«ضمن 5 نساء يغيرن العالم للأفضل».. الصحف العالمية تحتفل بفنانة الكوميكس دينا محمد
بدأت الرسامة والمصممة المصرية دينا محمد الرسم في سن مبكرة، وتحديدًا في الثامنة عشر من عمرها، حينما شرعت في تناول القضايا الاجتماعية بمشروع "قاهرة" الذي نشر على الإنترنت في العام 2013، وحقق نجاحًا كبيرًا جذب الصحافة العالمية للحديث عنه.
في يوم المرأة العالمي من العام 2017، ذكرت صحيفة "الواشنطن بوست" دينا محمد من ضمن خمس نساء يغيرن العالم إلى الأفضل، وفي يناير 2020 اختارتها شركة جوجل لرسم شعارها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا احتفالا بعيد ميلاد المحامية المصرية مفيدة عبد الرحمن.
من مشاريعها اللافتة للانتباه، سلسلة قصص مصورة مكونة من ثلاثة أجزاء بعنوان "شبيك لبيك" والتي نشرت في الفترة من 2017 وحتى 2021 وحققت رواجًا ونجاحًا كبيرًا في مصر، وعنها فازت بالجائزة الأولى في مهرجان القاهرة الدولي للقصص المصورة.
مؤخرًا، نُشرت الترجمة الإنجليزية لقصص "شبيك لبيك" المصورة، التي استرعت انتباه عددًا من الصحف والمواقع العالمية، فقدموا مراجعات للقصص وأجروا حوارات مع الفنانة المصرية حولها.
هل يمكن أن تُباع الأمنيات؟
قدّم موقع NPR مراجعة للرواية المصورة، وأشار إلى أنها تتخيل ما يمكن أن يحدث إذا كنت تستطيع شراء الرغبات وبيعها، "إذا واجهت الفنانة والكاتبة المصرية دينا محمد جنيًا، فهي تعرف ما تتمناه، ستتمنى أن يعيش كل شخص تحبه حتى سن 120، وأن يظهر أي كتاب تريد قراءته أمام عينيها مباشرةً".
يتمحور موضوع الرواية الخيالية المصورة، حسب الموقع، حول الأمنيات، إذ تتابع محاولة صاحب كشك في القاهرة لبيع أمنيات ثلاث ورثها عن والده، ويلتقي بثلاثة مصريين يمكن أن تتغير حياتهم بشكل جذري بقوة بسبب الأمنية.
تسلط الرواية الضوء على الخيال، فثمة تنانين وحمير تتحدث، ومشاهد هزيلة إذ يرغب شخص ما في سيارة بي إم دبليو فيحصل على سيارة لعبة، لكن القصة أيضًا ترتكز بشكل ملحوظ على واقع الحياة الحديثة في مصر، التي يعيش فيها ما يقرب من 70٪ من المواطنين على أقل من 5.50 دولارات في اليوم.
إلى جانب الرسوم التوضيحية لسكان القاهرة ومناظر المدينة، يحتوي الكتاب على شخصيات تصارع الفقر وعدم المساواة الاقتصادية ونظام الرعاية الصحية والأمراض التي لا مفر منها.
يواجه الكتاب أيضًا البيروقراطية، إذ يتوجب على الفقراء التنقل عبر متاهة من الإجراءات للحصول على ما يحتاجون إليه. أحد الشخصيات، وهي امرأة فقيرة تدعى عزيرة تجمع القمامة وتمسح الأرضيات وتعمل في مهن متواضعة لشراء أمنية. فقط للعثور على الأمنية وقبل أن تتمكن حتى من استخدامها، يجب عليها تسجيلها في وزارة رغبات مصر، عندما تصل أخيرًا إلى العاملين بالوزارة الحكومية، يفترضون أنها سرقت الأمنية ويقررون مصادرتها.
وفي مقابلتها مع الموقع، تحدثت دينا عن بداية عملها على الرواية المصورة "شبيك لبيك" في عمر 21، قائلة: "كنت أعلم أنني أردت بناء قصة حول الأكشاك المصرية، وهو النوع الذي تراه في الشارع في كل مكان. يعجبني شكلها وتنوعها بتعدد الأشخاص الذين يمتلكونها".
وأضافت: "كنت أعرف أن قصتي حول بيع شيء متخيل لكن لم متأكدة ما هو، ولكن بمجرد أن قررت أنها ستكون أمنية، بدأت في بناء قصتي حولها. أي نوع من العالم يجب أن يكون موجودًا لشخص ما ليكون قادرًا على شراء أمنية من كشك؟
وتابعت دينا: عندما كنت أفكر في الأمنيات التي تباع في كشك، قمت ببناء فكرة أمنية بجودة منخفضة ورخيصة، تسمى رغبات "من الدرجة الثالثة"، وأمنيات باهظة الثمن، تسمى "الرغبات من الدرجة الأولى". لذلك إذا كنت فقيرًا، فإن الرغبات ذات الجودة العالية ستكون بعيدة المنال، ولكن إذا كنت غنيًا، فستتمكن من تحمل تكاليف جبال الأمنيات.
سياسة الكتاب عالمية
في حوار آخر مع صحيفة "الجارديان" تحدّثت دينا محمد عن تعلقها بالرسم منذ طفولتها وتشجيع جدتها لها، وأوضحت أنها تلقت دعمًا كبيرًا، وتحمس الكثيرون لأعمالها نظرًا لأنها ليست صناعة تنافسية ولا يُجنى منها الكثير من الأموال.
وبسؤالها عن صعوبة اقتحامها لمجال الكوميكس، أشارت الفنانة المصرية إلى أنه لم يكن صعبًا، لأن عدد فناني الكوميكس محدود بالعالم العربي، وفي لبنان تهيمن النساء على صناعة الكوميكس.
كما نوهت دينا في حوارها إلى فكرة الرواية المصورة "شبيك لبيك" قائلة: “كنت أفكر في الأكشاك، تلك البقع الملونة والمتنوعة في المدينة، كنت أعلم أنني أردت حقًا رسمها، لكني أحب الخيال أيضًا، وفكرت في أنه من الممتع أن يكون لديك كشك يبيع الأشياء السحرية”.
وبينت دينا أن سياسة الكتاب عالمية أيضًا، فمن المعتاد أن يفترض بعض الناس أن البيروقراطية مشكلة فقط بالنسبة لبعض البلدان لكنهم الآن يدركون أن الفساد لا يخص فقط جزءًا واحدًا من العالم.
الكتاب يعمل على العديد من المستويات، فهو ليس خاص بمصر، فالقصص الثلاث في جوهرها تعكس الرغبات الشائعة. في النهاية، لا يريد البشر شيئًا أكثر من الصحة والسعادة لأنفسهم ولمن يحبون.