المخرج أسامة طه: ندرة العنصر النسائى تعوق المسرح الجماهيرى فى الصعيد
لم تكن مصادفة حصول المخرج المسرحى المبدع أسامة طه على جائزتى «أفضل عرض» و«أفضل ألحان»، فى مسابقة نوادى المسرح التجريبى بالدورة الـ٢٩ لمهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى، عن عرض «حكايات شارع الصابحة»- بل كانت تتويجًا لمسيرة حافلة بالاجتهاد والكفاح من أجل تقديم فن راقٍ. من مركز شباب «ناصر» بمركز أبوقرقاص بمحافظة المنيا، بدأ مسيرته، حينما كان طفلًا، وأحب التمثيل والموسيقى، وتفجرت طاقته الإبداعية، واستحق لقب «مخرج بدرجة مقاتل» الذى أطلقه عليه الناقد الكبير فتحى الكوفى، فبرغم الصعوبات التى واجهها فقد ظل بنفس الشغف والتألق والعشق لخشبة المسرح، كالراهب فى محرابه.
«الدستور» حاورت المخرج الكبير، إيمانًا بأهمية تحقيق العدالة الثقافية، وتسليط الضوء على المبدعين فى كل أنحاء الجمهورية.
أقدم الفن بإحساسى دون التقيد بقواعد.. والخشبة المسرحية فلسفة حياة
■ متى بدأت مسيرتك المسرحية؟
- بدأت علاقتى بالمسرح منذ الطفولة، فى مركز شباب «ناصر» بمركز أبوقرقاص فى محافظة المنيا، بفضل الفنان سيد عبدالعال، الموسيقى المبدع، والفنان المسرحى خليل عبدالعال، وكانت سنى آنذاك ١٢ عامًا، بعد ذلك التحقت بالمسرح المدرسى ثم مسرح الجامعة ثم الثقافة الجماهيرية، وخلال تلك المسيرة تعاونت مع رفيقى الشاعر أشرف عتريس.
وكان أستاذى وأبى الروحى المخرج الكبير طه عبدالجابر، وحصلت على جائزة أفضل ممثل فى جامعات مصر عامى ١٩٨٩ و١٩٩٢. وبدأت تجربتى الإخراجية بمسرحية «وقائع موت» عام ١٩٩١، لرفيق الرحلة الفنية الشاعر أشرف عتريس، ثم أخرجت مسرحية «السندباد» لفرقة مغاغة المسرحية عام ١٩٩٤، وفازت الألحان والأشعار بالجائزة الأولى فى المهرجان الختامى لفرق بيوت الثقافة. وبعد عامين، تكرر الإنجاز مع فرقة منفلوط المسرحية، بالتعاون مع طه عبدالجابر، بمسرحية «حلم يوسف»، التى فازت بجوائز العرض والإخراج والأشعار والألحان والديكور.
وحصلت مسرحية «ليلة دم الحمام» لفرقة أبوقرقاص المسرحية على جائزتى «أفضل مخرج» و«أفضل أشعار» والمركز الثانى فى الألحان، عام ١٩٩٨، فى مهرجان نوادى المسرح بالإسماعيلية.
وفى عام ٢٠٠٤، فزت بجائزة الألحان عن عرض «بارانويا» للمخرج الجميل محمد حسن، فى مهرجان نوادى المسرح بالزقازيق، وأخيرًا فزت بجائزتى «العرض» و«الألحان» فى مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى. وفى المسرح الجامعى فزت بجائزة «الإخراج» فى المهرجان المسرحى بجامعة المنيا، عن عرض «الصدا فى طبق فضة» للشاعر أشرف عتريس عام ١٩٩٤، وفى عام ١٩٩٥ فزت بالمركز الأول بجامعة المنيا عن عرض «الليلة فنطزية»، وفى عام ١٩٩٦ فزت بالمركز الأول على مستوى جامعات مصر عن عرض «السبنسة» لجامعة المنيا فى عام ١٩٩٩، وفزت بالمركز الثانى على مستوى جامعات مصر عن عرض «عيون فى حدوتة».
وفى عام ٢٠٠٤ فزت بالمركز الثالث على مستوى جامعات مصر عن عرض «بيت بدرية طلبة»، وحصلت على جائزة الإخراج عن عرض «ملحمة جلجامش» عام ٢٠١٥، وجائزتى «أفضل عرض» و«أفضل ألحان» فى المهرجان التجريبى بمسابقة عروض نوادى المسرح التجريبى.
■ ما الصعوبات التى واجهتك؟
- هناك صعوبات كثيرة نواجهها كمخرجين فى الثقافة الجماهيرية، أبرزها ندرة دور العرض ونقص الإمكانات وصعوبة العمل فى الصعيد؛ بسبب انشغال الناس بلقمة العيش وصعوبة الأحوال المادية، وندرة العنصر النسائى بسبب العادات والتقاليد فى الصعيد وفى المراكز الصغيرة، ورغم ذلك كنا نجتهد ونقدم فنًا يحترمه الناس، وكتب عنى الناقد فتحى الكوفى مقالة عنوانها «أسامة طه.. مخرج بدرجة مقاتل».
■ كيف أثر العمل بنوادى المسرح على تجربتك؟
- المسرح بالنسبة لى لا يختلف باختلاف جهة الإنتاج، فأنا أعتمد على إحساسى فى تقديم المسرح، دون تقيد بجهة الإنتاج سواء كانت نوادى مسرح أو شريحة ثقافة جماهيرية أو ورشة. عناصر المسرح الأساسية هى النص والممثل والجمهور، والمهم فى النهاية أن تصل الرسالة للمتلقى، ويجد قيمة فى العرض.
■ ما الأقرب إلى قلبك.. الإخراج أم التلحين؟
- الأقرب إلى قلبى هو المسرح بشكل عام، هو فلسفتى فى الحياة، وفى سبيل تقديم فن جاد أعمل بالتلحين والإخراج حتى أحقق الهدف الأسمى.
■ العروض الأشهر لك عن مسرحيات مصرية وعربية.. هل أخرجت نصوصًا أجنبية؟
- نعم، قدمت عروضًا عالمية كثيرة، منها «زيارة السيدة العجوز» للكاتب السويسرى فريدريش دورينمات، ومسرحية «حالة طوارئ» للفيلسوف والمسرحى الفرنسى ألبير كامو، ومسرحية «البيت الذى شيده سويفت» لجريجورى جورين، ومسرحية «المهرج تيل» لنفس الكاتب، ومسرحية «هبط الملاك فى بابل» لدورينمات، ومسرحية «دون كيشوت» لإيف جامياك، ومسرحية «بيرجينت» لهنريك إبسن. فى كل هذه العروض حافظت على الروح المصرية، دون الإخلال بالنص، ولم أتعال على المتلقى.
■ تعمل إخصائى مسرح طفل.. فلماذا لم تهتم بعروض الأطفال؟
- قال عنى المخرج الراحل الدكتور صالح سعد، فى ندوة عرض «ألعاب مصرية» بالمهرجان الختامى سنة ٢٠٠٠، إننى أمارس عملية الإخراج المسرحى من منظور طفل يلعب. معظم عروضى رغم أنها للكبار، تتضمن عرائس وماسكات، وتصلح جميعها لأن يشاهدها الأطفال، هذا بخلاف أننى قدمت عرضًا للطفل سنة ٢٠٢٠ بعنوان «الفراعنة دوت كوم»، وفى هذا العام نفذت ألحان مسرحية «بلد العصفور»، لفرقة المنيا، مع المخرج الصديق محمد حسن.
■ هل تميل إلى مدرسة إخراجية معينة؟
- المنهج الذى أتبعه فى معظم الأعمال التى قدمتها هو المنهج التعبيرى، وإن كنت لا أؤمن بمنهج محدد، فالقاعدة أن الفن لا قاعدة له، فالتقعيد نشأ بعد الإبداع، ولا يجب أن نضع حدودًا توقف العملية الإبداعية.. فى رأيى هذا ضد تطور الإبداع.
■ كيف كان شعورك بعد الحصول على جائزة نوادى المسرح التجريبى؟
- جائزة نوادى المسرح التجريبى جاءت بعد إحباطات كثيرة، وأراها انتصارًا ومنحة ربانية، كأنها رسالة لى كى أستمر، فقبل الجائزة كان قرار الاعتزال قريبًا جدًا.
وأود أن أشكر فنانين كان لهم الفضل علىّ وعلى جيلى، وهم المخرج خليل عبدالعال والفنان الموسيقى سيد عبدالعال والمخرج طه عبدالجابر والناقد عبدالغنى داود والناقد الصحفى أحمد عبدالمجيد، رحمه الله، والناقد الدكتور رضا غالب، رحمه الله، والناقد الدكتور محمد زهدى، رحمه الله، والفنان الدكتور عبدالرحمن عبده، ورفاق العمر الشاعر أشرف عتريس والشاعر إكرام بشرى والفنان ياسر سمير، وكل من أسهم فى صنع تاريخى المتواضع.
■ ما أمنيتك التى ستسعى لتحقيقها مستقبلًا؟
- المشاركة فى المسابقة الرسمية للمهرجان التجريبى.