بهاء طاهر: ثقافتنا المصرية تعيش الآن واحدة من مراحل ازدهارها الكبيرة
صدر حديثاً عن سلسلة كتاب اليوم الصادرة عن مؤسسة أخبار اليوم كتاب "هكذا تكلم بهاء طاهر" للكاتب والشاعر شعبان يوسف، جاء الكتب في 111 صفحة من القطع المتوسط.
قدم الباحث والمؤرخ الثقافي شعبان يوسف ندوة الكاتب الروائي بهاء طاهر التى جرت وقائعها في ورشة الزيتون، والتي أدارها الدكتور فاضل الأسود، ودار على هامشها عدد من الحوارات التليفزيونية واختار منها حوارًا تليفزيونيًا وقد اخترنا بعض مقتطفات مما جاء بالحوار كالتالي:
هل غيابك في سويسرا لفترات طويلة أنتج نوعًا من أدب الغرابة أو الاغتراب؟
لا أعرف نوع التسمية التي يمكن إطلاقها على الكتابة التي أكتبها، والتي يكتبها غيري من الكُتاب الذين تركوا مصر في فترة السبعينيات وما بعدها، ولكن اعتدنا أن نطلق أدب المهجر على أدب جيل الشاعر جبران خليل خبران أو إيليا أبوماضي وغيرهما من الكتاب الذين كانت هجرتهم، المفروض فيها أن تكون هجرة دائمة، ولها أسباب اقتصادية واجتماعية وهروب من السلطة العثمانية والسلطة الفرنسية، إنما خروج الكتاب المصريين، وبعض الكتاب العرب الآخرين في فترة السبعينيات، كانت له أسباب مختلفة تمامًا وأن ينتج نوعًا من الأدب لا أستطيع أن أسميه أدب مهجر، لأن أحدًا منهم قد أعتزم أو أنتوي أن تكون هجرته دائمة.
لذلك أعتقد أن هذا الأدب، أدب يقف بقدم هنا، وقدم هناك، ولا أحد من الكتاب الذين هاجروا أو سافروا إلى بلاد أوروبية أو إلى بلاد عربية من بلاد البترول يعتبر نفسه مهجرًا دائمًا، أو يعتبر أن ما يكتبه هو تلك الكتابة التي تعتبر نفسه مهاجرًا دائمًا، أو يعتبر أن ما يكتبه هو تلك الكتابة التي تعبر عن الحنين إلى الوطن، أو تعبر عن الرغبة في العودة إلى وطن تحرر من الاستعمار، وإلى آخر ذلك، مما كان إيليا أبوماضي وغيره من شعراء المهجر وكتابه، وإنما هو أدب ينطوي على نوع جديد من الإحساس بوحدة المصير إذا جاز لي أن أقول هناك وحدة المصير حتى ليس فقط بين البلاد العربية، وإنما أيضًا بين البلاد العربية وبين البلاد الأوروبية، هناك نوع من زوال الوهم من أن الغرب يقدم حلًا، وأننا من الممكن أن نلجأ إليه كما كان يفكر بعض الكتاب المهجرين إلى عناصر تقدمية في الغرب لمساعدتنا على التحرر إلى آخره، ولكن هناك نوعًا من الإحساس بأن الأزمة الموجودة في الغرب هي وجه آخر للأزمة الموجودة في الشرق، والعكس صحيح أي نوع من الأدب ينتجه هذا الإحساس لا أستطيع أن أقيمه، ولكن الناقد يستطيع أن يقدم هذا الأدب الذي نتج في ظروف تختلف تمامًا عن ظروف أدب المهجر القديم.
ما أهم التغيرات التي تطرأ على الساحة الثقافية؟
أهم هذه التغيرات في تقديري أن ثقافتنا المصرية والعربية تعيش الآن واحدة من مراحل ازدهارها الكبيرة جدًا، من أزهى مراحل الثقافة العربية شعرًا ونثرًا ونقدًا، يمكن المسرح مستثنى لجوانب أخرى، وسينمائيًا وتصويرًا، ولكن مع الأسف كل هذا يتم في الخفاء، وبعيدًا عن الضوء، لأن هناك مؤسسة ثقافية رسمية متكلسة، تكلست على أسماء معينة، وعلى معايير معينة، وترفض النظر إلى الأمام، أو ترفض أن ترى كل ما يختلف عنها، في حين أنني أقرأ لقصاصين شبان، بعضهم في العشرينيات، وبعضهم لم يستطع أن يصل قط إلى تلك المنابر الأدبية المقروءة، وأجد درجة من النضج التي تجاوزت بكثير الجيل الذي أنتسب إليه، والتي تعتبر تطورًا كبيرًا في مسار الأدب العربي.
لا أستطيع أن أذكر أسماء الآن، ولكنني أتابع باهتمام القصص والأعمال الشعرية التي تنشر، وأجدها في غاية النضج، وأعتبر أننا نعيش الآن كما قلت لك مرحلة من أزهى مراحل الثقافة العربية، بغض النظر عن ظروف أخرى محيطة بذلك، وإنما تعريفي لهذا الجانب هو الذي لخصته.