«أصدقاء الريح».. مجموعة قصصية جديدة لـ دعاء رشاد عن «الأعلى للثقافة»
صدر حديثًا عن المجلس الأعلى للثقافة وضمن سلسلة الكتاب الأول المجموعة القصصية "أصدقاء الريح" للقاصة دعاء رشاد.
وقال الروائي محمد خليل إن الكاتبة تتمتع بقدرة فائقة على اقتحام عالم كتابة الفنتازيا، وكما نعرف فإن الفنتازيا تتعامل مع الواقع الحياتي من خلال رؤية غير مألوفة، وسرد يعتمد على لغة الخيال المفرط في التحليق الخيالي والصور غير الطبيعية، كما أنها معالجة إبداعية خارجة عن المعلوم والمألوف للواقع الحياتي المعيش، أما عن موضوعات القصص فالكاتبة مهمومة بكثير من قضايا المرأة وهمومها على وجه الخصوص وقضايا الإنسان بصفة عامة.
وأضاف أن الكاتبة تمضى في القصص وهي تريد أن تؤصل لهذا النوع من الكتابة المدهشة لغويا، كتابة تجعل القارئ يحلق في فضاءات غريبة دون أن يصل إلى الحقيقة التي يتمنى أن يعرفها، بداية من تحويل شخصياتها إلى تماثيل من حجارة ثم عودتها سيرتها الأولى، وهكذا تتنقل الكاتبة من الواقع المؤلم إلى العالم المدهش والغريب، وأن استخدام الواقع في الوصول إلى رؤيتها مثل استخدام الرقص وصالاته وتحويل الأشخاص الحقيقين إلى دمى وعرائس غريبة.
في الحقيقة هي تستخدم لغة مختلفة عن اللغة أو السرد المألوف في كتابة القصة القصيرة، لعل هذه النوعية من الكتابة تجذب بعضًا، لكنها في كل الأحوال لغة جاذبة من خلال سرد فني يخضع لذائقة القراء وهم الذي يحكمون على هذا السرد بالرفض أو القبول.
في حين قال الروائي سمير الفيل إن غرابة النصوص تكمن في محاولة القبض على مناطق تجريبية في النص السردي المعاصر، والكاتبة تحاول أن تجمع بين الفانتازيا من جهة وبين الواقع من جهة أخرى، وهي تنجح إلى حد كبير في ذلك عبر نصوص تتسم بعدة خصائص؛ فهي تعرض لقضايا عصرية من منطق المتابع والمتورط في الحدث بشكل ساخر وعبر تقنيات متقدمة، وعلى الرغم من الطابع العبثي في بناء المنظومة القصصية فإنها حافلة بالتشويق والفرادة، والقدرة على مخاطبة العقل قبل العاطفة.
وأكد أن المجموعة في عناصر محددة، وهي أن الكاتبة تمتلك خيالا جامحا في تشكيل الفضاء السردي، وهي تعتمد على نمطين من الكتابة: الحوار عنصر يدفع بالصراع لأقصى درجاته، إضافة إلى السرد الذي يؤكد على منطق الضرورة في استحضار الحدث، والبحث عن معنى الحرية عبر تخليق الأحداث، وتوجد داخل نسيج القصة مناطق بها مسحة فلسفية منها النزعة العدمية وفكرة انعدام الجدوى التي تسم النصوص جميعا، لا سيما قصة "لجنة قبول المسرات"، كما تتجه أغلب النصوص إلى الخروج عن المألوف كما نجد في قصة "صيد الأكاليل" وفيها تصطاد الجماعة البشرية سمكة، ثم عصفورا، ثم قمرا، ثم أسدا، بعدها قردا ووعلا. هذه الغرائبية تستولي على فضاء النص لتشكل نسيجا قصصيا حافلا بالغرابة غير أن طبيعة المادة السردية وطريقة التشكيل تجعلنا طرفا فاعلا في النص. لنتساءل عن معنى الحياة وجدواها، وأن أبطال النصوص لديهم رغبة في تحطيم الأطر الجامدة فنجد أن النساء يعترفن أنهن أحيانا يتحولن إلى فراشات ونجد الحس الفلسفي يبين أن المشاعر أكذوبة أحلها الله، وتصل درجة التحول في العلاقات أن يعترف شخص ما بالقصة أنه زرع شجرة في البحيرة فابتلعها الموج.
وتابع الفيل:" في بعض النصوص أقرب للأنشودة حيث إن أكثر اللحظات صدقا هو ما نجده حين نكشف عن وجودنا الحقيقي داخل ذواتنا المخبأة في أثواب فضفاضة "الرقص الأخضر"، كما تحتل السخرية مساحة لا بأس بها في النصوص ومن بينها القصة الأولى " لجنة قبول المسرات " وفيها يبحث الجميع عن "لي لي". ينهض سؤال عميق الدلالة: "هل ماتت لي لي حقا؟ أم أنها ما زالت تتبع الجنائز وتروي القصص؟"، وأن التداخل المقصود بين عالم البشر وعالم الحيوانات في قصة "أصدقاء الريح" فيها يجتمع فريق من الدببة يقول القاضي: "نحن مسالمون أيها الدببة" ثم يستطرد: "هذه الآنسة ذات الرداء الأسود جاءت تسعى إلى هلاكها. ما شأننا"، وأن الكاتبة تعتقد أن البشر يعيشون في غابة وينفذون قوانينها وهي ترد على الاتهامات بكونها لا تموت أبدا فهي تشعر أنهم مضحون ونشعر مع انتهاء النص أن الرسالة كالتالي: "لم نعد دببة، نحن بشر" غير أن السياق الفكري يؤكد وجود رابط ما بين البشر وبين الدببة بكل تقاعسها وتسرعها وأخطائها المميتة.
جدير بالذكر أن السلسلة جاءت في إصدارها الثالث، ويرأس تحرير السلسلة الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف رئيس الإدارة المركزية للشعب واللجان الثقافية، نائب رئيس التحرير أحمد الجعفري ويديرها كل من الدكتورة نعيمة عاشور والدكتور علي الشيخ وسكرتارية تحرير سها صفوت.