الولايات المتحدة تٌسقط بالوناً صينياً.. ما أهميته؟ وهل تتحول إلى أزمة دبلوماسية؟
أسقطت طائرة حربية أمريكية بالوناً (منطادًا ) صينيًا على ارتفاع شاهق فوق المحيط الأطلسي أمس السبت، بعد أن عبر الولايات المتحدة بأكملها، وتسبب في خلاف دبلوماسي بين البلدين.
قالت الصين إن البالون كان يستخدم لأغراض الأرصاد الجوية، لكن الولايات المتحدة تصر على أنه كان بالوناً للتجسس، وقال مسؤول عسكري أمريكي كبير للصحفيين إن البالون أُسقط بصاروخ واحد أطلق من طائرة مقاتلة من طراز إف -22 رابتور، أقلعت من قاعدة لانغلي الجوية في فيرجينيا، وأطلقت صاروخًا جو-جو سايدويندر، وأسقطت المنطاد الذي كان يحلق على ارتفاع 60 ألف إلى 65 ألف قدم، بينما كانت طائرات F-22 على ارتفاع 58000 قدم.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن للصحفيين: "يوم الأربعاء، عندما تم إطلاعي على البالون أمرت البنتاجون بإسقاطه في أقرب وقت ممكن، دون إلحاق الضرر بأي شخص على الأرض".
ونصح مسؤولو البنتاجون في ذلك الوقت بعدم إسقاط البالون، الذي كان حجم بطنه يقارب حجم ثلاث حافلات، بسبب احتمال إلحاق الأذى بالمدنيين والبنية التحتية أثناء تحليقه فوق الأرض. لكن وجوده المطول فوق الولايات المتحدة أثار غضب المسؤولين الأمريكيين حيث اتخذ قرار بإسقاطه، ولكن تم تنفيذ القرار عندما تحرك البالون ليسقط في الأطلسي.
وقالت وزارة الخارجية الصينية في بيان: "تعرب الصين عن استيائها الشديد واحتجاجاتها على استخدام القوة من قبل الولايات المتحدة لمهاجمة المنطاد المدني غير المأهول"، مضيفة أنها "ستحتفظ بالحق في اتخاذ المزيد من الردود الضرورية".
حلقة التجسس
تحليق المنطاد فوق ولاية مونتانا القريبة من الحدود مع كندا، تسبب في قلق بالبنتاجون لأن الولاية هي موطن لجناح الصواريخ 341 في قاعدة مالمستروم الجوية، وهي واحدة من ثلاث قواعد للقوات الجوية الأمريكية تعمل وتدير، الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.
فيما قال مسؤولو البنتاجون إن منطاد التجسس هو حلقة في سلسلة تحقيقات صينية حواف الحدود الدفاعية لأمريكا، حيث صرح مسؤول كبير لصحيفة نيويورك تايمز بأن الصين طورت أسطولًا من البالونات لإجراء عمليات المراقبة التي تم رصدها فوق دول عبر القارات الخمس. مؤكداً أنه عادة ما يدورون على ارتفاع حوالي 60 ألف قدم، وقد ضلوا في بعض الأحيان إلى الأراضي الأمريكية. في وقت سابق، قال مسؤول دفاعي كبير إن ذلك حدث ثلاث مرات خلال إدارة ترامب ومرة سابقة خلال إدارة بايدن.
هل يعتبر خطيراً؟
منطاد التجسس هو بالون مملوء بالغاز يطير عالياً في السماء، يحتوي على بعض الكاميرات المتطورة وتكنولوجيا التصوير، ويجمع المعلومات من خلال التصوير الفوتوغرافي والتصوير الآخر لكل ما يجري على الأرض تحته.
البالونات هي أقرب بكثير إلى الأرض من الأقمار الصناعية، لذلك يمكنهم الرؤية بشكل أكثر وضوحًا، بالطبع، تتحرك البالونات ببطء نسبيًا، لذا فهي تتمتع أيضًا بدرجة من المثابرة. ومع ذلك، لا يتم التجسس عادةً هذه الأيام باستخدام البالونات لأنها هدف سهل نسبيًا ولا يمكن التحكم فيها تمامًا.
حسب النشر في موقع "CONVERSATION" فإن البالون لا يشكل أي تهديد حقيقي على الولايات المتحدة، وكان هناك تعليق أن الصين في بعض الأحيان تختبر أموراً استفزازية فقط لترى رد الفعل الأمريكي، أو ربما هو نوع من الرسائل السياسية، مع حقيقة أن المنطاد لايحمل تقنية تقنية متقدمة تجعله لا يخدم أي غرض عسكري حقيقي مقارنة بالأقمار الصناعية في مدار أرضي منخفض.
لكن التقييم النهائي حول أهمية البالون لم يصدر بعد، إذ قال البنتاغون إن أفراد البحرية وخفر السواحل سيبذلون جهودًا لاستعادة حطام البالون الذي سقط في المياه الضحلة نسبيًا، فيما تأمل وكالات الأمن القومي الأمريكية أن تضيف المواد التي تجمعها قيمة إلى قاعدة بياناتها الخاصة بجمع المعلومات حول الاستخباراتية الصينية.
أزمة دبلوماسية
دفع بالون التجسس المشتبه به وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكين إلى تأجيل زيارة إلى الصين التي كان من المتوقع أن تبدأ الجمعة الماضية، فيما جاء تأجيل رحلة بلينكين، التي تم الاتفاق عليها في نوفمبر من قبل بايدن والرئيس الصيني شي جين بينغ، بمثابة ضربة لأولئك الذين رأوا أنها فرصة لتحقيق الاستقرار في علاقة متصدعة بشكل متزايد بين البلدين. وفي إعلانه عن إلغاء رحلته، قال "بلينكين" إن دخول منطاد التجسس كان "انتهاكًا واضحًا لسيادة الولايات المتحدة والقانون الدولي".
من ناحية أخرى، فإن الصين حريصة على علاقة أمريكية مستقرة حتى تتمكن من التركيز على اقتصادها، الذي تضرر بسبب فيروس كورونا، والذي أثر بشكل كبير على الاستثمار الصيني.
ودولياً فإن المنطاد قد يسبب أزمة دبلوماسية؛ إذ أن هناك حدودا مقبولة دوليًا تسمى خط كارمان وهي تقع على ارتفاع 62 ميلاً (100 كيلومتر). هذا البالون كان يطير أقل من ذلك بكثير، لذا فهو كان يطير في المجال الجوي للولايات المتحدة.