فيروس الشتاء.. «الدستور» تكشف سبب انتشار الفيروس التنفسى المخلوى
خلال الفترة الماضية، انتشرت فيروسات الجهاز التنفسي لا سيما الفيروس المخلوي التنفسي بين الأطفال في المدارس بشكل كبير، ما استدعى وزارة الصحة لتوجيه التحذيرات من انتشار الفيروسات التنفسية في الفترات ما بين الفصول، والتي تُصيب أعدادا كبيرة من الأطفال.
وفي هذا الصدد أوضح الدكتور حسام عبدالغفار المتحدث، باسم وزارة الصحة والسكان، أنه مع بداية الشتاء تنشط الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي، لافتًا إلى أن الفيروس المخلوي نوع من أنواع هذه الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي.
فيما نفى المتحدث باسم وزارة الصحة والسكان، كون الفيروس المخلوي التنفسي أحد متحورات فيروس كورونا، مؤكدًا أنه أمر لا أساس له من الصحة، وأن الفيروس المخلوي التنفسي الأكثر انتشارًا هذا الموسم، بين الفيروسات التنفسية القديمة.
وأشار المتحدث باسم وزارة الصحة والسكان إلى أن أعراض الفيروس المخلوي، تتمثل في ارتفاع درجة الحرارة، والرشح، والكحة، والإعياء، قائلًا: إن 98 من بين كل 100 حالة مصابة، يتماثلون الشفاء دون حاجة لدخول المستشفى.
"الدستور" تواصلت في السطور التالية مع ذوي ضحايا المرض التنفسي المنتشر في الآونة الأخيرة، لكشف كواليس الإصابة بالفيروس التنفسي المخلوي، كما تحدثت مع الأطباء المتخصصين عن أسباب المرض وكيفية مواجهته.
منعنا شقيقتي من الذهاب إلى المدرسة بسبب الفيروس
قالت غادة عويس، إحدى قاطني مدينة 6 أكتوبر، إن المرض التنفسي انتقل لشقيقتها الصغيرة رنا، الطالبة بالصف الثاني الإعدادي، من خلال تواجدها بالمدرسة، وبالأخص على الطاولة التي يجلس عليها 3 طلاب، ويستخدمون الأدوات المدرسية نفسها.
ووصفت أعراض المرض: "ارتفعت درجة حرارتها بشدة، وأصيبت بسيلان الأنف وفقدان الشهية، بجانب الكحة والبلغم، ولم تكن هي الطالبة الوحيدة التي أصيبت داخل المدرسة، فالفيروس ينتشر بشراسة بين الصغار، ومناعتهم لا تتحمل أعراضه".
وأضافت: "كان ذلك السبب الرئيسي في منع شقيقتي من الذهاب إلى المدرسة مرة أخرى لحين الاطمئنان على مدى انتشار المرض، وذلك ما فعله أغلب أولياء الأمور داخل المدرسة، بعد إصابة أبنائهم بالمرض التنفسي، ومنهم أيضًا من شعر بالخوف على انتقال العدوى بين الطلاب".
وأكدت شقيقة الطفلة أن المدرسة لا تتبع أي احتياطات احترازية، ولا يوجد تباعد بين الطلاب والمعلمين، فالوعي بشأن المرض لا يزال غائبًا، ولا يوجد تفاصيل عدة حول مدى خطورة المرض وانتشاره، لذا تغيبت الصغيرة أسبوعين من المدرسة حتى وقتنا الحالي.
واختتمت حديثها مع "الدستور": "نطالب وزارة الصحة بالتحرك سريعًا لحماية أطفالنا داخل المدارس، والتعاون مع وزارة التربية والتعليم لإجراء الكشوفات الطبية على الطلاب في الفصول، وتوفير العلاج اللازم لمن تثبت إصابته بالمرض".
3 - 5 ملايين حالة خطيرة كل عام
وأعلنت وزارة الصحة والسكان، إنها أجرت مسحات طبية على الأطفال المصابين بالمرض، واكتشفت أن سبب الإصابة هو الفيروس التنفسي المخلوي، والذي يتسبب في إصابة حوالي 3 - 5 ملايين حالة خطيرة كل عام.
75% من إصابات الفيروس المخلوي التنفسي هم الأطفال
في البداية يقول الدكتور عمرو قنديل، رئيس قطاع الطب الوقائي بوزارة الصحة، إن الفيروس المخلوي التنفسي ينشط في فترات الخريف وهو فيروس قديم.
وأوضح "قنديل" أنه لا خوف من الفيروس المخلوي، إذ أنه أحد أخف الفيروسات التنفسية من حيث الأعراض، مستطردًا أن 75% من إصابات الفيروس المخلوي التنفسي هم أطفال.
وأضاف أن الفيروس أعراضه خفيفة إذ يظل في جسم المريض 5 أيام، والأكثر عرضة للإصابة بالفيروس المخلوي التنفسي هم 95% من الأطفال أقل من 3 سنوات خاصةً من أصحاب المناعة الضعيفة، والذين ولدوا قبل 33 أسبوعا.
اعتقدنا أنه كورونا في البداية حتى أعلنت "الصحة" حقيقته
أكد جمال العجوز، أحد قاطني منطقة فيصل بمحافظة الجيزة، أن ابنه معاذ الذي يبلغ من العمر 9 سنوات فقط أصيب بالمرض التنفسي المنتشر بين الصغار، موضحًا أن الأمر في البداية كان يشبه أعراض فيروس كورونا، ومن هنا اتبع ذوو الطفل الإجراءات الاحترازية التي اعتادوا عليها طوال فترة كورونا.
وأوضح: "حين أعلنت وزارة الصحة المصرية عن سبب انتشار الفيروس التنفسي المخلوي، وكشفت أعراضه التي تصيب الأطفال بشكل خاص، تأكدنا أن ذلك ما يعاني منه معاذ، وحاولنا توفير جميع العلاجات اللازمة التي تقوي مناعته في الفترة الحالية".
"العجوز" أيضًا منع ابنه من الذهاب إلى المدرسة منذ إصابته بالمرض، مؤكدًا أن ذلك ما فعله كافة أولياء الأمور داخل المدرسة التابع لها الطفل، فالجميع أصابه الخوف منذ انتشار المرض الموسمي بين الأطفال، خوفًا من تعرضهم لمضاعفات شديدة مثل حدوث التهابات رئوية شديدة.
ووجه الرجل الأربعيني في ختام حديثه مع "الدستور"، مطالبة المسئولين بتوفير الرعاية الكاملة للحفاظ على صحة الأطفال، ونشر كافة المستجدات بشأن المرض، وكيفية التعامل معه لتجنب حدوث أعراض خطيرة.
طبيب يوضح أعراض الفيروس المخلوي التنفسي
أوضح الدكتور أشرف الشوري، إخصائي أمراض الجهاز التنفسي، أن الفيروس المخلوي التنفسي هو السبب الأول لأعراض دور البرد المنتشر بشراسة في الوقت الحالي بين الأطفال والكبار، فقد تبين أن 70% من حالات البرد وارتفاع درجة الحرارة المنتشرة ناتجة عن الإصابة بالفيروس المخلوي التنفسي.
واستكمل: "هذا الفيروس يصيب القناة التنفسية العليا، وعادة ما يؤدي إلى نزلات برد خفيفة إلي متوسطة الشدة، ولكنه قد يؤدي إلى نزلات شعبية حادة، وأحيانا التهابات رئوية شديدة، ويصيب الأطفال وكذلك الرضع أقل من سنتين والكبار".
وأكد إخصائي أمراض الجهاز التنفسي أن ما يميز هذا الفيروس هو طول فترة ارتفاع الحرارة مقارنة بفيروس البرد والإنفلونزا الموسمية، حيث إنه في بعض الأحيان تستمر فترة السخونة من أسبوع إلي أسبوعين، وكذلك الانتكاسات السريعة بعد التعافي، فمن الممكن عودة ظهور الأعراض بعد اختفائها بفترة قصيرة للغاية (يومين على سبيل المثال).
فيروس يهدد الأطفال
بحسب ما ذكر موقع "Health" ينتشر الفيروس المخلوي التنفسي بين الأطفال مؤخراً في جميع أنحاء العالم، والفيروس المخلوي التنفسي يمكن أن يكون خادعًا، فهو يبدأ في الظهور مثل أي نزلة برد أخرى في مرحلة الطفولة، وبالنسبة لمعظم الأطفال الذين يصابون به، يظل الفيروس المخلوي التنفسي خفيفًا، لكن قد يصاب بعض الأطفال بحالات شديدة منه تستوجب دخول المستشفى.
يدخل الفيروس المخلوي التنفسي الجسم عن طريق العينين أو الأنف أو الفم، إذ أنه ينتشر بسهولة عبر الهواء، فيُمكن أن تصاب أنت أو طفلك بالعدوى إذا سعل شخص مصاب بالفيروس أو عطس بالقرب منك، كما أنه ينتقل إلى الآخرين أيضًا من خلال الاتصال المباشر مثل المصافحة، ويمكن أن يعيش الفيروس لساعات على الأشياء الصلبة مثل قضبان سرير الأطفال والألعاب وغيرهما.
استشاري الأمراض الصدرية: مضاعفات المرض خطيرة وتصيب أصحاب المناعة الضعيفة
من جانبه، قال الدكتور ممدوح عبدالجواد، استشاري الأمراض الصدرية، إنه منذ بدء فصل الخريف، اشتكى عدد كبير من الأهالي من دور برد انتشر بين أطفالهم بشكل كبير، مع تداول اشاعات أن هذه العدوى ما هي إلا إصابات بفيروس كورونا، لذا أجرى قطاع الطب الوقائي بوزارة الصحة المصرية، مسحة لعدد كبير من الأطفال المصابين.
وتابع: "تبين أن 7 من كل 10 أطفال مصابين بالفيروس التنفسي المخلوي، أما باقي الأطفال فمصابون بفيروس بالأنفلونزا والفيروس الغدي الذي يسبب سيلان في الأنف وأعراض برد خفيفة".
أما عن مضاعفات الفيروس المنتشر، أوضح الطبيب أنه يتسبب في حدوث التهابات رئوية شديدة أو تهيج شديد بالشعب الهوائية، وفي بعض الحالات تتحول إلى حساسية شعب هوائية، ومن المضاعفات أيضًا حدوث التهابات الأذن الوسطى وخاصة لدى الأطفال.
وأشار عبد الجواد في حديثه إلى طرق الوقاية من المرض، مؤكدًا أنها نفس طرق الوقاية من فيروس البرد والأنفلونزا مثل التباعد وغسل اليدين وتجنب الأماكن المزدحمة والتغذية الجيدة، وأيضًا تناول الأدوية المستخدمة في علاج نزلات البرد والأنفلونزا، إلا إذا كان هناك مضاعفات معينة مثل التهاب رئوي أو ضيق شعبي شديد فيكون العلاج على حسب كل حالة.
وأكد استشاري الأمراض الصدرية في ختام حديثه مع "الدستور"، أن الأكثر عرضة للمضاعفات هم من يعانون من أمراض ضعف المناعة، وكذلك الأطفال تحت عمر سنتين، وفي كل الأحوال يُعد هذا الفيروس أخف وطأة بكثير من أعراض فيروس كورونا.