النشرة الثقافية: صحف عربية تناقش اضطراب حركة النشر فى 2022.. وقراءة فى المتغيرات الفكرية خلال عقد
حرصت الصحف والمواقع العربية في الأسبوع الأخير من العام المنصرم على استقصاء أبرز الأحداث والمتغيرات الثقافية خلال العام، فضلًا عن مناقشة أبرز الأعمال الأدبية لكبار الروائيين العرب وكذلك الإصدارات الفكرية الحديثة وما تثيره من قضايا مُلحة.
قضايا ثقافية
أثارت صحيفة "اندبندنت عربية" قضية حركة النشر العربي خلال العام 2022، إذ استطلعت آراء عدد من المعنيين بحركة النشر في العالم العربي حول أوضاعه بعد ركود سببته جائحة كورونا طوال عامي 2020، و2021، لكن تحديات جديدة قد قادت إلى ركود جديد.
أرجع البعض حالة الاضطراب التي عانى منها سوق النشر خلال العام إلى اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية فيما أرجعها آخرون إلى ارتفاع أسعار الورق والأحبار، ما أدى إلى إغلاق عدد من دور النشر. وأوصى الخبراء بضرورة وضع خطط تطوير لإنقاذ صناعة النشر واستعادة مكانة الكتاب الورقي لا سيما وأنه بات مهددًا بسطوة القراءة الإلكترونية من جهة وتفشي الأمية في العالم العربي من جهة أخرى.
من القضايا التي أثيرت خلال هذا الأسبوع، عبر "قمة اللغة العربية" في دورتها الأولى المنعقدة بالإمارات، والتي ضمت ثلاثين مفكرًا ومبدعًا، قضية حماية اللغة العربية والنهوض بها لتعزيز حضورها في المجتمعات العربية والعالمية، وكان من أبرز المفكرين المتحدثين بالقمة؛ الأكاديمي السعودي عبدالله الغذامي والمفكر العربي أدونيس والروائي الفرنسي جيلبير سينويه.
نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، في تغطيتها للمؤتمر، كلمات المفكرين الثلاثة، مشيرة إلى إجماعهم على أن اللغة العربية تعاني من الضعف بسبب طغيان وسائل التواصل الاجتماعي التي تعمل على تدفق المعلومات، وانخفاض الإقبال على القراءة، وغيرهما من الأسباب المتعلقة بالعملية التربوية والجامعية والعلمية التي تشهد تراجعًا في العالم العربي.
وفي السياق، لفت باحثون إلى علاقة اللغة العربية بالذكاء الاصطناعي، فهناك جملة من البرامج والتطبيقات تستند إلى معايير الذكاء الاصطناعي بما يخدم اللغة العربية، منها مشروع "شات جي بي تي"، و"كامل تولز"، وهي أداة مفتوحة المصدر تسمح للذين يرغبون بالعمل أن يستفيدوا من أدواتها.
تدفق الإبداع الروائي
أجرت جريدة "المدن" الإلكترونية حوارًا مع الروائي السوري خليل الرز، الذي وصلت روايته "الحي الروسي" إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر في 2020، عقب صدور روايته الأحدث "منديل بالفراولة"، والتي يقيم بطلها في موسكو ويخوض حروبًا لإعادة اكتشاف ذاته والدفاع عن حبه.
يقول "الرز" عن روايته التي تدور أحداثها في موسكو قبيل انهيار الاتحاد السوفيتي، إن الزمن الواقعي في روايته لا يلعب إلا دورًا ثانويًا، موضحًا: "أنا في نهاية الأمر لست مؤرخًا ولا أكتب رواية تاريخية. دائمًا أتعامل مع الزمن الواقعي بانتقائية وحذر شديدين حتى عندما يبدو مغريًا لإعطائه دورًا أساسيًا. معظم أعمالي غير مرهونة بأزمنتها الواقعية التي تجري فيها إلا بإكسسوارات غير جوهرية لكنها ضرورية لأسباب تقنية بحتة. ما يهمني أولًا، حتى الآن، إنجاز روايات جميلة، غير معلوكة سابقًا، حتى حين يتماهى بنسيج بنائها الفني ما يشبه المواقف غير المؤكدة من بعض الأحداث الواقعية التي حدثت قبل أو خلال كتابتها".
وفي حواره مع "النهار" اللبنانية، كشف الروائي الجزائري واسيني الأعرج عن أجواء روايته "عازفة البيكاديللي" الصادرة حديثًا عن دار "الآداب"، فقال إنها قصة عازفة بيانو على المسرح الشهير الذي كانت تصعد من إحدى زواياه الآلة الموسيقية، وما أن ينتهي العزف حتى تنزل مجددًا، مضيفًا: "المشكلة لبنانية عربية، وكل المعالم التي تعني أجيالًا تذهب وتندثر. وعلى المستوى الرمزي، كان البيكاديللي مكانًا يجمع كل القوى، وهو مكان لم يقصف طوال 15 عامًا من الحرب الأهلية. جمع المكان أناسًا من اتجاهات مختلفة في زمن كانت فيه بيروت عاصمة كوزموبوليتية وعربية وديمقراطية وحاضنة جميلة".
وتابع الأعرج في حواره: أقول إن إمكانية الحبّ والسلام متوافرة، وتحتاج الى أناس يفكّرون، وأن محوَ المعالم تدمير لذاكرة لبنانية وعربية وإنسانية، وأنا واحد من جيل لا يريد لذلك العالم أن ينتهي. لم أغلق صفحة ذلك الزمن لأن الأمر يمسّني. وعملي حفظ الذاكرة من التلف، وتعجبت لعدم وجود أبحاث كافية عن البيكاديللي، وسألت مختصين كثرًا. وأخذنا نشحد الصور القديمة، واستغربت كيف مرّ الموضوع على كتّاب وروائيين لبنانيين.
دعوة لتنمية القوى الذاتية
أجرى موقع "ألترا صوت" حوارًا مع المؤرخ اللبناني فواز طرابلسي على ثلاثة أجزاء، شمل قضايا ومواضيع مختلفة تضم السياسة والتاريخ والأدب والفن. ومن أبرز ما برهن عليه طرابلسي في حواره كون "التعبير الأدبي والفني أقدر على الإحاطة بالصراعات والتحولات الاجتماعية والسياسية من النص السياسي الصرف"، مشيرًا إلى إدراكه إمكانية قراءة الصراعات العنيفة والتحولات الجذرية من خلال تعبيراتها في الأدب والفن.
وفي قراءته للمتغيرات في الواقع العربي منذ الثورات العربية، أشار طرابلسي إلى أن "المراهنة الواهمة على القوى الخارجية و"المجتمع الدولي" و"الرأي العام الدولي" التي راجت في الانتفاضات، أفقد الحركات الشعبية استقلاليتها، موضحًا: هي دعوة للاعتماد على الذات وتنمية القوى الذاتية لتيار الحرية والتغيير، وقياس قواه الفعلية بناءً على ما يستطيع ولا يستطيع تحقيقه".
ولفت إلى أن "القوى الإقليمية والدولية لعبت دورها في الثورات منذ البداية. فالمبدأ الأول للإدارات الأمريكية المتعاقبة كان الحفاظ على الأمر الواقع المحلي والإقليمي: أمن حدود إسرائيل، واتفاقات السلام مع إسرائيل، وحماية الأنظمة التابعة، وحينما وقعت الثورات، اعتمدت سياسة التعديل/ الإصلاح في الأنظمة، بواسطة تنحي الرئيس واستبداله بنائبه وتنظيم انتخابات نيابية كان واضحًا أنها ستأتي بالتنظيمات الإسلامية إلى الحكم. وهي سياسات انحكمت بالدرجة الأولى بالاستراتيجية الأمريكية الشاملة عن الحرب الكونية ضد الإرهاب".
المراجعات والبدائل
من الكتب الفكرية البارزة التي صدرت أخيرًا، عن المركز العربي للأبحاث والدراسات، كتاب "المراجعات والبدائل" للمفكر والسياسي التونسي عبدالمنصف المرزقي وفيه يطرح عددًا من الأسئلة هي: ما الذي يتميّز به القرن الحادي والعشرون عمّا سبقه من قرون؟ وبأيّ حقائق نتمسك؟ وهل ما زال لمفهوم "الحقيقة" معنى مع كثرة المعطيات وتسارع تغيرها؟ وكيف نفهم عالمنا ونتعامل معه لا سيما مع التهديدات البيئية التي تهددنا بضراوة؟
وأوضح المركز عبر موقعه في تقديمه للكتاب، أنه "لم يعد ما نرجوه من الأيدولوجيات القديمة في التعامل مع أزمات العالم الراهن، كما أنه لم يعد ممكنًا الاستكانة لهوس الحرية المطلقة المعفاة من كل مسئولية كما تفهمها الليبرالية، ما يعني ضرورة عودة قوية للدولة بوصفها ضامنة لأولوية المصلحة العامة على المصالح الخاصة".
يلخص الكتاب الأهداف الكبرى في: "تجند سياسي مجتمعي اقتصادي تكنولوجي غير مسبوق، للتصدي لخطر التحول المناخي المتسارع، ووضع سياسات دولية للتحكم في صناعة الأدوية واللقاحات، والتحكم في التكنولوجيا، خاصة في الذكاء الاصطناعي، ما يتطلب عودة الدولة باعتبارها عنصرًا ضروريًا للدفاع عن المصالح العامة ضد المصالح الخاصة".