شيخ صوفية إيطاليا: اعتنقت الإسلام في مصر... والتصوف منهج وسطي يرفض التشدد (حوار)
التقت "الدستور" خلال رحلتها فى المملكة المغربية، بالشيخ عبدالصمد الإيطالى، شيخ صوفية إيطاليا وشيخ الطريقة التجانية بها، والذي تحدث عن قصة إسلامه على يد شيخ إحدى الطرق الصوفية فى مصر عام 1973، وذلك بعد رحلة كبيرة فى البحث عن الدين الحقيقي، حيث أشهر إسلامه على يد الشيخ محمد الحافظ التجانى المصرى، واعتنق بعدها المنهج الصوفى وأصبح شيخاً للطريقة التجانية فى إيطاليا.
وكشف "الإيطالى" فى حواره لـ"الدستور" الدور الذى تقوم به الطريقة التجانية فى إيطاليا وغيرها من الطرق الصوفية فى تعريف الإيطاليين بالتصوف والمنهج الوسطي الذى يدعو إليه التصوف وذلك من خلال اللقاء بالرجال والنساء الذين يريدون التعرف على هذا المنهج الوسطى.
وإليكم أبرز الأسئلة
بداية كيف عرفت الطريقة التجانية ؟
لقد عرفت الطريقة التجانية منذ فترة كبيرة، وتحديداً فى عام 1973، حيث كان بعض المترجمين الإيطاليين يترجمون كتب التصوف، وينشروها فى إحدى المجلات، ووقتها قرأت "شرح جوهرة الكمال" لسيدى الشيخ محمد التادلى وهو كان شيخ الطريقة الدرقاوية فى مدينة الجديدة بالمغرب، ولكن عندما سافرت إلى مصر للدخول فى الدراسات الخاصة بالبحوث الإسلامية، لكى أتعلم اللغة العربية، هناك التقيت بالدكتور عبدالحليم محمود شيخ الأزهر والذى كان سبباً فى محبتى للتصوف والصوفية حيث إنه كان صوفياً حقيقيا، وطلبت منه الاتصال بأحد شيوخ الطريقة الشاذلية، فقال لى بإذن الله سيحدث، وبعدها صليت فى مسجد السلطان حسن كان هناك رجل عجوز، وسأنى ماذا تريد وعن ماذا تبحث، قولت له أريد لقاء شيخ الطريقة الشاذلية، وقال لى هذا الرجل أنا لا أعرف شيخ الطريقة الشاذلية ولكنى أعرف شيخ الطريقة التجانية، وعندما قال لى ذلك جاء فى ذهنى ما قرأته عن الشيخ التجانى فى المجلة وقولت نعم الحمد لله، أريد أن أقابل الشيخ التجانى والرجل نفسه كان حريص أيضا أن يقابل الشيخ التجانى أيضا، وبالفعل ذهبنا للطريقة التجانيةوالتقيت بمولانا الشيخ محمد الحافظ التجانى المصرى شيخ الطريقة التجانية فى مصر، وأخذت العهد الصوفى التجانى على يديه وأصبحت تجانياً.
ولكن قبل انضمامك للطريقة الصوفية.. هل كنت مسلما من الأساس أم لا؟
فى الواقع أن قبل اعتناقى للإسلام، كنت أعتنق ديانة أخرى، ولم أكن ـهتم كثيرا بأمور الدين، فحياتى كانت لعب ولهو فقط، ولكننى كنت أعمل باحث فى التصوف، سواء التصوف الإسلامى وغير الإسلامى، وعندما قرأت ترجمة للقطب الصوفى سيدى محى الدين ابن العربى فى "فصوص الحكم"، قولت لنفسى هذا ما كنت أبحث وأطلب، والشيء الذى قادنى للدخول فى الإسلام هو التصوف، فأنا عرفت التصوف وأحببته قبل اعتناق الدين الإسلامى، ولذلك عندما ذهبت للشيخ التجانى المصرى لأخذ العهد الخاص بالطريقة، رددت الشهادة بين يديه ودخلت الإسلام، ولذلك هذا الرجل له فضل كبير علي، وكذلك أسرته فى مصر.
كيف أصبحت حياتك بعد أن أصبحت مسلماً وصوفيا أيضا؟
تحولت حياتى للأفضل، فكنت فى البداية لا أعبد الله ولا أهتم كثيراً برضاء الله، ولم أكن أؤمن كثيرا بمسألة بالثواب والعقاب، ولكن بعد اعتناقى للإسلام والتصوف، أصبحت التزم بالصلاة والأذكار وقراءة الأوراد التجانية، كما أننى بعد إسلامى ذهبت إلى إيطاليا وجلست فيها فترة، وعرفت أسرتى أننى أصبحت مسلما وصوفيا أيضا، وبعدها بشهور رجعت إلى مصر لاستكمال الدراسات الخاصة بجامعة الأزهر، ومنذ هذا الوقت وأنا ألتزم بالحضور فى الطريقة التجانية وأحضر معهم الحضرات وأقرأ معهم الأوراد، وذلك فى حضور الشيخ محمد الحافظ التجانى المصرى رحمه الله.
كيف نشأت الطريقة التجانية فى دولة إيطاليا فقديما لم يكن هناك صوفية أو تجانية من الأساس ؟
فى الواقع أن الطريقة التجانية فى إيطاليا، نشأت وانتشرت بعد دخولى أنا للطريقة واعتناقى للدين الإسلامى حيث إنه أصبح الآن فى إيطاليا عدد كبير جداً من المسلمين الإيطاليين التجانيين الذى عرفوا الإسلام والتصوف على يدي، وأصبحت أنا والحمدلله شيخاً للطريقة التجانية فى إيطاليا، ويمكن القول إني خادم وليست شيخاً للطريقة.
لكن فى الوقت الحالى... هل يوجد تصوف فى إيطاليا وتوجد طرق صوفية أيضا؟
نعم فى الوقت الحالى، عرف الإيطاليون التصوف الإسلامى عبر النشاط الذى تقوم به الطرق الصوفية الموجودة بشمال إفريقيا، حيث إن غالبية الطرق الصوفية الموجودة فى تونس والمغرب والجزائر والعراق وإندونيسا ومصر والسودان وماليزيا، لها زوايا ومقرات وأفرع فى إيطاليا وغيرها من دول أوروبا، وأبرز الطرق الصوفية فى إيطاليا هى "النقشبندية والشاذلية والتجانية والخلوتية والقادرية"، ولكل طريقة صوفية منذ هذه الطرق أتباع فى إيطاليا ينظمون حضرتها، واحتفالاتها فى المناسبات الدينية المختلفة.
هل تواجهون أي مشكلات مع التيارات المتطرفة فى إيطاليا.. ومع علاقتكم بالسلفيين هناك ؟
فى الواقع أن الصوفية فى إيطاليا يتجنبون المساجد التى بها مشكلات، فهناك مساجد فى إيطاليا يسيطر عليها أصحاب الفكر المتطرف، وهذه المساجد نبتعد عنها ولا نمارس فيها حضراتنا أو طقوسنا، وبالنسبة للسلفيين فليس لنا أى علاقة معهم فهم يكفروننا دائما كيف لنا أن نتحدث معهم أو نجتمع بهم، فهم للأسف لا يملكون أدوات الحوار مع الآخر، ولكن تعاوننا فى إيطاليا مع علماء الأزهر والمؤسسات الإسلامية الأخرى لكن المتشددون لا تجمعنا بهم أى علاقات.
لكن ماذا عن مريدات الطرق الصوفية فى إيطاليا.. هل توجد نساء تعتنق المنهج والفكر الصوفى لديكم؟
نعم، فهناك مئات المريدات الإيطاليات يعتنقن الفكر الصوفى، وفى الطريقة التجانية انضم عدد كبير من النساء والسيدات الإيطاليات للطريقة، وهذا بعدما رأوا بـأعينهم المنهج الصحيح والوسطى للطريقة التجانية، ولدينا أيضا مريدات فى فرنسا وروسيا وألمانيا وإنجلترا وكولومبيا وغيرهم من الدول الأوروبية الأخرى.
هل الحكومة الإيطالية تترككم تمارسون شعائركم وطقوسكم الصوفية دون تضيق؟
فى حقيقة الأمر، أن الحكومة فى إيطاليا ترى أن الصوفية لا يمثلون خطراً عليهم مثل أصحاب الأفكار المتطرفة الأخرى، لذلك لا يتعرضون لنا أو يوقفون فعالياتنا أو احتفالاتنا، فنحن مسالمون ولا ننشر التشدد أو الإرهاب مثل الآخرين، ولكن لا نعلم ماذا سيحدث فى المستقبل، ولكننا نعمل ليل نهار من أجل نشر التصوف الإسلامى فى كل ربوع إيطاليا .
ما هى السمة الرئيسة في التصوف والتى جعلت الإيطاليون يقبلون على الدخول للطرق الصوفية عامة والتجانية خاصة؟
حقيقة الناس فى إيطاليا، يختلفون فى التعامل مع التصوف، فمنهم من يدخل التصوف بسبب الحب أو العشق الآلهى، ومنهم من يسعى للمعرفة الآلهية ونحن دخلنا للتصوف من أجل طلب الحقيقة ومعرفة الدين الحق، وليس بالحب فقط، والمنهج الصوفى فيه الكثير من المميزات منها، الوسطية والاعتدال وعدم تخويف الناس من الدين الإسلامى لأن من يدخل للإسلام عبر بوابة التصوف يدخل بالحب والروحانيات، ونحن نجتهد فى إيطاليا من أجل نشر التصوف وتعريف الناس بهذا المنهج، وذلك من خلال إصدار عشرات الكتب والمؤلفات باللغة الإيطالية والإنجليزية والفرنسية لتعريف الناس بالتصوف.
هل الأوروبيون تقبلوا "التصوف الإسلامي" ووجدوا فيه ضآلتهم أم ماذا؟
فى حقيقة الأمر، أن الأوربيين عندما اقتربوا من التصوف وجدوه منهج روحانى وسطي يجمع ولا يفرق، يجعل الناس قريبين جداً من المولى سبحانه وتعالى، الأمر الذى جعل الشباب يبحثون خلال السنوات الأخيرة عن هذا الفكر وهذا المنهج الذى يجعل روحانياتهم حاضرة معلقة بالمولى سبحانه وتعالى، والأوروبيون لم يجدوا ضالتهم فى التصوف فقط بل أنهم وجدوا حياتهم فى التصوف.