الحضارة اليمنية وعكازة رامبو وخواتم الأفعى.. جديد للمفكر العراقى خزعل الماجدى
الحضارة اليمنية وعكازة رامبو وخواتم الأفعي، جديد المفكر العراقي خزعل الماجدي. حالة من الزخم الإبداعي يعيشها الكاتب المفكر العراقي دكتور خزعل الماجدي، حيث صدر له ثلاثة إبداعات جديدة، بينها ديوانين شعريين وكتاب فكري. والتي نستعرض لكم تفاصيها في هذا التقرير.
ــ خواتم الأفعى
“خواتم الأفعي”، عنوان الديوان الشعري الصادر، عن مؤسسة أبجد للترجمة والنشر والتوزيع. لـ خزعل الماجدي. ويضم الديوان مجموعة من قصائد تتراوح بين شعر التفعيلة وقصيدة النثر، وهي في أغلبها قصائد حبٍّ كتبها الشاعر في غربته.
تحاول هذه النصوص البوح بلواعج داخلية تحاول التعبير عن مكنونها بمشاعر متضادة بين فرحٍ ووجعٍ، وبين جحيمٍ وفردوسٍ، بين نهار وليل ..ألخ، ولذلك فهي تضع شكلها ومضمونها على الحافة يترنحان بين اهتزازٍ وثبات يعكس قلق الروح والنفس.
جاءت قصيدة "عرشها يبكي"، التي اختارها الشاعر لغلاف المجموعة الأخير، معبرة عن شيءٍ من هذا:
عرشُها يبكي
وتفاحُ يديها ذابلٌ والشمسُ سوداء وتغفو
الأواني اندلقت وانهمر الحزنُ عليها
مَنْ ترى ألقى تراباً في الكؤوس؟
مَنْ ترى أرخى غيوماً؟
مَنْ ترى أربكَ بستان الكروم ؟
ــ عكازة رامبو
وعن مؤسسةِ أبجد للنشر و التوزيع في بابل، صدرت طبعة جديدة من “عكازة رامبو” للشاعر والباحث العراقي خزعل الماجدي وهو عمل شعري نشر في تسعينيات القرن الماضي عن دار الأمد، وقبله كان الشاعر السوري أودنيس قد نشره في مجلة مواقف.
ضم الكتاب في خاتمته دراسة نقدية بعنوان “خزعل الماجدي في عكاز رامبو للكاتب العراقي نعيم عبد مهلهل”. يقول فيها: "يضع النص عبر ما ورد أعلاه في خيالات من فجائية المكان، وما هذا الوصف الدقيق للمرئيات المكانية التي مارس عليها رامبو جزءًا مهمًا من حياته إلا تأكيد على أن الشاعر كان في الدائرة التي يحس فيها أنها كانت في يوم ما نقطة العالم، حيث درج رامبو هنا على ممارسة غوايته وخداع شيوخ القبائل البدائية بشراء بضاعته، بنادق، خشخاش، أساور من معدن، ملابس حريرية، إيماءات فاضحة.
لقد كان الشاعر يعيش عالماً هو جزء من نمط مثل لديه خياراً لهروب من نزاعات روحية وجسمانية مر بها جراء التيه الفاضح الذي ملكه بالغريزة، ولهذا حين وجد الشاعر خزعل الماجدي المكان، وتفاجئ بظل شجرة الصمغ الذي يحتسي تحته الآن ذات القنينة التي كان رامبو يحتسي منها وهو يتجول بين قرى مدينة هرر في أثيوبيا حيث هيمن المكان على خزعل، وبفضل قدرة الشعر لديه، ولد العكاز، وربما كان من مسودات رامبو الأولى ورق مبعثر، تسكنه جمل غائبة عن وعيها، تخطيطات لا تنتهي لقصائد ملوثة بسرعة التأثر، وفضائح مستعجلة " .
ومما جاء في “عكازة رامبو”:
يدخلُ إلى باريس بعكازتهِ ويتمتم
(وا أسفاه..لقد ضاعت الأبديةُ مني )
أجَّجَ في الشوارع قطَطَهُ وأسكرَ أصدقاءهُ وخرَّبهم ..
لم يعد يرى قربَ المقابرِ أحداً سوى النادبين والطيور..
دفنَ مقهىً من الشعراء ودخَّنْ .
ــ الحضارة اليمنية
كما صدر للباحث في علوم وتاريخ الحضارات والأديان والأساطير الدكتور خزعل الماجدي كتاب “الحضارة اليمنية” بجزئين، وهو أشمل كتاب جامعٍ عن الحضارة اليمنية اعتمد على ماجادت به أرض اليمن من آثارٍ وكتابات عززت حضور وتدوين منجزها الحضاري القديم .
ومما جاء علي الغلاف الخلفي للجزء الأول: "الحضارة اليمنية جوهرة نادرة بين حضارات العالم القديم ، فهي تتناظر وتلتقي ، بإطارها العام مع تلك الحضارات ، لكنها تنفرد عنها بخصوصيتها التي تُعطيها مكانة خاصة بينها .
يرى الكتاب أن هذه الحضارة استطاعت ترويض بيئتها الجغرافية والمناخية لصالح بناء قاعدةٍ زراعية متقدمة رغم تذبذب أمطارها الموسمية وعدم وجود أنهارٍ فيها ، وقد دفع ذلك بها نحو الإبتكار العبقري لبناء السدود العظيمة والصهاريج والأحواض الصخرية ، ثم التحكم بسيول الطمي والأمطار وخلق بيئة زراعية خصبة تكفّلت بتوفير معظم غذاء أهلها طيلة زمن تلك الحضارة . ثم منحت أرضها ، دون بقاع العالم كلّه ، مصادر البخور والُبان واللادن والمرّ والعطور والتوابل ، فصارت اليمن مركز العالم التجاريّ بها ، ومنحها هذا المنجز فرصة التلاقح مع حضارات وشعوب العالم .
أما الجزء الثاني من كتاب “الحضارة اليمنية”، فهو يستكمل صورة هذه الحضارة بتسعة فصولٍ جديدة، بعد الفصول الثمانية للجزء الأول، حيث يصفُ ويناقشُ ويحللُ ثمانية عناصر من حضارتها هي العناصر ( الفكرية، الإجتماعية، النفسية، المادية، الدينية، العلمية، الفنية، الأخلاقية ) ويختتمها بفصلٍ خاصٍ بتقييمها وذكر منجزاتها المتفردة .
وبذلك يكون “الماجدي” قد قدّم، في الجزئين، كامل عناصر الحضارة التي درج على تقديمها في كتبه عن الحضارات كلّها .
ولابد من القول أن الإنسان اليمنيّ صنع حضارة عظيمة واستطاع أن يقدّم، في سبيكة واحدة متقنة السبك، الكثير من المتوازيات أو المتناقضات التي جمعها بعبقريةٍ نادرة، فهي حضارة خضراء بين الصحارى والبحار، وبين الممالك والقبائل، وبين المدن والقري، وبين العبادات القديمة والتوحيدية، وبين الزراعة والتجارة، وبين التوق لتوسيع نفوذها والإنكماش على ذاتها، حضارة سادها توتّرٌ خلاّقٌ أنتج، في جدله، حلولاً جديدة تنمُّ عن عبقريةِ شعبها وقدرته على التكيّف والإبتكار .