إنقاذًا للبيئة.. كيف تدير الدولة المصرية منظومة التحول للأخضر في صناعات النسيج؟
التحول الأخضر أصبح في مقدمة البرامج التي تنتهجها دول العالم بالتزامن مع الالتفات لأهمية مواجهة التغيرات المناخية تزامنًا مع انعقاد قمة المناخ الأخيرة والتي استضافتها مدينة شرم الشيخ خلال الفترة من 6 إلى 17 نوفمبر الماضي.
وفي سياق متصل، اقتربت المجمعات الصناعية الجديدة للغزل والنسيج من بدء الإنتاج الفعلى المقرر لها مطلع العام المقبل، وفق المواصفات العالمية ومراعاة الإجراءات التي من شأنها الحد من الملوثات، بتكاليف تزيد على 23 مليار جنيه.
قال الخبير الزراعي سيد فرج، إنه يجب الارتقاء بصناعة الغزل والنسيج في مصر، باعتبارها واحدة من الصناعات المصرية ذات القدرة التنافسية الكبيرة في الأسواق العالمية وذلك لما اشتهرت به المنتجات القطنية المصرية من سمعة متميزة في العالم أجمع.
وتابع في تصريحات خاصة لـ"الدستور" أن خطة الوزارة للنهوض بقطاع صناعة المنسوجات في مصر تتضمن مراحل الإنتاج التي تبدأ من زراعة وتجارة القطن وتطوير المحالج مرورًا بتحديث مصانع الغزل والنسيج والصباغة والتجهيز وصولًا إلى المنتجات النهائية، موضحًا أن الدولة تهتم كثيرًا بعنصر التسويق وزيادة الصادرات وفتح أسواق جديدة، وكذا مواكبة التطور العالمي في أساليب البيع الحديث والاحترافي.
ومن جانبه، أكد المهندس محمود عصمت، وزير قطاع الأعمال العام، أن مشروع تطوير شركات القطن والغزل والنسيج يعد أضخم مشروع استثماري بشركات وزارة قطاع الأعمال العام إذ تتجاوز تكلفته 23 مليار جنيه، مشيرًا إلى أن الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج التابعة للوزارة كانت قد وقعت عقود توريد لأحدث الماكينات في صناعة الغزل والنسيج من كبرى الشركات العالمية بقيمة نحو 540 مليون يورو، منها 355 مليون يورو من شركات سويسرية مثل: (Rieter - Karl Mayer - Luwa - Benninger - Staubli )
وتطرق وزير قطاع الأعمال العام، إلى العمل مع الاستشاري العام لمشروع التطوير "وارنر"، لضمان التدريب المناسب للعاملين في شركات الغزل والنسيج على كيفية استخدام وتشغيل الآلات الجديدة.
وأكد الدكتور أحمد مصطفى، رئيس الشركة القابضة للغزل والنسيج، أن القطاع يشهد طفرة كبيرة فى مراحل الصناعة بناء على خطة متكاملة تعتمد على عدد من الركائز أولها الدمج بين 23 شركة لها قدرة على خلق تنافسية، وكذلك إنشاء مصانع جديدة وتطوير بعض المصانع القائمة، كما لفت إلى أن عام 2023 يشهد إنتاج أكبر مصنع فى العالم للغزل والنسيج فى مصر.
وتابع رئيس الشركة القابضة للغزل والنسيج: “نعمل على أحدث ما وصلت إليه تكنولوجيا الإنتاج في صناعة الغزل والنسيج”، مشيرًا إلى أن المصنع فى مرحلة التشطيبات ويستمد طاقته من ألواح الطاقة الشمسية".
وأشار إلى أنه بالإضافة إلى المصنع القائم العمل عليه، هناك 65 مبنى تابعا للشركة يتم العمل عليها، ما بين إنشاء جديد أو تطوير، منوهًا إلى أن هناك مصانع سيتم افتتاحها قبل مصنع 1 وفى وقت قريب جدًا.
انتاج القطن صديق البيئة
وأكد رئيس القابضة لصناعة الغزل والنسيج، أن مصر لديها القطن الملون الطبيعي والذي يتميز بمواصفات لا توجد بأي دولة بالعالم من ناحيه طول التيلة والنعومة والمتانة، وهو مطلوب عالميًا، وحاولت بعض الدول الأوربية التعاقد على استيراده من مصر.
وأضاف أنه تم تجربته بالفعل ومطلوب عالميا ويوفر 50% من تكاليف التصنيع بالإضافة إلى أنه صديق للبيئة لعدم وجود مواد صباغة، وتابع:"إضافة إلى ذلك هناك القطن الأورجنك وهو من النوعية التي لا تستخدم فيها مبيدات كيمائية، كما أن هناك القطن النظيف أو ما يسمي BCI والذي تتم زراعته في مصر وهو مطلوب عالميًا، إذ أنه يعتمد علي تقليل مرات الري وتقليل أثار التلوث ويتم زراعته بالاشتراك مع منظمه اليونيدو.
وتشير عدد من الدراسات العالمية إلى أن هناك زيادة فى غازات الاحتباس الحرارى الناجمة عن صناعة الغزل والنسيج، إذ أنه يؤدي ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي إلى انبعاث غازات الدفيئة، ويعتبر ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز ومركبات الكربون الفلورية المساهمين الرئيسيين، وشهدت السنوات الأخيرة زيادة هائلة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري(GHG) مما أدى إلى ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي.
دراسات: صناعات النسيج من أبرز مسببات الاحتباس الحراري
وبحسب الدراسات، فإن صناعة النسيج تعتبر من أكبر الصناعات المستهلكة للوقود (الطاقة اللازمة للطاقة الكهربائية والبخار والنقل)، ويبلغ نصيب الفرد من استهلاك المنسوجات حوالي 20 كجم / سنة ويزداد يوما بعد يوم، وبالتالي من الضروري اتخاذ خطوات فورية وتطوير تقنيات مبتكرة وحلول مستدامة يمكن أن تساعد في تقليل التأثير البيئي.
ووفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، تعد صناعة النسيج خامس أكبر مساهم في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وبالتالي فإن صناعة النسيج تعد من أكبر مصادر الغازات المسببة للاحتباس الحراري على وجه الأرض، الأمر الذي يتطلب التركيز على الأقطان الأورجنك والملونة، والأخيرة لا تحتاج إلى صبغات صناعية.
كما تشير الدراسات إلى أن الألياف الاصطناعية، المستخدمة فى الصناعة لا تتحلل فهي تطلق معادن ثقيلة ومواد مضافة أخرى في التربة والمياه الجوفية في مدافن النفايات، تتطلب إعادة التدوير فصلًا مكلفًا، بينما ينتج عن الحرق ملوثات - في حالة البولي إيثيلين عالي الكثافة، يتم إنتاج 3 أطنان من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لكل 1 طن من المواد المحترقة