الكنيسة الكاثوليكية تحتفل بذكرى القديس هيلاريون الناسك
تحتفل الكنيسة الكاثوليكية بذكرى القديس هيلاريون الناسك، رئيس الدير، ووفقًا لدراسة أعدها الأب وليم عبد المسيح سعيد الفرنسيسكاني، فقد ولد هيلاريون فى قرية طابورة فى فلسطين قرب غزة نحو عام 291م . وكان أبواه وثنيين . فارسلاه إلى مدينة الاسكندرية لكى يتعلم العلوم، فبرع وأجاد، وهناك عرف المسيحية، فآمن بيسوع المسيح ونال سر العماد، وتقدم تقدماً عجيباً في الإيمان والمحبة.
كان مواظب على الكنيسة ويجالس رجال الاكليروس وكان مثابراً على الصوم والصلاة، محتقراً كل شهوة الملذات والمال.
وسمع بخبر القديس أنطونيوس الكبير الناسك فقصده ومكث عنده زماناً ولبس اسكيم الرهبنة وتتلمذ له، وتعلم منه نوع التصرف والقيام بالصلاة واستعمال التواضع والمواظبة على العمل والتقشف، ثم عاد هيلاريون إلى بلاده، وبرفقته بعض النساك مرادهم أن يسيروا السيرة النسكية فى بلاد الشام كما في مصر، ولدى وصول هيلاريون إلى بلدته سمع بموت أبيه.
وزع قسماً من أمواله على إخوته والقسم الآخر منحه للفقراء، وسلك طريق النسك والعزلة فى برية مايوما بالقرب من ميناء غزة، وهو بعد فى الخامسة عشرة من عمره، وكان يلبس على جلده مسحاً وقميصاً من جلد كان قد وهبهما له القديس أنطونيوس، وكان فراشه حصيراً من البردي وقلايته صغيرة تشبه القبر لا تكفي لتحوي جسمه كله إلا بالصعوبة.
وكان قوت يومه من خبز الشعير، وقليلاً من الحبوب مطبوخاً، فاحتد الشيطان عليه غضباً إذ رآه قد غلبه بسيرة التقشف، فأثار عليه التجارب الصعبة، وكان يضربه على صدره، فلم يفشل هيلاريون من ذلك، بل صار يبالغ فى قمع جسده وقهر الشيطان ويخاطب جسده قائلاً له: "انني سأجعلك ضعيفاً منحولًا بنوع انك لن تقدر أن تلبث مستقيماً، وأنني سأحرمك القوت بحيث أني لا أجود عليك إلا بالقليل من التبن لتعلفه ولاميتنك بالجوع والعطش واثقلنك بالأتعاب ولا قهرنك بالحر والبرد".
وكان يدوم على قراءة الكتب المقدسة والتأمل فيها، وكان ذا عفة وتواضع، ذاع صيته في أرجاء سوريا وفلسطين، فصار الناس يتوافدون إليه ليشفوا من أمراضهم وينالوا منه حاجاتهم، واعتنق المسيحية كثير من الوثنيين الذين رأوا معجزاته وسيرة حياته، وبنى أديرة عديدة بالرغم من ظروف العيش الصعبة التى فرضها على نفسه، وجازى الله هيلاريون بكرامة صنع الآيات والمعجزات.
يحكى أن يوماً دخل عليه اللصوص، وهو راكع يصلى فى مغارته فقالوا له: "ألا تخاف اللصوص؟ فأجاب: "من لا يملك شيئاً لا يخاف أحداً".
فقالوا ألا تخشى الموت؟ فقال كيف أخشاه وأنا استعد له في كل ساعة، ومن كان قلبه زاهداً في كل ما في الدنيا لا يصعب عليه أن يموت، فأثر فيهم كلامه وعزموا على تغيير سيرتهم، ولما بلغ الثمانين من العمر، رقد بالرب في مدينة ﭘـافوس فى جزيرة قبرص يوم 21 سبتمبر عام 371م، وأعاد جثمانه إلى مايوما تلميذه أوسابيوس .