دراسة تكشف دوافع وتداعيات إلغاء وقف إطلاق النار بين طالبان باكستان والحكومة
نشر المرصد المصري التابع للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، دراسة بعنوان " تجدد الصراع.. دوافع وتداعيات إلغاء وقف إطلاق النار بين طالبان باكستان والحكومة"، للباحثة مني قشطة، تناولت فيها إعلان حركة طالبان باكستان في نهاية الشهر الماضي، إلغاء العمل باتفاق وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه مع حكومة إسلام آباد في يونيو الماضي، وأمرت مقاتليها بشن هجمات في شتى أنحاء البلاد.
وأوضحت الباحثة مني قشطة، أنه في ضوء تلك التطورات أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية في الأول من ديسمبر الجاري، أنها ستدرج أربعة من قادة تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية وحركة طالبان باكستان على لائحتها للإرهابيين، ومنهم قاري أمجد القيادي البارز بالحركة والمسؤول عن هجماتها في إقليم خيبر بختونخوا شمال غرب باكستان.
- اتفاقيات وقف إطلاق النار بين "طالبان باكستان" والحكومة لطالما وصفت بالهشاشة
وأشارت الباحثة إلى أنه أثبتت الخبرات التاريخية السابقة، أن اتفاقيات وقف إطلاق النار بين حركة طالبان باكستان وحكومة إسلام آباد لطالما وصفت بالهشاشة، ومحاولات الاختراق المستمرة من الطرفين، التي تؤدي في نهاية الأمر إلى انتهاء العمل بها، فرغم توافق الطرفان على استمرار التفاوض، لكنهما استمرا بالمقابل في ممارسة بعض الأنشطة التي عدها كل طرف انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار.
كما تطرقت إلى معدلات العنف التي شهدتها باكستان والتى ارتفعت منذ مطلع العام الجاري، ارتباطًا بتنامي الجماعات المسلحة في البلاد، وفي مقدمتها حركة طالبان باكستان التي كثفت من هجماتها في المناطق القبلية بولاية خيبر بختونخوا وتنظيم داعش وجيش تحرير بلوشستان، مضيفة أنه احتلت باكستان المرتبة العاشرة في قائمة الدول العشر الأكثر تأثرا بالإرهاب عالميا خلال عام 2021، بحسب النسخة التاسعة من مؤشر الإرهاب العالمي الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام الدولي مطلع العام الجاري.
ووفقًا للمؤشر، تفوقت حركة طالبان باكستان على جيش تحرير بلوشستان، لتصبح الجماعة الإرهابية الأكثر دموية، بواقع 19% من الوفيات المرتبطة بالإرهاب في باكستان في عام 2021، وخلال العامين الماضيين حدثت 62%من الوفيات في الولايات الواقعة على طول الحدود مع أفغانستان، واعتبر المؤشر أن انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان يتسبب في زيادة عدم الاستقرار الإقليمي، مما يوفر للجماعات الإرهابية فرصة لإحداث المزيد من الضرر.
- دوافع إعلان حركة طالبان باكستان إلغاء العمل بوقف إطلاق النار
وأشارت إلى أنه وراء إعلان حركة طالبان باكستان إلغاء العمل بوقف إطلاق النار مع حكومة الحكومة الباكستانية مجموعة من الدوافع، يرجع لعدة عوامل منها فشل المحادثات مع الحكومة، و الرد على استهداف قادتها، والحاجة إلى تعزيز مواردها المالية، و تنامي عناصر قوة الحركة وهو ما يمكن إيعازه إلى جملة من العوامل أولها، قيام الحركة بتعزيز مكونها البشري عبر ضم عدد من المجموعات المتشددة المعارضة للحكومة الباكستانية، وثانيها، انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان أواخر عام 2021، وثالثها، دخول حكومة إسلام آباد في مفاوضات مع الحركة.
كذلك بالإضافة إلى تصاعد تهديد تنظيم داعش، و الاستثمار في أزمات باكستان، وورقة ضغط من حركة طالبان الأفغانية، ورغم أن الحركتين منفصلتين تنظيميًا لكن توجد حالة من التماهي الفكري والأيديولوجي بينهما،
واختتمت أنه يمكن القول إن باكستان ستشهد خلال العام 2023 المزيد من أحداث العنف المرتبطة بتنامي نشاط حركة طالبان باكستان، وإعلانها إلغاء العمل بوقف إطلاق النار، مُستغلة انشغال حكومة إسلام آباد في مجابهة التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية التي شهدتها البلاد خلال العام الجاري.
ويرجح أن يتوقف مستقبل الصراع بين الحركة والحكومة على فعالية المقاربة التي سينتهجها القائد الجديد للجيش عاصم منير في مواجهة نشاط الحركة، لا سيما أن بعض التحليلات ترى أن هزيمة الحركة عسكريًا عبر عملية عسكرية شاملة قد لا يكون مُجديًا بدرجة كبيرة، بالنظر إلى أن عناصر الحركة في الوقت الراهن لا يتمركزون في منطقة بعينها، وينتشرون بصورة مشتتة، وهو ما يصعب من عملية استهداف عناصرها.
وثمة عامل آخر سيحدد مستقبل هذا الصراع، وهو درجة التوتر في العلاقات القائمة بين حكومة إسلام آباد وحركة طالبان أفغانستان في ضوء الارتباطات الكبيرة بين الأخيرة ونظيرتها الباكستانية، وقدرتها على توجيه دفة المفاوضات بين طالبان باكستان والحكومة بما يخدم مصالحها.