بعد حريق «النور المحمدي».. كيف تتحقق إجراءات السلامة للمستشفيات؟
دخان ملأ عنان السماء، صرخات مرضى جعلتهم الرغبة الفطرية في التمسك بالحياة أمام تهديد الموت المحقق أن يهرعوا من فوق أسّرة المرض بعد أن مكثوا فيها من قبل غصبًا، بطولة أطباء رفضوا ترك مرضاهم دون أن ينقذوهم لأخر مرة من براثن الموت، أجساد أخرين استسلمت أرواحهم إلى هجوم الدخان الكثيف فصعدت إلى بارئها، ذلك هو المشهد الذي عاشه العاملين والمرضى بمستشفى النور المحمدي بمنطقة المطرية في لحظات إثر وقوع حريق ضخم بها أمس أدى إلى وفاة 3 أشخاص، وإصابة 32 آخرين.
أوضحت المعاينة الأولية لحريق مستشفى النور المحمدي بالمطرية، أن الحريق اندلع داخل وحدة الأشعة المقطعية بالدور الأرضي وامتد لباقي الطابق، والتهمت النيران محتوياته، وجاء تقرير المعمل الجنائي ليوضح أن السبب في حريق مستشفى النور هو حدوث ماس كهربائي.
مدير المركز القومي لدراسات السلامة والصحة المهنية السابق: تأمين كل أقسام المستشفيات ضد الحرائق وتدريب العنصر البشري
عدم توافر الاشتراطات الأمنية بشكل عام داخل مستشفى النور كان هو كلمة السر وراء اندلاع حريق المستشفى، وذلك حسبما أوضح الدكتور مجدي صليب وكيل أول الوزارة ومدير المركز القومي الدراسات السلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل السابق في حديثه لـ«الدستور»، مؤكدًا أن هناك العديد من الشروط والاحتياطات التي ينبغي توافرها داخل أي مستشفى منعًا لحدوث الحرائق.
أوضح «صليب» أن كافة التخصصات والأقسام داخل المستشفيات تحتاج إلى تأمين ضد الحريق، مثل أقسام الأشعة والباطنة والجراحة، وغيرها من التخصصات، بل وغرف الصيانة وكذلك مطبخ المستشفى، مشيرًا إلى أنه يجب تأمين كافة المعدات المستخدمة داخل تلك الأقسام وغيرها من خلال التأكد من كفاءة تلك الأجهزة وجودتها، وكذلك من خلال استخدام أجهزة قياس تقيس شدة التيار الكهربائي، والضغط على كل جهاز مستخدم وتوضيح ما إذا كان هناك حمولة زائدة عليه من عدمه، بالإضافة إلى التأكد من جودة الكابلات المستخدمة وتحملها.
وتابع أنه يجب كذلك توافر أجهزة إنذار مبكر للحرائق داخل كافة أركان المستشفى من شأنها الإنذار باحتمالية حدوث حريق للتعامل معه بصورة عاجلة، كما لفت إلى ضرورة وجود صيانة دورية ورقابة على كافة الأجهزة والمعدات.
ولفت مدير المركز القومي الدراسات السلامة والصحة المهنية السابق إلى ضرورة تدريب العنصر البشري الموجود بأي مستشفى من أطباء وممرضين وإداريين، على التعامل مع الحرائق من خلال إلحاقهم بورش متخصصة في ذلك، مشيرًا إلى أنه فوق ذلك ينبغي تواجد فريق كامل للسلامة المهنية داخل المستشفى في جميع ساعات العمل، وهذا الفريق يتكون من مجموعة متخصصة من الأطباء والكيمائيين والفنيين، وذلك للتعامل السريع مع الطوارئ وإرشاد المواطنين في التعامل الصحيح كذلك وقت حدوثها.
القانون ينص على سلامة المستشفيات
وقد نص قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 على احتياطات واشتراطات تتخذها المنشأة للوقاية من مخاطر الحريق، وتنص المادة 214 من القانون على أن تلتزم المنشأة وفروعها باتخاذ الاحتياطات والاشتراطات اللازمة للوقاية من مخاطر الحريق طبقا لما تحدده الجهة المختصة بوزارة الداخلية وحسب طبيعة النشاط الذي تزاوله المنشأة والخواص الفيزيائية والكيميائية للمواد المستخدمة والمنتجة مع مراعاة أن تكون كافة أجهزة وأدوات الإطفاء المستخدمة مطابقة للمواصفات القياسية المصرية.
وكذلك مراعاة تطوير معدات الإطفاء والوقاية باستخدام أحدث الوسائل وتوفير أجهزة التنبيه والتحذيــر والإنذار المبكر والعزل الوقائي والإطفاء الآلي التلقائي كلما كان ذلك ضروريا، بحسب طبيعة المنشأة ونشاطها.
وأعلنت وزارة الصحة والسكان، مصرع 3 أشخاص وإصابة 32 أخرين كحصيلة أولية جراء الحريق الذي نشب بقسم الأشعة داخل مستشفى النور المحمدي والتابعة لجمعية أهلية بالمطرية بمحافظة القاهرة.
وأشارت الصحة إلى أن الإصابات تراوحت بين حروق وكسور، واختناقات وجميع المصابين يتلقون الخدمة الطبية اللازمة، موضحًا أن أعداد الإصابات المعلنة جاءت نتيجة الحصر المبدئي وجاري المتابعة.
لم يكن الحادث الأول والماس الكهربائي العنصر المشترك
وحادث مستشفى المطرية، لم يكن هو الحادث الأول لحرائق المستشفيات الذي نتج عنه بالفعل كوارث أو كاد أن ينتج عنه.
ففي أغسطس من العام الماضي نشب حريق بغرفة العناية المركزة بمستشفى كفر الشيخ العام بالدور الثاني "عناية الباطنة"، وتبين أن الحريق قد اندلع بسبب ماس كهربائي.
وفي إبريل من نفس العام أنقذت العناية الإلهية وحدها مستشفى ديرب نجم من كارثة محققة، عقب اندلاع حريق بقسم الحضانات، وتبين من المعاينة الأولية أن الحريق كذلك قد اندلع بسبب ماس كهربائي، وهرعت سيارات الإسعاف والحماية المدنية للسيطرة عليه دون خسائر بشرية.
ونتيجة لنفس السبب وهو "الماس الكهربائي" أصيب 5 مرضى بسبب الحريق الذي بدأت النيابة العامة والذي وقع في إحدى مستشفيات مدينة العبور في ديسمبر 2020 وتمكنت فرق الإطفاء من السيطرة على الحريق وإخماده، وتم إخلاء المستشفى وإغلاقه ونقل المرضى إلى مستشفى عام.
خبير الحماية المدنية: استخدام أدوات الإطفاء والاتصال بالرقم 180 المجاني أسرع وسائل السيطرة على الحريق
من جانبه قال اللواء حنفي محمد خبير الحماية المدنية في حديثه "للدستور" أن هناك نسبة كبيرة من الحرائق في مصر ناتجة عن الماس الكهربائي، موضحًا أن ذلك يعود إلى استخدام الكابلات الرديئة والوصلات الكهربائية العشوائية، وضعف الاهتمام بشكل عام بالنظام الكهربائي في المنشآت.
وتابع أن هناك العديد من أسباب اندلاع الحرائق الأخرى من بينها الإهمال بشكل عام، والتدخين في أماكن خطر فيها التدخين مما يؤدي إلى الاشتعال مثل التدخين في أماكن يوجد بها كحول أو ما شابه.
أما عن طرق التعامل مع الحريق أكد أنه يجب استخدام أجهزة الإطفاء على الفور في حال وقع حريق، كذلك يجب الاتصال بالرقم المجاني 180 وهو رقم قوات الإطفاء الذي يمكن الاتصال به من أي مكان ودون الحاجة إلى توافر رصيد.
وتابع أنه في حال لم تصلح خراطيم الإطفاء للسيطرة على الحريق يجب إخلاء المبنى على الفور، وعدم التعامل مع الحريق من غير المتخصصين وترك الأمر لرجال الإطفاء، لأنه أحيانًا يأتي الأمر بصورة عكسية إذ يتضرر من حاول الإطفاء، وكذلك قد يسوء الوضع - على حسب قوله.
21,1% حرائق الماس الكهربائي في مصر
وكشفت بيانات التقرير السنوي لحوادث الحـريق في مصر نهاية عام 2021، عن أن الحرائق الناتجة عن الماس الكهربائي أو الشرر الاحتكاكي بلغت عدد 10863 حادثة بنسبة 21,1%.
ووفقـاً للحــالة الجنائية يأتي الإهمال في المرتبة الأولـى لحوادث الحريق بعـدد 26400 حـادثة بنسبة 51,2%، يليه الحريق العارض بعدد 25037 حادثة بنسبة 48,6%، ثم الحريق العمــد بعــدد 96 حــادثة بنسبــة 0,2%خلال عام 2021.
وبلـغ عدد المتوفين مـن ضحايـا حوادث الحريـق 252 متوفيا عام2021، مقابل199 متوفى عام2020 بنسبة ارتفاع قدرها 26,6% عن عام 2019، وبلغ عدد المصابين 824 مصابا عام 2021، مقابل 878 مصابا عام 2020 بنسبة انخفاض قدرها 6,2% عن عام 2020.