بعد فاجعة تركيا.. هل تؤثر التغيرات المناخية في حدوث الزلازل؟
هزّ أحد أقوى الزلازل التي ضربت المنطقة منذ قرن السكان من على أسرتهم نحو الرابعة صباح يوم الاثنين؛ ولقي أكثر من 1500 شخص مصرعهم، ويسارع رجال الإنقاذ إلى انتشال الناجين من تحت الأنقاض بعد الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، مخلفًا الدمار والحطام على جانبي الحدود؛ ما أدى إلى هزات أرضية في أماكن بعيدة مثل لبنان والأردن.
في تركيا لقي ما لا يقل عن 1014 شخصًا مصرعهم وأصيب عدة آلاف، وفقًا لوكالة إدارة الكوارث والطوارئ في البلاد (AFAD)، وفي سوريا، لقي ما لا يقل عن 592 شخصًا حتفهم، بينهم 371 معظمهم في مناطق حلب وحماة واللاذقية وطرطوس، بحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا، التي أفادت أيضًا بإصابة 1089 شخصًا.
يُعتقد أن زلزال يوم الاثنين هو الأقوى الذي يضرب تركيا منذ عام 1939، عندما تسبب زلزال بنفس القوة في مقتل 30 ألف شخص، وفقًا لما ذكرته هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية.
الزلازل بهذا الحجم نادرة الحدوث، حيث تحدث أقل من 5 زلازل كل عام في أي مكان في العالم، لكن ماذا عن المناخ؟ هل هناك ارتباط بين الظواهر المناخية والزلازل؟، ذلك ما بحثت «الدستور» عن إجابته في السطور التالية.
علاقة طردية
اقترحت الدراسات الحديثة وجود صلة سببية بين ارتفاع مستوى سطح البحر خلال فترات ارتفاع درجة حرارة المناخ، وزيادة تواتر الانفجارات البركانية والزلازل،ومن أجل اختبار هذه الفرضيات، وجد العديد من الباحثين أدلة على كيفية تأثير هذه الظاهرة على النشاط البركاني والزلازل.
ففي جامعة ليدز (المملكة المتحدة)، تدرس عالمة البراكين كلير كوبر ومعاونيها كيف أثرت التجمعات الجليدية وانحسار الأنهار الجليدية على مدار 12500 سنة الماضية على دورات الثوران البركاني في آيسلندا، وتبين أنه عندما تتراجع تلك الأنهار الجليدية، يتسبب تخفيف الضغط في رفع القشرة ويسهل وصول الصهارة إلى السطح، ما قد يؤدي إلى ثوران بركاني.
من جانبه، يوضح ممدوح العمري، أستاذ الجيوفزياء، أن حالة الطوارئ المناخية تدفعنا إلى سماع تنبؤات رهيبة حول كيف أصبح عالمنا مكانًا غير مستقر وغير صالح أكثر: ذوبان الجليد، وارتفاع منسوب سطح البحر، والظواهر الجوية الشديدة والفيضانات والجفاف، جميعها تؤدي ليس فقط إلى تدمير البيئة، لكن أيضًا تتسبب في حدوث مخاطر للصحة والأمن الغذائي.
تحذيرات علمية
ويضيف: «هناك أدلة علمية متزايدة على أن تغير المناخ قد يلعب أيضًا دورًا في الظواهر الجيولوجية مثل الزلازل وأمواج تسونامي والانفجارات البركانية، وبينما لا يزال هناك نقاش حول الحجم الذي قد تصل إليه هذه التأثيرات الثانوية للاحتباس الحراري، يبدو أنه لم يعد هناك أي شك في أن الخطر حقيقي».
يستكمل أستاذ الجيوفزياء حديثه لـ«الدستور»، موضحًا أن من أجل إقامة أي صلة بين المناخ والزلازل، يجلب أولاً تحديد أنواع العمليات التكتونية التي قد تكون مرتبطة بالظواهر المناخية، كما يعرف العلماء أن الزلازل يمكن أن تحدث أو تمنع من خلال التغيرات في مقدار الضغط على الصدع فقد رأينا هذه الأنواع من الارتباطات تكون في الزلازل الصغيرة - الزلازل الصغيرة بمقادير أقل من الصفر - وأصغر بكثير مما يمكن أن يشعر به البشر، وهذه تحدث بشكل متكرر.
ويختتم: «على الرغم من أن كل هذا يرسم صورة تشير عمومًا إلى الزلازل الصغيرة أو الزلازل البطيئة أو التأثيرات التي ستصل بعيدًا في المستقبل، فإن الحقيقة هي أن الخبراء يتوخون الحذر عند تقييم ما يمكن أن يكون نطاق هذه الظواهر في أسوأ الحالات، وفي سياق التغير المناخي المتسارع والهائل الذي خرج عن السيطرة تمامًا، يجب أن يكون استنتاج الدراسات العلمية بمثابة تحذير دائم، فهناك الكثير من الأدلة على أن التغيرات البيئية الصغيرة يمكن أن تؤدي إلى أحداث جيولوجية كبيرة يمكن أن تكون مميتة ومدمرة».