خبراء الطاقة والمياه: مصر وضعت العالم على حافة تنفيذ «تعهدات المناخ»
شدد عدد من خبراء الطاقة والمياه على حصد مصر مكاسب كثيرة من تنظيم مؤتمر المناخ فى شرم الشيخ، على رأسها تسليط الضوء على إمكاناتها الخاصة وإنجازاتها فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، وفى مقدمتها «الهيدروجين الأخضر».
وقال الدكتور ماهر عزيز، عضو مجلس الطاقة العالمى، إن مؤتمر المناخ فى شرم الشيخ أهم المؤتمرات التى عقدت على مدى ٢٧ عامًا، لأنه وضع العالم على حافة نهائية لاتخاذ القرارات المصيرية للتنفيذ.
وأضاف أن المقصود بـ«التنفيذ» هو تنفيذ التعهدات والوعود التى دأبت الدول المتقدمة على إعلانها لمواجهة تغير المناخ، دون أن توضع موضع التنفيذ الفعلى.
وأوضح أن أهم تلك التعهدات تتعلق بتمويل الدول النامية المتضررة رغم ضآلة مساهماتها فى الانبعاثات المسببة للاحتباس الحرارى، والتى على الرغم من ذلك، هى الأكثر نشاطًا فى تنفيذ المشروعات التى من شأنها الحفاظ على البيئة، مقارنة بالدول الصناعية الكبرى صاحبة نصيب الأسد فى الانبعاثات الكربونية الضارة.
وكشف عضو مجلس الطاقة العالمى، عن أن الدول الكبرى لم توفر سوى نسبة ضئيلة من التمويل اللازم؛ لتنفيذ مشروعات العمل المناخى، تتراوح بين ٦ و٧٪ من حجم التمويل المطلوب.
ورأى أن من بين أهم ما نتج عن قمة المناخ حتى الآن، هى تلك التعهدات الخاصة بين دول العالم بخفض الغازات الدفيئة، باعتبارها التعهدات الأخطر فيما يتعلق بمستقبل الأرض.
وتابع: «لا يزال الأمل معقودًا على أن تصدر القرارات النهائية للمؤتمر بشكل يضع العالم على مسار لا يتجاوز فيه متوسط درجة حرارة جو الأرض درجتين مئويتين».
وقال الدكتور عادل بشارة، خبير الطاقة المتجددة، إن مؤتمر المناخ فى شرم الشيخ هو أهم مؤتمر بعد مؤتمر باريس «COP 21» عام ٢٠١٥، الذى شهد أول ميلاد حقيقى لاتفاقيات مواجهة تغيرات المناخ، بينما جاءت قمة شرم الشيخ بعدها بـ٧ سنوات لتنفيذ جميع الاتفاقيات والتعهدات.
وأضاف أن أهم ما جرى الاتفاق عليه فى مؤتمر باريس، كان الالتزام بخطة لتقليل الانبعاثات الحرارية، بالقدر الذى لا يجعل درجة حرارة الكرة الأرضية تزيد على درجة ونصف درجة مئوية.
وأشار إلى أن دولة الصين كانت ترغب فى زيادة معدل درجة الحرارة إلى درجتين، لكى لا تتعطل الأنشطة الصناعية لديها، إذ تعتبر من أكبر الدول التى تنتج عنها انبعاثات حرارية.
وتابع: «مؤتمر المناخ فى شرم الشيخ أظهر مدى الضرر الذى وقع على الدول النامية من تغيرات المناخ، التى تسببت فيها الدول الصناعية الكبرى نتيجة سوء استخدام الأخيرة مصادر الطاقة غير المتجددة، مثل محطات الطاقة التى تعمل بالفحم فى الصين وغيرها، ما نتجت عنه الزيادة الكبيرة فى الانبعاثات الكربونية».
وضرب «بشارة» مثالًا على تلك الدول التى دفعت فاتورة الاستخدام الخاطئ للطاقة غير المتجددة من قبل الدول الصناعية الكبرى، وهى دولة باكستان، حيث أغرقت الفيضانات ثلث مساحتها بسبب ذوبان الثلوج، إضافة إلى حرائق الغابات والعواصف والجفاف الذى نتج عن التغيرات المناخية فى العديد من الدول الأخرى.
ونبه إلى أن مصر هى الأخرى مهددة بتعرضها لتأثيرات خطيرة نتيجة التغيرات المناخية الكبيرة، مثل التهديد بالغرق الذى تواجهه منطقة الساحل الشمالى نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، وبالتالى ارتفاع منسوب المياه فى البحار والمحيطات، وكذلك التهديد بالغرق واختلاط مياه البحر بالأراضى الزراعية الذى تتعرض له منطقة الدلتا، خاصة المنطقة المطلة على البحر المتوسط.
وأضاف: «أمام تلك التأثيرات التى تواجهها الدول النامية بسبب تغير المناخ، فإن مؤتمر شرم الشيخ أكد أهمية التزام الدول الصناعية الكبرى بدفع الـ١٠٠ مليار دولار التى تعهدت بتقديمها إلى الدول النامية، لاستثمارها فى أنشطة تحد من تأثيرات تغير المناخ».
واعتبر أن من بين النتائج المهمة لقمة المناخ، هو التركيز على استخدام الهيدروجين الأخضر، باعتباره طاقة المستقبل التى سيتجه إليها العالم، والطاقة المهمة والنظيفة والمتجددة.
كما أن من بين مكاسب المؤتمر أيضًا، الاهتمام بمواجهة التغيرات المناخية فى قارة إفريقيا، وفق خبير الطاقة المتجددة، مضيفًا: «هذه القمة خاصة فى المقام الأول بقارة إفريقيا، لذا عقدت فى واحدة من دولها وهى مصر». وتابع: «الاهتمام بإفريقيا يظهر فى بدء إقامة مشروعات عملاقة خضراء ونظيفة على أرض القارة، من شأنها الحفاظ على البيئة وحمايتها من آثار تغير المناخ».
وقال الدكتور حسين العطيفى، وزير الرى الأسبق، الأمين العام للمجلس العربى للمياه، إن الزخم والحشد الذى ظهر فى مؤتمر شرم الشيخ، بمشاركة أكثر من ٦٠ ألف شخص وممثلين لأكثر من ١٢٠ دولة، إضافة إلى المنظمات الدولية والعربية والإقليمية والعديد من الشخصيات العامة البارزة فى العالم، نتج عنه الكثير من تبادل الرؤى والمشاركات الفعالة، إلى جانب التوافق على الكثير من آليات العمل المشتركة.
وأضاف «العطيفى»: «مؤتمر المناخ لفت إلى قدرة مصر الهائلة على تنظيم الأحداث الضخمة، وهذا يرجع إلى القيادة السياسية والحكومة وجميع المشاركين فى تنظيم هذه القمة»، لافتًا إلى دور الشباب والكوادر المصرية المتطوعة فى نجاح المؤتمر، عبر مساهماتهم الفعالة ومساعدتهم لضيوف المؤتمر.
ونوه كذلك إلى الدور الفعال للمرأة فى المشاركة بقمة المناخ، وكذلك إلى الوعى العام لدى المصريين بمختلف فئاتهم بقضايا المناخ وأهمية مواجهة تغيراته، وهو ما ظهر جليًا فى القمة.
واعتبر أن من الإيجابيات التى ظهرت فى مؤتمر المناخ أيضًا، هى مدينة شرم الشيخ ذاتها، التى شهدت نقلة نوعية وحضارية كاملة، فأصبحت مدينة خضراء نظيفة صديقة للبيئة، وتستخدم جميع وسائل النقل غير الملوثة للبيئة، وكلها أمور تجعل كل مصرى يفخر بأنه ينتمى لهذا البلد العظيم.
وأشاد وزير الرى الأسبق بتمثيل مؤتمر «COP 27» لأول مرة، قضية المياه فى قلب العمل المناخى، بما لها من تأثير كبير على الأمن الغذائى والزراعى والصناعى فى البلاد.
ونبه إلى أهمية القمة فى التركيز على المبادرات التى أطلقتها مصر لمواجهة تغيرات المناخ، مشيرًا إلى أن مصر أطلقت أكثر من ١٠ مبادرات، إلى جانب المبادرات العربية والإقليمية.
وأوضح أن ما نتج عن القمة من إنشاء مركز إقليمى عالمى مهم مقره مصر بهدف دعم وبناء كوادر فى المجتمعات النامية للمساعدة فى مواجهة تغيرات المناخ، يعكس دور مصر المحورى فى هذه القضية أمام العالم.
ونوه الأمين العام للمجلس العربى للمياه إلى دور قمة المناخ فى إبراز أهمية مشاركة القطاع الخاص فى مختلف القضايا، متابعًا: «عقد المؤتمر الاقتصادى فى مصر قبل القمة كان ضروريًا كذلك لتأكيد دور القطاع الخاص التنموى، ودور البنوك والقدرة على استغلالها فى خدمة قضايا البيئة».
واختتم بقوله إن «اختصار ما نتج عن قمة المناخ فى شرم الشيخ هو الانتقال من حيز الاتفاقات إلى حيز التنفيذ والتنفيذ العاجل، وهو أمر ناتج عن الإدراك الحقيقى لخطورة تغيرات المناخ على العالم أجمع».