باحثة بالمركز المصري تكشف دلالات تصاعد هجمات حركة الشباب في الصومال
أصدر المرصد المصري، التابع للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، دراسة بعنوان "تفجيرا زوبي.. دلالات تصاعد هجمات حركة الشباب في الصومال"، للباحثة منى قشطة، متناولا أحداث التفجير الذى شهدته العاصمة الصومالية مقديشو يوم 29 أكتوبر، بسيارتين مفخختين استهدفتا وزارة التعليم، وأسفرا عن مقتل ما لا يقل عن 100 شخص وإصابة 300 آخرين. ووقع الهجومان بشكل مزدوج، حيث انفجرت السيارة الأولى قرب مفترق زوبي المزدحم في مقديشو، وما لبثت دقائق محدودة حتى انفجرت الثانية مع وصول سيارات الإسعاف وتجمع الناس لمساعدة الضحايا. وفي حين لم تعلن حركة الشباب مسؤوليتها عن الهجوم، إلا أن الرئيس الصومالي “حسن شيخ محمود” اتهمها بتنفيذه.
وقالت الباحثة منى قشطة، إن قيام مسلحي حركة الشباب في 23 أكتوبر الجاري بتفجير سيارة محملة بالمتفجرات وشن هجوم بالرصاص على فندق (توكل) في مدينة كيسمايو الساحلية عاصمة جوبا السفلى بجنوب الصومال، أثناء وجود اجتماع لأعضاء الحكومة في الفندق المستهدف لمناقشة خطة لشن حرب واسعة على الحركة ومحاربة الفكر المتطرف، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 9 أشخاص وإصابة نحو 47 آخرين.
وأوضحت قشطة، أن هناك دلالات عديدة رئيسة للتفجيرات الأخيرة في مقديشو، في ضوء التنامي المتزايد لنشاط حركة الشباب الصومالية، ومنها التنامي المتزايد لنشاط حركة الشباب: تأتي الانفجارات الأخيرة في ظل تصاعد هجمات حركة الشباب سواء داخل الجغرافيا الصومالية أو خارجها؛ فداخليا، والتى تصاعدت بشكل ملحوظ وتيرة الهجمات الدامية التي تنفذها الحركة والممتدة إلى قلب العاصمة مقديشو. وخارجيًا، تبنت الحركة استراتيجية توسعية تسعى من خلالها إلى التوسع في الإقليم واستهداف المصالح الغربية في القرن الإفريقي، فانتقلت مؤخرا من تنفيذ هجمات على الحدود الإثيوبية إلى التوغل داخل العمق الإثيوبي، مستهدفة عدة قرى داخل الإقليم الصومالي بإثيوبيا، وكذا عمدت الحركة إلى مهاجمة أجزاء في المناطق الشمالية والساحلية في كينيا، ومن ذلك هجومها في 2 أغسطس 2022 على قاعدة للجيش الكيني بمدينة مانديرا في المحافظة الشمالية الشرقية بكينيا.
كذلك ضعف الأداء الأمني للقوات الصومالية، و الرد على ضربات القوات الصومالية وهي الضربات التي أسفرت عن مقتل المئات من عناصرها وقادتها البارزين، واستعادة سيطرة الحكومة الصومالية على عشرات القرى والمناطق التي كانت خاضعة لسيطرة الحركة لأكثر من عقد مضى.
وأشارت إلى أنه قد يكون من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن الجهود الصومالية والدولية الهادفة إلى تطويق وإضعاف نشاط حركة الشباب رغم كثافتها ونجاحها في تحقيق بعض المكاسب الميدانية؛ إلا أنها لم تُثبت نجاعتها-حتى الآن- في القضاء على إرهاب حركة الشباب، وهو ما يمكن إيعازه إلى جمله من العوامل الأول، غالبًا ما تؤدي عمليات قصف واستهداف الحركة إلى قيام الأخيرة بتصعيد وتيرة هجماتها المضادة للرد على ما تتلقاه من ضربات بهدف إثبات قدرتها على الصمود والمواجهة، والثاني، العمليات العسكرية التي تستهدف حركة الشباب تنطوي في أحيان كثيرة على مخاطرة كبيرة للمدنيين والبنية التحتية في البلاد، وهو ما يؤدي إلى تغذية مشاعر الغضب والتوتر التي توظفها حركة الشباب في جهودها الدعائية القائمة على المظالم المحلية والرامية إلى تعزيز قدرتها على تجنيد واستقطاب عناصر جديدة لصفوفها، والثالث، ترى بعض التحليلات أن أحد الأسباب التي جعلت استراتيجية التصعيد العسكرية ضد الحركة لم تحقق سوى حالة من الجمود في الصومال، كذلك إظهار قدرة الحركة على التكيف والتماسك الداخلي.
وتابعت أنه يضاف أيضا التحديات التمويلية التي تواجه الحركة والمتمثلة في بعض الجهود التي اتخذتها الحكومة الصومالية مؤخرا لقطع سبل الإمداد والتمويل عنها، كذلك تطور القدرات الاستخباراتية واللوجستية للحركة.
واختتمت أن التفجيرات الأخيرة في مقديشو وتنامي النشاط الإرهابي لحركة الشباب الصومالية يضفي المزيد من الأعباء الأمنية على حكومة الرئيس “حسن شيخ محمود” المثقلة بجملة من التحديات الاقتصادية والأمنية والسياسية والمناخية، وهي تتزامن كذلك مع تقارير تحذر من أن الصومال بات على شفا المجاعة بسبب موجات الجفاف التي تعرض لها، وهو ما يشكل محفزًا إضافيًا لنشاط حركة الشباب التي توظف تداعيات التغيرات المناخية لخدمة أهدافها، سواء عبر مهاجمة العاملين في المجال الإنساني واستغلال المساعدات لصالحها، أو استغلال المعاناة الاقتصادية للمتضررين لاستقطابهم وتجنيدهم، ومن ثم تعويض نزيفها البشري الناجم عن الضربات الأمنية الحكومية ضدها.