أزمة الورق تهدد دور النشر.. وناشرون: التخلف عن المعارض الخارجية يسىء لمصر
"الغلاء يلتهم الأخضر واليابس".. واليابس هذه المرة هو الورق لكن في الحياة الأدبية والثقافية ورحلة بناء الوعي يشكل اللبنة الخضراء في صناعة الكتب والمؤلفات، وعدم توافره يعني موت صناعة كبيرة يعمل بها الآلاف في مصر، ووسط ارتفاع السلع سواء الغذائية أو المعمرة يغفل الكثير عما يواجه صناعة الكتب ودور النشر التي تضم آلاف العمال والصناع وهو الأمر المهدد بالتوقف في تلك الصناعة المأزومة بسبب غلاء الورق أو حتى ندرته في السوق المحلية.
وفي السطور الآتية نبحث الأزمة ونرى الحلول خاصة مع اقتراب النسخة الجديدة من معرض القاهرة الدولي للكتاب.
رئيس اتحاد الناشرين: الكتب تعتمد على الورق المستورد وعلى دور النشر الاتجاه للمحلى حتى لو ردىء
البداية مع سعيد عبده، رئيس اتحاد الناشرين، الذي يوضح أن أزمة تلك الصناعة أنها تعتمد بنسبة 100% على مدخلات جميعها من الخارج، ومع بداية تفشي وباء كورونا المستجد وتوقف الشحن الدولي تأثرت الصناعة في مصر وتعطلت شحنات من الورق في الموانئ العالمية، وفي هذا الوقت اعتمدت دور النشر المحلية على المخزون لديها لكن مع الوقت واجههم شح في الموارد وبعد عودة التجارة والحركة العالمية اتفقت دور النشر على شحنات جديدة للوفاء بالتزاماتها ناحية العقود المبرمة مع الكتاب والمعارض الدولية التي تمثل مصر فيها وهي مرهونة بمواعيد لا علاقة بها بالوضع المحلي.
وأوضح رئيس اتحاد الناشرين أنه حتى الورق المصنع محليًا تأتي المادة الخام من الخارج، وتوقفت الشحنات الخاصة في الموانئ المصرية منذ أسابيع ولا تستطيع دور النشر ولا مصانع الورق استلامها بسبب عدم توافر العملة الصعبة في مصر، علاوة على الارتفاع المستمر في سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري مما ضاعف سعر الورق، فكان سعره قبل الأزمة 16 ألف جنيه للطن وحاليًا يتجاوز سعره أربعين ألف ووقوفها في الميناء يهددها بالتلف.
سعيد عبده: المشاركة فى المعارض التزام لا يمكن التخلف عنه
ويكمل "عبده" حديثه لـ"الدستور" أننا ملزمون بالمشاركة في معرض الرياض في المملكة السعودية وبغداد ومعرض الشارقة وغيرهم والتخلف عنها يسىء لمصر والقوى الناعمة بها وعلى لسان الناشرين يقول "نحن نعلم جيدًا أن الكتب ليست على أولويات المواطن بخلاف الغذاء والدواء ولو خير بين الكتاب المضاعف سعره أو شيء آخر لاختار الثاني ".. لكنه يظل من مكونات الوعي والفكر ولا غنى عنه في حماية العقول.
أما عن الحلول فيوضح رئيس اتحاد الناشرين، أنه على دور النشر مؤقتًا الاعتماد على الورق المحلي كي نخرج من الأزمة الدائمة الخاصة بالاعتماد على المستورد لأن أي أزمة من الممكن أن تعصف بالورق مرة أخرى، من ناحية أخرى يجب على دور النشر عرض الكتب القديمة المتوافرة في مخازنها بنصف الثمن وبتخفيض مناسب لتشجيع القارئ على الشراء لا سيما خلال فترة معرض القاهرة، حيث من المتوقع أن يتوجه لزيارته لقضاء يوم أصبح في روتينه السنوي لكن سيعود خالي الوفاض دون شراء الكتب لغلائها.
انتقلنا لدور النشر لمعرفة الأزمة وجدوى حلها خلال الفترة المتبقية حتى معرض القاهرة الدولي للكتاب في النسخة الـ54 المتوقع عقده في الثالث والعشرين من يناير المقبل.
وأوضح إسلام عبدالعاطي، صاحب دار نشر "روافد"، أن هناك زيادة في أسعار الورق عالميًا في الأساس جراء الحرب الروسية_ الأوكرانية، ولا ننكر انهيار العملة محليا مع التضخم وارتفاع سعر الفائدة والصرف ما تسبب في أن يرتفع قيمة الورق بما يقدر 70%، لكن ما حدث أن السعر تجاوز الضعف بسبب السوق السوداء في توفير العملة والورق نفسه، فوضع الناشرين بين شقي الرحي إما الشراء بأي ثمن ما يتسبب في مضاعفة سعر الكتب وعزوف القارئ عنها، الحل الآخر هو التوقف في هذه الصناعة بالكامل وغلق مصدر رزق للآلاف.
إسلام عبدالمعطى: مجبرون على المشاركة فى المعارض الدولية وعلى الدولة مساعدتنا فى الخروج من الأزمة
وعن دار روافد، يوضح أنه لا بديل عن المشاركة في المعارض الدولية المتفق عليها منذ أعوام، لكن الدولة عليها دعم الصناعة لتجاوز الأزمة إما بتوفير العملة الصعبة لوفاء الالتزامات الدولارية وإعفاء الشحنات من الجمارك لتخفيف سعر الورق وتجاوز خطر التعرض للإفلاس.
أما عن استخدام الورق المحلي فهو ليس حلًا من وجهة نظر "إسلام" كونه رديئا ولن يباع ويشوه جودة المنتج خاصة في الخارج والمستورد هو المثالي حتى لا نخرج من سوق المنافسة تمامًا والمنتج المحلي لا يفي بـ15% من احتياجات السوق، وعلى الدولة الوقوف بجانب الناشرين لأنه في المقابل سيعود الناشرون من المعارض العالمية والدولية بالعملة الصعبة التي تعود على الدولة بالفائدة في النهاية.
شريف بكر: لجأنا لنشر عدد من الإصدارات إلكترونيًا على التطبيقات لتجاوز أزمة الكتب
أما دار العربي، فلجأت لحل مؤقت لتجاوز الأزمة وهو طرح الإصدارات الخاصة بها إلكترونيًا على المنصات والتطبيقات المدفوعة بإطلاق مبادرة خاصة بهم حملت عنوان "إلكتروني أولًا"، من هنا أوضح شريف بكر مالك دار "العربي" أن المشكلة قديمة ومتجذرة منذ عامين وهددت معرض القاهرة الدولي للكتاب العام الماضي لكنهم استطاعوا بالكاد تجاوزها لكن العام الجاري وقفوا أمام خيارين إما الخروج من المنافسة أو الطرح الإلكتروني لكنه لم يكن حل نهائي فلم يعود بالفائدة على الدار والمؤلفين، لكنهم كانوا مجبرين عليه لسداد جانب من الالتزامات، ومن هنا لجأ بعض الناشرين لاتباع منهج "الطباعة عند الطلب" وهو الاكتفاء بطباعة عدد من النسخ تكفي للحاجة فقط.
يوضح " شريف" أن سعر الورق زاد عالميًا لكنها تتفاقم في مصر بسبب عدم توافر العملة الأجنبية، وأصبح الناشرين تحت رحمة تجار السوق السوداء لشراء العملة بسعر أكبر، في النهاية أصبح الكتاب بأضعاف قيمته.
وعن الحلول يجب على الدولة النظر لصناعة النشر كباقي الصناعات لتحصل على شيء من الدعم يعين الناشرين على الخروج من النفق المظلم، لا سيما أنهم في صنعة مصدرة وجالبة للعملات الأجنبية.
وأكمل أنه بحلول معرض القاهرة للكتاب وهو الالتزام الأهم كونه المعرض الأكبر للكتاب في الشرق الأوسط ستشارك دار "العربي" بجانب باقي الدور لكن من المحتمل إنتاج عدد كبير من الكتب ديجيتال.
شريف بكر: نطالب الرئيس السيسى بأن يخصص عامًا للثقافة لإنقاذ الوعى والثقافة
في النهاية يطالب الرئيس السيسي بالتدخل المباشر لحل المشكلة ويخصص عاما كاملا لإنقاذ الثقافة المصرية أسوة بالأعوام التي خصصت للفئات التي هدر حقهم لسنوات وأنقذتهم مبادرات الرئيس، كما يطلب أنه من الضروري تفعيل قانون الملكية الفكرية الذي لم يعتمد من البرلمان رغم جاهزيته وهو ما ينقذ دور النشر من سرقة منتجاتهم أو قرصنتها.