مؤسسة بحثية: هناك حاجة لتجديد السياسة الأمنية الأمريكية فى الشرق الأوسط
نشرت مؤسسة الأبحاث والتطوير الأمريكية «راند»، مؤخرا، تقريرا مطولا في نحو 70 صفحة عن مصالح الأمن القومي الأمريكي في الشرق الأوسط في ضوء السياقات السياسية، والأمنية، والاقتصادية المتغيرة.
وشارك في إعداد التقرير شيلي كولبرتسون، كبيرة الباحثين والمديرة المساعدة لبرنامج إدارة الكوارث والقدرة على مواجهتها في مؤسسة «راند»، والدكتور هوارد جيه. شاتز، أستاذ التحليل السياسي بكلية باردي راند للدراسات العليا، والباحثة ستيفاني ستيوارت، المتخصصة في الشئون الاقتصادية والتي عملت في الأردن وسلطنة عمان، وزارت كلا من المغرب وإسبانيا.
ويبحث واضعو التقرير نهجا جديدا في إدارة المصالح الأمنية الأمريكية في الشرق الأوسط يتجنب نمط الارتباطات العسكرية التفاعلية التي شهدتها الولايات المتحدة طوال عقود.
ويعترف هذا النهج بأن الشرق الأوسط يقع في مفترق طرق مصالح أمريكية حيوية متعددة، وأن المشكلات التي تبدأ في الشرق الأوسط تنتشر في أنحاء العالم.
وأوضح التقرير بعض الحقائق التي تتطلب من الولايات المتحدة إعادة النظر في استراتيجيتها الخاصة بالشرق الأوسط؛ ومن أهمها أن الجماعات الإرهابية تدهورت، لكن ما زال لديها إمكانيات. وأنه رغم أن الولايات المتحدة تعتمد الآن بصورة أقل على الطاقة من الشرق الأوسط، ما زال حلفاؤها يعتمدون على تلك الطاقة.
كما أن الشرق الأوسط يعتبر منطقة ساخنة بالنسبة للانتشار النووي، وهي مسرح للتنافس بين الدول الكبرى.
ويؤدي الصراع والعدوان في الشرق الأوسط إلى توتر النظام العالمي، ويؤثر على الأمن الأمريكي. كما أن تأثيرات تغير المناخ تفاقم التحديات الأمنية الأخرى.
وأخيرًا، فإن الولايات المتحدة تستفيد من رفاهية حلفائها وشركائها.
وذكر التقرير أنه رغم أن تنافس الولايات المتحدة مع روسيا والصين دعا إلى مطالبات بألا تكون للشرق الأوسط الأولوية في السياسة الخارجية والأمنية الأمريكية، هناك مجموعة كبيرة من المصالح الأمنية الأمريكية الحيوية في الشرق الأوسط لا يجب تجاهلها.
فالتغييرات في السياق السياسي، والأمني، والاقتصادي في الشرق الأوسط تتطلب تعديل الأولويات الأمريكية، ويرى الباحثون أنه يتعين على الولايات المتحدة ألا تتراجع عن إعطاء الأولوية للشرق الأوسط أو تنفصل عنه، ولكن ينبغي عليها إدارة كل مجموعة مصالحها هناك، وهي تشمل الأهداف التقليدية الخاصة بمنع الإرهاب، وحماية أسواق الطاقة العالمية، ومواجهة الانتشار النووي الإيراني وغيره من الأنشطة الشريرة، وكذلك المصالح الإضافية التي تتعلق بالتعامل مع تنافس القوى الكبرى، والصراعات الإقليمية، والتداعيات البشرية والمالية لصراعات، ونزوح المدنيين، وتغير المناخ، ورفاهية الحلفاء، وعدم الاستقرار المزمن.
ويقول الباحثون إنه من أجل تأمين مصالحها، يتعين على الولايات المتحدة الاعتماد بصورة أقل على العمليات العسكرية وزيادة الاعتماد على الدبلوماسية، والتنمية الاقتصادية، والمساعدات الفنية. فأي استراتيجية أمريكية جديدة تحافظ على الشرق الأوسط كأولوية وتعيد التوازن بين الآليات العسكرية والمدنية يمكن أن تساعد في تحويل المنطقة من وضع يشهد تعرض الولايات المتحدة لخسائر إلى وضع تزداد فيه المكاسب للشعب الأمريكي- وكذلك لشعوب الشرق الأوسط.
وأكد الباحثون أن شعوب الشرق الأوسط أظهرت قدرتها على التضحية من أجل التنمية، ومن أجل حياة أفضل، أكثر رخاء وسلمية، وينبغي أن تهتم الولايات المتحدة بتحقيق هذه الأهداف. ويمكن للولايات المتحدة أن تقوم بذلك من خلال العمل بفاعلية لإنهاء الصراعات وبالمساعدة في تعزيز المزيد من التبادل الاقتصادي وتوفير المزيد من الحكم الفعال. كما أن تحقيق ذلك من شأنه أن يحد من خطر استدعاء الولايات المتحدة مرة أخرى للمشاركة في عمليات عسكرية في المنطقة، بما يصاحب ذلك من تكاليف باهظة.
ومن بين التوصيات التي تضمنها التقرير ضرورة تبني الولايات المتحدة استراتيجية جديدة خاصة بالشرق الأوسط تعتمد بدرجة أكبر على الآليات المدنية. وكذلك تطوير أساليب جديدة لإدارة المخاطر عندما تخفض الولايات المتحدة من تواجدها العسكري في المنطقة، والاحتفاظ باستراتيجية متكاملة طويلة الأمد فيما يتعلق بإيران. وكذلك الاحتفاظ ببرنامج متكامل يشمل مختلف الأجهزة لمواجهة التطرف العنيف.
كما دعت التوصيات، الولايات المتحدة إلى التوسط لإنهاء النزاعات، والتوسط لإيجاد حلول عملية لنزوح المدنيين، وضرورة تركيز الولايات المتحدة على المساعدات التنموية لمواجهة سببين كانا وراء اندلاع احتجاجات الربيع العربي؛ وهما الافتقار للفرص الاقتصادية للشباب وفساد الحكم. كما دعت التوصيات إلى ضرورة تسهيل التفاعلات الإقليمية، والمساعدات المتبادلة، والحوارات الأمنية.