«الكاثوليكية» تحيي ذكرى القدّيس كارلوس بوروميو
تحيي الكنيسة الكاثوليكية اليوم ذكري القدّيس كارلُوس بوروميو الأسقف، إذ روى الأب وليم عبد المسيح سعيد - الفرنسيسكاني، سيرته قائلًا: “وُلِدَ القديس كارلوس بوروميو في شمالِ إيطاليا يوم 2 أكتوبر عام 1538 م، مِن عائلة نبيلة وحين ولادته سطعت الحجرة بنور باهر سماوي، وأبوه يدعى جلبرتس وهو رجل فاضل تقي متدين واسم أمه مرجريتا دي ميديشس”.
وتابع: “فأظهر الصبي منذ صغره علامات واضحة ودلائل سنية تنبئ عن حياته المقبلة، ولم يلتذ في الصغر إلا بالصلاة والعبادة والتحدث عن أمور الكهنوت والكنيسة ثم درس بعض العلوم في مدرسة ميلانو ويعضها في مدرسة بافيا، ونال الشهادة في علم الفقه المدني والكنسي، وكان منذ صباه يتناول القربان المقدس كل أسبوع، ويجتهد في تحصيل اجل الفضائل المسيحية ولا سيما الطهارة”.
وواصل: “مات أخوه الأكبر بدون ذرية. فحاول أهله أن يحملوه على أن يتزوج، ولم يزالوا يلحون عليه في ذلك زماناً طويلاً، فأراد أن يتفلت من إلحاحهم ويقطع آمالهم، فأسيم كاهناً ونبغَ في العلومِ اللاهوتيّة، فلما جلس خاله على كرسي القديس بطرس وهو البابا بيوس الرابع، استدعاه إليه وأخذ يرقيه إلى أفضل المناصب والمراتب، حيث عُيِّـنَ كاردينالًا وهو لا يزال في الثانية والعشرينَ مِن عُمرہ، وأسَّسَ أكاديميَّة في رومة لدعم الآداب والعلوم الإنسانية، أُرسِلَ عام 1563، للمشاركة في المجمع التريدنتي، وهناك عيَّنه البابا پيّوس الرّابع أسقفًا على أبرشيّة ميلانو، فكانَ أسقفًا مثاليًّا، عملَ على تنفيذِ قراراتِ المجمعِ لتجديدِ الكنيسة”.
وتابع: "سَهِرَ على أبرشيَّتِه، فتفقدَّها مرارًا، أنشأَ المعاهدَ اللاهوتيّة للنهوضِ بالإكليروس، عقدَ سينودُسًا أبرشيًّا واتَّخذَ الكثيرَ من الإجراءاتِ في سبيلِ خلاصِ النُّفوسِ وترسيخِ الأخلاق المسيحيَّة، بنى المستشفياتِ ودورَ العجَزة، استخدَمَ ثرواتِ أسرتِهِ لمساعدةِ الفقراء، قاومَ تدخّلَ رجالِ السياسَةِ بالشؤونِ الكنسيّة، وكان هذا سببًا لتَعرّضِهِ لمحاولةِ اغتيالٍ فاشلة، كانَ شعارُہُ الأسقفيّ "التواضع"، وحدث الغلاء سنة 1570م في ميلانو وفى لمبارديا كلها، ولولا همة كارلوس لمات خلق عظيم جوعاً، فإنه أغذى ثلاثة آلاف بالرز والبقول والخبز ما عدا الصدقات الكثيرة الوافرة التي كان فرقها على الفقراء، ووقع الوباء سنة 1576م في ميلانو أيضاً، فنهض هو لعلاج المصابين، وأنفق عليهم جميع ما عنده، حتى أنه باع أملاكه وأثاث بيته كله، وشرع يدور في بيوت المساكين ويطعمهم هو بيده ويسقهم ويكسوهم".
وأوضح: “من ذلك أنه في أواخر سنة 1583م إذ كان حال الكنيسة في بلاد شويتسر في اشقى حال لتكاثر الهراطقة فيها رحل إليها بصفة نائب رسولي، وأخذ معه جماعة من أفاضل الناس ذوي علم وتقوى، وباشر إصلاحها وذاعت شهرته في كل البلدان، حتى أن كثيرين من الأمراء والشرفاء قصدوا ميلانو لزيارته واستشارته في أمور كثيرة، ثم أعلمه الله بقرب مغادرته هذا العالم فانفرد في جبل وارلو واعتكف على الرياضات الروحية بحرارة زائدة ونشاط فائق، وشرع يطيل تأمله في كل يوم مدة ست ساعات، فلما كان اليوم الرابع والعشرون من أكتوبر داهمته حمى مثلثة، فبالغ في الاستعداد للرحيل. وقام وجاء الى ميلانو. ثم تزود بالأسرار المقدسة”.
وتابع: “ففاضت روحه بيد خالقها وجهه مبتسم يوم 4 نوفمبر عام 1584م، فتقاطر الناس من كل الجهات لتشييعه وقدم الى ميلانو عدة أساقفة لذلك، فقبر باحتفال عظيم عجيب، وحافظ خدامه على كل أمتعته وثيابه واتخذوها لهم ذخائر للتبرك منها وقد أعلن قداسته البابا بولس الخامس عام 1610م”.