البدء فى تأهيلها بالفعل، وثانيها أن أوضاع السوق المحلي والعالمي ليست جيدة بالقدر الذي يساعد على الحصول على تقييمات جيدة، وأخيرها أن عدد الطروحات كبير وبالتالي سيكون من الصعب تنفيذها خلال عام.
واقترح الخبير الاقتصادي أن تركز الحكومة على إجراء طروحات جماعية للشركات في البورصة من خلال ضم عدد من الشركات المتشابهة تحت صندوق واحد أو شركة قابضة، ثم يتم طرحها في السوق مرة واحدة وبذلك تكون قد طرحت عدة شركات من خلال طرح واحد، وهذا النموذج تم تطبيقه في العديد من الدول التي سعت إلى تسريع عملية الخصخصة، كما أنها ستفيد البورصة من خلال خلق كيانات عملاقة وهو ما تفتقده البورصة المصرية ويحتاجه المستثمرين، ويمكن لاحقاً أن يتم فصل تلك الشركات إلى شركات مستقلة مقيدة.
ولفت إلى أنه أيضاً في حال طرح الشركات لمستثمرين استراتيجين يمكن الاتفاق في التعاقد أن يتم طرح 10-15% إضافية في البورصة خلال عامين عللا سبيل المثال، ما يساعد على زيادة عمق وكفاءة السوق.
وأعلن مجلس الوزراء الأربعاء الماضي عن اتجاه الدولة لطرح أسهم بنحو 32 شركة، وذلك على مدار عام كامل، يبدأ من الربع الحالي من عام 2023، وحتى نهاية الربع الأول من عام 2024، سواء سيكون الطرح عاما من خلال البورصة، أو لمستثمر استراتيجي، أو كلاهما.
وأوضح مجلس الوزراء أن الـ32 شركة التي سيتم طرح نسب بها، تشمل 18 قطاعا ونشاطا اقتصاديا، وتضم بنك القاهرة، والمصرف المتحد، والبنك العربي الإفريقي الدولي، كما تضم شركة مصر لتكنولوجيا التجارة (MTS)، والنصر للإسكان والتعمير، والمعادي للتنمية والتعمير، وشركة المستقبل للتنمية العمرانية، ومصر لأعمال الأسمنت المسلح.
وتضم الشركات: شركة حلوان للأسمدة، والشركة الوطنية للمنتجات البترولية، والشركة المصرية لإنتاج البروبلين والبولي بروبلين، والنصر للتعدين، وشركة المصرية لإنتاج الإيثيلين ومشتقاته (إيثيدكو)، وشركة الحفر للبترول، وشركة المصرية لإنتاج الألكيل بنزين الخطي (إيلاب)، وسيناء للمنجنيز، بالإضافة إلى شركات: المصرية للسبائك الحديدية، والرباط لأنوار السفن، وبورسعيد لتداول الحاويات والبضائع، ودمياط لتداول الحاويات والبضائع، والصالحية للاستثمار والتنمية، والفنادق المملوكة لوزارة قطاع الأعمال العام، ومصر لتأمينات الحياة، ومصر للتأمين، فضلا عن محطة توليد الرياح بجبل الزيت، ومحطة توليد الرياح بالزعفرانة، ومحطة بني سويف لتوليد الكهرباء، و"صافي" لتعبئة المياه، وتنمية الصناعات الكيماوية – سيد، وشركة البويات والصناعات الكيماوية (باكين)، والأمل الشريف للبلاستيك، ومصر للمستحضرات الطبية.