واشنطن بوست: مصر الأجدر بحفظ تراثها وتوت عنخ آمون نقطة التحول
قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أنه قبل قرن من الزمان وفي مثل هذا الشهر، تصدرت مصر عناوين الصحف الدولية بعد اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك بمدينة الأقصر، مشيرة إلى أنه كان اكتشافًا أثريًا أثار اهتمامًا شعبيًا مفاجئًا بمصر القديمة.
وتابعت الصحيفة، أنه في حين أنها كانت لحظة نادرة في علم آثار المشاهير، إلا أنها كانت أيضًا نقطة عالية من المواقف الإمبراطورية التي يتردد صداها من خلال مناقشات اليوم حول ملكية القطع الأثرية، مثّل علماء الآثار الذين اكتشفوا القبر ثقافة وحضارة دولة شعرت أنها مؤهلة للمطالبة بالاكتشافات ودفعوا حتى للحصول على ترخيص للقيام بذلك.
- نهب الثروات المصرية في فترات الاستعمار
وأضافت الصحيفة الأمريكية أنه لقرون طويلة لم يتم التشكيك في أخلاقيات نهب الاكتشافات الأثرية والمومياوات الفرعونية، ولكن اليوم، على النقيض من ذلك، تسأل المتاحف في الغرب عما إذا كان ينبغي عليهم الاحتفاظ بهذه القطع الثمينة في مجموعاتهم، التي تم الحصول عليها خلال فترات الاستعمار وكان اكتشاف توت عنخ آمون بداية هذا التغيير.
وأشارت إلى أن وادي الملوك، الذي يقع على ضفة النيل مقابل الأقصر، وهو مكان دفن أفراد العائلة المالكة والنخب في المملكة المصرية الحديثة، كان يحتوي على 63 مقبرة وحجرة، وعلى الرغم من أنه كان معروفًا للعديد من القوى الاستعمارية القديمة التي مرت عبر مصر، إلا أن رحلة نابليون عام 1799 لفتت الانتباه الغربي إلى الموقع، من خلال خرائط ورسوم توضيحية للوادي.
وأوضحت "واشنطن بوست"، أنه بعد قرن من الزمان تم تنفيذ العمل الأثري في ظل نظام الامتيازات، حيث كان علماء الآثار يدفعون للسلطات المصرية مقابل الحق في التنقيب في منطقة معينة مقابل حصة من الكنز الذي يتم العثور عليه، ولكن قامت إدارة الآثار المصرية بإدارة والإشراف على التنقيب عن مقبرة توت عنخ آمون، حيث احتفظت بالقطع الأثرية المهمة، واشترى جورج هربرت ، إيرل كارنارفون ، امتياز وادي الملوك في عام 1914 ، لكن أعمال التنقيب تأخرت خلال الحرب العالمية الأولى، كان عالم الآثار هوارد كارتر ، الذي كان يعمل في مصر منذ عقود، مسئولاً عن الحفر.
- مصر الأجدر بحفظ تراثها
وتابعت الصحيفة، على أنه بعد اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون اتجهت أنظار العالم أجمع لمصر للتعرف على روعة وعظمة حضارتها الفرعونية، ما جعل الدولة المصرية تتمسك بحقوقها في آثارها بعد أن كانت تنهب على مر القرون، وشهدت القرون الأولى ذروة سرقة المومياوات وتهريبها لأوروبا وبيعها كعلاجات سحرية، أو كطبقة للصبغة أو وضعها في المتاحف، ولكن المصريون رفضوا التفريط في كنوزهم مرة أخرى.
وأضافت أن القوميون المصريون لجأوا أيضًا إلى توت عنخ آمون كرمز لعظمة الماضي، وحصلت مصر على استقلالها في نفس العام، وكان إرث ثقافتها القديمة نقطة محورية في الفخر الوطني، وكان هذا أيضًا اكتشافًا نادرًا لأن قبر فرعون كان سليمًا، ورفضت مصر منح عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر أي قطعة أثرية وكذلك ورثة اللورد كارنارفون الذي توفى بعد أشهر من اكتشاف المقبرة، ووصل الأمر للقضاء الذي قال كلمته الأخيرة وبموجبه دفعت مصر 35 ألف جنيه استرليني لورثة كارنارفون ومع ذلك بعد سنوات، أظهرت الرسائل أن كارتر وصديقه اللودر قد سرقا بعض المقتنيات الهامة من مقبرة الملك الصبي.
وأكدت الصحيفة الأمريكية أن هذا العصر الجديد لعلم المصريات سيجلب اهتمامًا عامًا مستدامًا بعالم الفراعنة ويخلق دورًا بطوليًا لعلماء الآثار، ففي بريطانيا، تضمن معرض الإمبراطورية في ويمبلي عام 1924، والذي ضم أجنحة من جميع أنحاء العالم، نسخة طبق الأصل من المقبرة بأكملها ليراها الزوار.
وتابعت أنه بعد 50 عامًا من الاكتشافات ، سُمح لبعض العناصر بمغادرة مصر من خلال معرض متنقل لكنوز توت عنخ آمون والذي حطم السجلات التاريخية لزيارات المعارض حول العالم.
وأضافت أن مصر الأجدر بالحفاظ على تراثها وعرضه للعالم، فهذا التراث قيمة تستحق التمسك بها في عصر السياحة العالمي، في العقود التي تلت العثور على مقبرة توت عنخ آمون، قدمت المتاحف في مصر للزوار تاريخ الفراعنة، عندما تم نقل العديد من المومياوات الملكية العام الماضي من متحف القاهرة إلى المتحف المصري الكبير الجديد في الجيزة ، تم منحهم موكبًا رائعًا ، لكل منها عربة خاصة به ، تليق بجنازة ملكية، حيث وضع الملك توت علم الآثار على الصفحة الأولى، حيث لا يزال تأثير قبره يشكل كيف نحافظ على الماضي ونفهمه.