ياسين عدنان: تاريخ الأدب الذكوري تجاهل 4 روائيات نسائية سبقت «زينب» لـ هيكل
ناقش الشاعر والإعلامي المغربي ياسين عدنان، ندوة تحت عنوان "حول قضايا الرواية العربية"، مساء أمس، بمسرح تونس الخضراء بمعرض الرياض الدولي للكتاب 2022.
وقال "عدنان": «حينما اقترحت عليَّ إدارة معرض الرياض الدولي للكتاب "حول قضايا الرواية العربية" محورًا للندوة التي أوكلوا لي أمر تسييرها أحسستُ بنوع من التّهيّب، فالمحور عام ويكاد يكون فضفاضا، لكن قيمة الأسماء المشاركة في الندوة جعلتني أطمئن إلى الحصيلة».
وتابع: «هكذا تنوّعت المداخل لكنها صبّت جميعُها في التأكيد على إنسانية الرواية والإعلاء من شأن الجوانب الفنية فيها، بالمقابل كان كل المتدخلين مرتابين من السلطة والإيديولوجيا وجنايتهما، مفترقين أو مجتمعين، على الأدب عموما وعلى الجنس الروائي على وجه التخصيص».
وأضاف عدنان: «ارتأيت أن أفتتح الندوة مع الأكاديمي العراقي الدكتور عبد الله إبراهيم بلقطة واسعة جدًّا - ما يسمى في السينما بالـExtreme Wide Shot - جاءت على شكل سؤال حول صلةِ الرواية بالعالم: إذا كانت الرواية معنيةً بسرد العالم، أي تنشُد دائما إقامة الصلة مع العالم بواسطة التمثيل السردي، فهل يمكن تصوُّر وجود الرواية من دون تصوّر العالم؟ ثم ألا يخشى الروائي، وهو يحاول كتابة العالم، السقوطَ في محاكاةِ العالم واستنساخه؟ وإلّا، ما هي أوجُه تفاعُلِ الرواية مع العالم؟ كيف تكتبه دون أن يستلبها ويحوّلها إلى ظلٍّ له: لشخوصه وفضاءاته وأحداثه؟».
وتوقف عدنان مع الأكاديمية والناقدة المصرية د. شيرين أبو النجا عند ذكورية التاريخ الأدبي الرسمي الذي أقصى أربع روايات نسائية كُتبت قبل "زينب"، والتي منها رواية " (حسن العواقب) أو (غادة الزهراء" لزينب فواز ، ورواية " (نتائج الأحوال في الأقوال والأفعال) لعائشة التيمورية، مفضّلا تكريس رواية محمد حسين هيكل باعتبارها الانطلاقة الرسمية لفن الرواية عند العرب.
واستطرد: «مع علوية وزميلاتها انتزعت الروائية العربية سلطة الكتابة من الرجل لتكتب ذاتَها واختلافَها من دون وصايةٍ أو ارتهان. لكن، كيف تكتب الأديبة العربية حياتَها وجسدَها وتاريخَها الفردي والجماعي؟ وإلى أيّ حدٍّ نجحت الرواية العربية في تدوينِ تاريخ الجسد أو سيرة الجسد إذا شئنا؟ تفاعُل علوية مع السؤال كان يشبهُها، وكلُّ من قرأ أعمالها يعرف أنّ كتابة هذه الأخيرة عن الجسد أعادت للجسد إنسانيته وحرّرته من قيود الثقافة والعرف والعمر أيضا. فهي تحتفي بجسد المرأة وتعطيه حقّه في الحياة والفرح حتى بعد سنّ الخمسين».
وأتم: «مع الروائي المغربي الدكتور أحمد المديني أخذ ندوتنا انعطافة أخرى. حيث كان المديني حريصًا على الدفاع عن الرواية المغربية التي يرى أنّها لا تحظى بالمكانة التي تستحقّها عربيًّا، لكنني حاولتُ تحفيز ذاكرة المديني اليقظة بأسئلة من قبيل: هل يُلغي الحديث عن رواية عربية هكذا بتعميم الخُصوصيات المجالية والقطرية التي يعرفها العالم العربي؟ هل الرواية العربية هي إطار محدّد بصرامة تندرج فيه وجوبًا كل تجاربنا الروائية من المحيط إلى الخليج؟ أم أنه مجرّد أفق للكتابة ضمن آفاق ومُمكِناتٍ كتابية وتخييلية أخرى؟ إنّ الرواية المغربية جزءٌ لا يتجزّأ من الرواية العربية أكيد، لكنها في الآن ذاته تتحقّق عبر لغات أخرى بدءًا بالفرنسية التي منحت الرواية المغربية جائزتي غونكور، والهولندية التي فاز عبد القادر بنعلي بأرفع جوائزها "ليبريس"، ثم الكتالانية التي حصدت نجاة الهاشمي كل جوائزها الرفيعة، فكيف تتفاعل هذه الآفاق مجتمعةً مع الأفق العربي الحاضن لتصنع خصوصية الرواية المغربية؟».