لماذا انضمت بريطانيا لحرب أوكرانيا وما مكاسبها؟.. خبير يجيب
على الرغم من الأزمات الحالية التي تعاني منها، الإ أن بريطانيا دخلت على خط الأزمة الروسية الأوكرانية، بجانب الطرف الأوكرانى والأوروبى ضد موسكو.
ولكن ما أسباب دخول بريطانيا على خط الأزمة الروسية الأوكرانية، وهل تأمل فى تحقيق مكاسب خاصة لها جراء تلك الأزمة، نرصد من خلال التقرير التالي الأسباب والدوافع ونتائج تلك الخطوة البريطانية.
قال هاني سليمان، مدير المركز العربي للبحوث والدراسات والخبير في العلاقات الدولية، تعتبر بريطانيا أحد أهم الدول التي لها تاريخ كبير في السياسية الخارجية لأوروبا خلال العقود السابقة، وكانت من أهم الدول المؤثرة عبر التاريخ في النظام العالمي والإقليمي ووجودها في المحيط الأوروبي.
وأضاف "سليمان" في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن الدور البريطاني ربما امتد لفترات طويلة وفي فترات كان يتسم بنوع من الانحسار والتراجع والجمود بشكل أو بأخر في ظل سياق تحركات معينة، لافتًا إلى أن بريطانيا خلال الفترة الماضية منذ الحرب الباردة غالب عليها مرحلة الالتصاق والتبعية بشكل نوعي ما بين سياستها وبين الولايات المتحدة، علاوة على وجودها في أدوار متوازية داخل المحيط الأوروبي بالتنسيق مع الدول الأخرى.
وتابع: لكن في النهاية كانت بريطانيا أقرب إلى المحيط الأمريكي والثقافة الخاصة وخصوصية التجربة البريطانية عنها عن المحيط الأوروبي حتى المتواجد فيه، وهذا ظهر بشكل كبير في ظل الانسحاب من الاتحاد الأوروبي والبريكست خلال الفترة السابقة وتداعياته وتأثيراته والذي أثر بشكل مباشر وغير مباشر على جملة السلوك الأوروبي ونفوذ أوروبا وسياستها في الدائرة الإقليمية والدولية".
ولفت إلى سياسة بريطانيا من الحرب الروسية ودعمها لأوكرانيا، مضيفًا أن بريطانيا في هذه اللحظة التاريخية لديها خصوصية معينة خاصة أنها تعاني من تبعات الخروج من الاتحاد الأوروبي، بجانب بعض الأزمات الاقتصادية وبعض الأمور الخاصة بالترتيبات الداخلية البريطانية والأزمات الخاصة بمعدلات النمو والعمالة البطالة وغيرها، لافتًا إلى أن الذي زاد من حدة هذا الأمر هو الحرب الروسية الأوكرانية التي أدت إلى تفاقم الأزمة الخاصة بالطاقة وزيادة الأسعار ووجود أعباء على الحكومة، وبالتالي تغيير رئيس الوزراء.
وأكد "سليمان" أن الحرب الروسية الأوكرانية تشكل أزمة معقدة وأكثر تأثيرًا على بريطانيا عن غيرها من الدول الأخرى نظرًا لوجود بريطانيا في مربع تأزم وبالتالي وجود أزمة جديدة في الطاقة وأزمة أمنية في المحيط الأوروبي يشكل تهديدًا كبيرًا لبريطانيا ودورها.
وأوضح "سليمان" أن بريطانيا ظلت في مربع عدم اليقين والتخوف بشكل كبير من اتخاذ خطوات متفاجئة أو الدخول بنفس القوة كفرنسا وألمانيا، وبالتالي بريطانيا كان موقفها مختلف ومتراجع ربما للظروف الداخلية أو الحسابات الإقليمية، وكانت أقرب لدعم كييف والاتحاد الأووربي عنها من أي موقف آخر تجاه الأزمة.
سليمان: انضمام بريطانيا للحرب الأوكرانية يعزز موقعها الإقليمى والدولي
وأضاف "سليمان" أن بريطانيا اتخذت هذا القرار بعد الإلحاح الأوروبي والأمريكي وتحت وطأة الضغوط مثل أزمة الطاقة، فسعت للدخول لإنهاء الصراع والتغلب على بعض مشكلاتها.
وأوضح أن بريطانيا أرادت أن تدخل ضمن خط توجه وفعل جماعي مع الدول الأوروبية لضمان نوع من المكاسب والمنافع الخاصة بالأزمة الأوكرانية حتى لا تجد نفسها وحيدة أو مجرد متفرجة، وبالتالي هذا يتنافي مع بريطانيا وحجمها وأيضًا مع الوضع الإقليمي التي تريد أن تتغلب عليه وتنهي الأزمة.
وقال إن انضمام بريطانيا للحرب الأوكرانية من شأنه يعزز موقعها في النظام الإقليمي والدولي ويعيدها للواجهة، بجانب تحقيق بعض المكاسب الأمنية والاستراتيجية ولكن المستوى الاقتصادي هذا سيكون له تبعات ليست جيدة على المستوى القريب، لكن في المستقبل ربما ستحصد بريطانيا بعض المكاسب الخاصة مثل استقرار أسعار النفط والطاقة، علاوة على تعزيز موقعها وصدارتها بعيدًا عن الهيمنة الروسية التي يمكن أن تؤثر على المصالح البريطانية بشكل كبير.
واختتم "سليمان" تصريحاته قائلًا: "بريطانيا في أزمة كبيرة، وتريد الخروج من الباب الواسع عبر المشاركة والانخراط في التحرك الأوروبي والمعسكر القريب من الولايات المتحدة، حتى لا تجد نفسها معزولة، وعلى الرغم من الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها لكن في النهاية ما زالت بريطانيا تحاول التأكيد على أنها بريطانيا القديمة بنفس أدوات الفعل والتأثير، وأنها قادرة أن تكون أحد مسارات الحل في العمق الأوروبي والأمن الإقليمى الخاص بالناتو".
