«أكل البصل فخاف لقاء السفير».. قصة من دفتر حكايات نجيب محفوظ
كان لفوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل صدى كبيرا جدًا، وزاره السفير السويدي في بيته، وكانت هناك العديد من المفاجآت في هذا الصدد.
يحكي الكاتب الصحفي إبراهيم عبد العزيز عن هذه الكواليس في كتابه “ليالي نجيب محفوظ في شيبرد” والصادر عن دار بتانة للنشر والتوزيع فيقول: "أما كيف استقبل الحرافيش حصول حرفوشهم الأكبر على جائزة نوبل؟.. فيقول الفنان أحمد مظهر إنه كان يتوقع هذا التقدير العالمى لنجيب محفوظ، وأنه سعيد بهذا الفوز، وقد جاءت الجائزة مع موعد اجتماعنا الأسبوعى، وقد تأخر علينا نجيب محفوظ لأول مرة فى حياته، تأخر ربع ساعة فقط لأن بيته كان خلية نحل من الناس، وكازينو قصر النيل امتلأ بالمراسلين والصحفيين وكاميرات التليفزيون، ولكننا استطعنا جمع أنفسنا وانطلقنا إلى موعدنا فى بيت عادل كامل.
أما توفيق صالح فقد وصله الخبر قبل إذاعته من صديق له فى لندن، فظن فى البداية أنها مجرد دعابة.. واتصل ببيت محفوظ فوجد التليفون مشغولا لمدة طويلة، فلم يضيع وقتاً ومضى إلى بيته ليجد تجمهراً غير معتاد فى هذا البيت الهادئ، وصاحبه يقابله مبتهجاً.
أما الموقف الصعب الذى قابله محفوظ فى ذلك اليوم التاريخى فقد كان بسبب نصيحة من توفيق صالح نفسه: أخبرت نجيب محفوظ مرة أن أفضل علاج مجرب لمرض السكر الذى نعانى منه هو البصل، واتفقنا على أن نأكل بصلة يومياً، وفى يوم حصوله على نوبل كان قد تناول "فحل بصل" قبل خلوده للنوم، ولما أيقظته زوجته لتزف إليه الخبر، نسى فى زحمة المفاجأة أن يزيل آثار معركة البصل، وجاء السفير السويدى فجأة إلى بيته ليعلنه رسمياً بفوزه بالجائزة، وحكى لى نجيب أنه كان فى "حوسة" خشية أن تنتشر الرائحة ويشمها جناب السفير، واضطر نجيب لأن يضع يده على فمه طوال الحوار.
وقد ذهب نجيب إلى بيت عادل كامل مساء يوم إعلان النبأ الجميل، يقول الصديق القديم: إن الجائزة صادفت من يستحقها بجدارة، ويضيف: لم نتمكن من إقامة احتفال لنجيب، فقد فوجئنا جميعاً، ولذلك جلسنا ككل سهرة خميس، ولكن كان هناك ظرف استثنائى وهو فوز نجيب بالجائزة، فدارت كل الجلسة حول هذا التقدير الكبير، وضمت الجلسة نجيب محفوظ وتوفيق صالح وبهجت عثمان وأنا، بينما استأذن أحمد مظهر لارتباطه بموعد تصوير، ولم يحضر صبرى شبانة لأنه لم يكن يعرف، يقول: لسوء حظى تأخرت عن الذهاب لجلسة الحرافيش مساء إعلان يوم الجائزة إلا أننى ذهبت إليه فى منزله صباح الجمعة وقدمت له التهنئة الواجبة ـ ويضيف ـ طوال جلسات الحرافيش الأخيرة كنا نتكلم عن الماضى، ولكن أخيراً أسعدنا نجيب محفوظ بالجائزة فعدنا إلى الحاضر والمستقبل.
يستكمل عادل كامل وقائع ذلك اليوم العظيم: طوال السهرة كان نجيب محفوظ يبدى دهشته لحصوله على جائزة كبيرة مثل هذه لم يسع إليها ولم يسمع أن أحداً قد رشحه لها، وقال لنا نجيب محفوظ إنه فوجئ بهذا الجمع الغفير من الناس الذين حضروا إلى منزله وإلى كازينو قصر النيل، كان نجيب محفوظ مجهداً جداً، وقلت له: شد حيلك لأن عندك فترة طويلة من الهجوم الإعلامى والصحفى عليك.