كوكب الشرق وجارة القمر.. صوتان سحرا آذان العرب
منذ 75 عاما استمع جمهورها الصغير من زملائها الطلاب صوتها أول مرة؛ كان ذلك فى إحدى الحفلات المدرسية عام 1947 في منطقة قضاء الشوف بجبل لبنان المجاورة إلى حارة زقاق البلاط في الحي القديم القريب من العاصمة اللبنانية بيروت مسقط رأسها.. وقتها كان عمرها آنذاك أربعة عشر عامًا عندما شاركت كمؤدية في كورس الإذاعة بعد أن تحمس لها الملحن اللبنانى محمد فليفل؛ إنها نهاد نُهاد وديع حداد "21 نوفمبر 1935"، والمعروفة بالاسم الفني فَيروز، ومن ثم انطلق صوت جارة القمر إلى الإذاعات العربية ليسحر الآذان؛ خاصة بعد أن قدمت أعمالاً فنية تنوعت بين الموشحات الأندلسية والمواويل والعتابات تعاونت فيها مع الأخوين رحباني اللذين بدأت معهما مشوارا طويلا ومثمرا من التعاون الفني تمثل في المئات من الأغاني والعديد من المسرحيات الغنائية التي وصل عددها إلى 800 أغنية وثلاثة أفلام وأربعمائة ألبوم خلال فترة زمنية امتدت لثلاثة عقود أبدعت فيها.
في هذه الأيام نحتفل بعيد ميلاد جارة القمر أو درة الجوقة الماسية الرحبانية فيروز، والتى صنفها نقاد عالميون بأنها أفضل رابع صوت حول العالم مع "فرانك سيناترا، وإديث بياف، وبربارة ستريساند".
فى الوقت نفسه، استطاعت فاطمة بنت الشيخ المؤذن إبراهيم السيد البلتاجي وتعرف أيضاً بكُنيتها المشهورة أُم كَلثوم "31 ديسمبر 1898م أو رسميًا حسب السجلات المدنية في 4 مايو 1908م- 3 فبراير 1975" تعد من أهم الأصوات الغنائية المصرية والعربية التى التف حولها العرب؛ وقارنها نقاد العالم أيضاً بـ"إديث بياف" عندما كتبت صحيفة الأورو الفرنسية أنها مثّلت للعرب ما مثّلته "إديث بياف" للفرنسيين، إلا أن عدد معجبيها أضعاف عدد معجبي إديث بياف، ومثلما كتب بيجل كاربيير في صحيفة "الفيجارو" أنه برغم أن الأوروبيين لم يفهموا الكلمات؛ إلا أنها وصلت إلى روحهم مباشرة، أما صحيفة التايمز كتبت أنها من رموز الوجدان العربي الخالدة، بينما كتبت صحيفة "زود دويتش سايتونج" الألمانية أن مشاعر العرب اهتزت من المحيط إلى الخليج؛ كان ذلك بعد أن رددت الصحف العربية نبأ وفاتها في الصفحات الأولى بينما سيطر الوجوم على العرب.
ولكن ما السر الذى يكمن وراء خلود صوتي أم كلثوم، وجارة القمر فيروز؟.. للإجابة عن التساؤل التالى تعالوا نتعرف معاً على موقع كليهما فى السلم الموسيقى:
صوت أم كلثوم خليط بين "السبرانو والميتزوسبرانو والألتو"
في الموسيقي تنقسم الأصوات النسائية إلى ثلاثة أصوات من الأعلى إلى الأقل: سبرانو "الصوت الحاد"، الميتزوسبرانو "نصف الحاد" والذي يمتلكه أغلب النساء، الألتو "الصوت الغليظ" وهو نادر لدى النساء، حيث كلما كان تردد كوكب الشرق الصوت أعلى كلما كان الصوت أكثر حدة وأعلى طبقة.
امتلكت أم كلثوم تلك الأصوات جميعها، وهذا 3 أضعاف الأصوات العادية، وساعد بشكل كبير أم كلثوم على الوصول إلى هذا المستوى من الأداء الفترات الأولى في ترتيل القرآن وتعلمها التجويد في إخراج الحروف بشكل واضح، مما أكسبها مرونة عالية في التنقل بين تلك الأصوات المقامات الموسيقية، وهو تفرد في الغناء العربي.
أما بالنسبة لصوت الرجل، يغطي صوتها ديوانين من وسط موقع صوت "الباريتون"، وهو الصوت الرجالي المتوسط في تصنيفات الأصوات الغربية، وهذا نادر للغاية في أصوات المغنيات في العالم- حيث الديوان الواحد يبلغ ستة عشر مقاماً موسيقياً.
صوت فيروز يتنزه بين ديوانين ونصف من السلم الموسيقى
منصور الرحبانى قال فى حوار صحفى أجراه مع الكاتب السورى "جان الكسان" ونشر الأخير تفاصيله فيما بعد في جريدة "الفنون" عام 2003، إن صوت فيروز من أوسع الأصوات النسائية من حيث الطبقات الصوتية.
"الرحبانى" أشار أيضاً إلى أن مساحة صوت فيروز فهو يتنزه بين ديوانين ونصف من السلم الموسيقى من دون استعمال الصوت المستعار وهذه ظاهرة صوتية متميزة.