سياسيون وكُتاب لـ«الدستور»: زيارة الرئيس السيسى قطر محورية وفى توقيت مهم

أكد سياسيون وخبراء أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي الدوحة، ولقاءه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثانى، تدعم العلاقات بين مصر وقطر، كما أنها ركزت على ملفات إقليمية ودولية مهمة تحظى باهتمام البلدين المشترك.

وشدد السياسيون والخبراء، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، على أن زيارة السيسي قطر تأتي في توقيت مهم نظرا للأوضاع التي تمر بها الأمة العربية والظروف الدولية المحيطة بها وخاصة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.

صالح غريب: زيارة السيسى قطر تأتى فى ظروف مهمة

قال الصحفي والكاتب القطري صالح غريب، إن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للدوحة تأتي في توقيت مهم نظرا للأوضاع التي تمر بها الأمة العربية خصوصا في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية والصراع الصيني والغربي والملف النووي الإيراني، إلى جانب مناقشة تطوير العلاقات القطرية المصرية بعد تبادل الزيارات بين المسئولين القطريين والمصريين وفي مقدمتها زيارة أمير قطر إلى القاهرة يونيو الماضي.

وأوضح صالح غريب، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أننا الآن نجد أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي تأتي في ظروف مهمة خصوصا فيما يتعلق بالتوافق بين الدولتين في الملف الليبي بعد زيارة رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح للدوحة ومن هنا تكمن أهمية الزيارة.

وقال الكاتب القطري إن هذه الزيارة لها عدة ملامح مهمة كونها الزيارة الأولى للرئيس عبدالفتاح السيسي لقطر وبذلك تنهي سنوات من الانقطاع وعدم التوافق بين الدولتين في الملفات العربية لما لمصر من دور فيها وكان دور مصر وقطر في القضية الفلسطينية مهما، فقد ساهم في وقف الحرب، كذلك وجدت زيارة الرئيس السيسي للدوحة ترحيبا من القيادة القطرية والشعب القطري خصوصا وأن في قطر جاليه مصرية تساهم في نهضة قطر الحديثة ولهذا ترسخ الزيارة لعلاقات قوية في المستقبل ولعل المشاريع الاقتصادية وارتفاعها بشكل كبير في الفترة الأخيرة دليل على علاقات متميزة سوف تخدم الشعبين القطري والمصري. 

وأضاف صالح غريب أن الزيارة ستشهد استكمال لما تم الاتفاق عليه بين البلدين في الزيارة الأولى لأمير قطر إلى القاهرة والتوقيع على عدد من الاتفاقيات الاقتصادية والرياضية والاجتماعية والتربوية والزراعية، وسوف تضاف إلى الاتفاقات التي وقعت في القاهرة خصوصا فيما يتعلق بالضيافة والاستفادة من القدرات المصرية في تنظيم كأس العالم في قطر. 

وتابع "لعل الجانب الاقتصادي هو الأبرز بعد الملف السياسي الذي تحمله الزيارة فقد وضعت كل من الدوحة والقاهرة عددا من المجالات الاقتصادية والتجارية بين البلد حسب احتياج كل دولة فمثلا الدوحة وقعت اتفاقا بين شركة مواشي لتوريد اللحوم إلى القاهرة وزيادة عدد الرحلات الجوية بين البلدين والنقل الجوي ولعل الاستثمار القطري في مصر كان يتمحور في الأراضي الزيارة الأخيرة  حيث تم تنويع ذلك حسب احتاج قطر سواء استصلاح أراض زراعية أو بناء مجمعات فندقية أو منازل سكنية أو غيرها من الامور التي تقدمها مصر وتسمح بالاستثمار فيها وبالتالي سوف نشهد تطورا وارتفاعا في الواردات والصادرات بين البلدين في المستقبل بعد أن تسري هذه الاتفاقيات وتصبح فعلية على أرض الواقع. 

وأضاف صالح غريب أن من أبرز القطاعات التي يمكن أن قطر تستثمر فيها داخل مصر بناء الفنادق وإدارتها من قبل شركة كتارا الدولية المشهورة في هذا المجال وأيضا الأراضي الزراعية التي يمكن أن يتم استصلاحها، فمصر تملك مساحات شاسعة من تلك الأراضي الغير مستفاد منها، كذلك يمكن الاستثمار في الأثاث خصوصا في مدينة دمياط كذلك الاستثمار في مواد البناء بخلاف مجالات كثيرة يمكن أن تستثمر قطر فيها داخل مصر.

وأكد الصحفي القطري أن من أبرز الملفات السياسية الإقليمية والدولية التي تحظى بالاهتمام المشترك من قبل مصر وقطر الملف الليبي خصوصا بعد زيارة عبد الحميد الدبيبة وعقيلة صالح إلى الدوحة واجتماعهما مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد ولاشك أن الاجتماعات الرسمية بين القيادة القطرية والمصرية ناقشت ذلك، وهناك توافق بين قطر ومصر في هذا الملف فهدف البلدين هو الأمن والاستقرار في هذا البلد العربي ومنذ القدم ظلت مصر تحمل الهم العربي وهذا البعد القومي العربي يسعى له القياديين في القاهرة والدوحة.

وأشار الصحفي القطري إلى أن ملف الغاز أحد الملفات التي تحملها زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى قطر خصوصا وان هناك حلف يضم قطر وايران وتركيا وتسعى مصر أن تكون ضمن هذا الحلف خصوصا وأن هناك حاجة الآن إلى الغاز والطاقة في ظل الأشهر القادمة وقطر يهمها تواجد مصر في هذا الحلف. 

وشدد غريب على سعي القيادتين في القاهرة والدوحة إلى تطوير التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين ولاشك أن رابطة الاعمال القطرية المصرية واللقاءات التي تعقد بين رجال الأعمال من قطر ومصر تسعى لجذب المستثمر القطري ولعل المعارض التي تقام في قطر مشاريع استثمارية تعرف وتشرح لرجال الأعمال في قطر المشاريع الاقتصادية التي يمكن لرجال الأعمال في قطر الاستثمار بها.

وأشار إلى أن زيارة أمير قطر إلى القاهرة شهدت مشاركة وفد من رجال الأعمال إلى جانب وزير الاقتصاد والتجارة، كما أن غرفة تجارة قطر دوما تربطها علاقة مع مثيلتها في مصر بحثت المشاريع الاقتصادية التي يمكن لرجال الأعمال والمستثمرين في قطر دراستها ومن ثم الاستثمار فيها.

وأضاف "منذ زيارة الأمير إلى مصر وجدنا عددا من المشروعات تم الاتفاق عليها وبدء عملية توقيع العقود ولا شك تأكيد الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال زيارته للدوحة على حرص مصر لتطوير التعاون الاقتصادي بين القاهرة والدوحة سوف يسهم في جذب الاستثمارات القطرية إلى مصر وفي مجالات مختلفة لم تكن موجودة من قبل.

طارق فهمى: زيارة السيسى تدشن مرحلة جديدة من العلاقات المصرية القطرية

من جانبه، قال الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية، لـ"الدستور"، إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لقطر، تمثل مرحلة جديدة من العلاقات المصرية القطرية سوف تمثل اضاءة كبيرة للعمل العربي المشترك خاصة  قبل عقد القمة العربية  في الجزائر نوفمبر المقبل، كما أن هناك إمكانية للتركيز على القضايا ذات الاهتمام المشترك مثل الملف الليبي وقطاع غزة والتطورات على الساحة السورية وبحث أمن الخليج العربي.

وتابع فهمي "نحن نتحدث عن مرحلة عنوانها المصالح المشتركة والفوائد المتبادلة، خاصة أن أمير قطر زار مصر بالفعل من أشهر مضت حيث تم توقيع العديد من الاتفاقيات، وهناك عدد من مجالات التعاون المشترك بين البلدين وسوف تبني عليها  المرحلة المقبلة ولن تتوقف الاستثمارات القطرية في الأصول المصرية لاسيما أن  قطر تبني شراكة جديدة مع مصر، وهناك قضايا إقليمية محل للتعاون أيضا".

وأكد أستاذ العلوم السياسية أن زيارة السيسي، مهمة فهي تأتي بعد 3 شهور من زيارة الشيخ تميم بن حمد للقاهرة، وناقشت قضايا متعددة فضلا عن تطوير العلاقات في منطقة الخليج لاسيما وأن قطر ثمنت دور مصر الاستراتيجي في حماية الأمن القومي العربي والخليج خلال لقاء الرئيس السيسي والشيخ تميم بن حمد.

وأوضح طارق فهمي أن قطر سوف تركز على الاستثمارات في مصر وتحديدا في مجالات  تشغيل الموانئ والنقل البحري وهناك ملفات أخرى متعلقة بأمن الخليج، كما أن مصر حريصة على تقريب وجهات النظر بين الأشقاء العرب قبيل القمة العربية في الجزائر.

إيمان زهران: زيارة السيسى تُنهى حالة "الفتور" بين مصر وقطر

فيما قالت الدكتورة إيمان زهران أستاذ العلاقات الدولية، إن زيارة السيسي إلى الدوحة تأتى أهميتها في ظل عدد من السياقات الإقليمية والدولية، أبرزها، أن الزيارة تأتي قبل انطلاق القمة العربية بالجزائر خلال نوفمبر المقبل، وكذلك أعمال الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وتتزامن مع جملة من التطورات الدولية المتسارعة، خاصة فيما يتعلق بالأوضاع والمستجدات بالشرق الأوسط، والعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وانعكاساتها المتباينة على عدد من الملفات الحيوية، وفى مقدمتها ملف الأمن الغذائى، وملف الطاقة، وملف اللاجئين.

وأوضحت زهران لـ"الدستور"، أن الزيارة تأتى لتُنهى رسميا حالة "الفتور" بين الدولتين التى صاغت شكل العلاقات الثنائية بين الدولتين فيما بعد 30 يونيو 2013، والبناء على مسار التصحيح الإيجابى والذى بدأت أولى خطواتة فى قمة "العلا" فى المملكة العربية السعودية فى يناير 2021، وبشكل عام ، التحرك المصرى عبر زيارة الرئيس عبدالفاتح السيسي لقطر، يأتى فى أطار رغبة القاهرة فى إعادة تأطير العلاقات بشكل إيجابي، وبما يسهم في إيجاد مقاربات مشتركة للأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية المشتركة التى تواجه الإقليم العربى.

وقالت أستاذ العلوم السياسية إن الزيارة تأتى فى إطار البناء على ما سبق من توافقات وتفاهمات مباحثات المكثفة المتبادلة خلال الفترة الأخيرة بين البلدين، بهدف تعزيز أطر التعاون الثنائي المشترك على جميع الأصعدة، وفى إطار التحركات المصرية لإنجاز متطلبات التكامل العربى فى ظل جُملة من التحديات الإقليمية والمتمثلة فى حالة الاضطراب والفوضى بعدد من دول المنطقة، فى مقدمتها: سوريا واليمن والعراق، أولوية الحل السياسي فى ليبيا وإنجاز متطلبات الاستحقاق الانتخابى. فضلا عن انعكاس الحرب الروسية الاوكرانية على أمن واستقرار الإقليم.

وأضافت "مصر بموقعها الجغرافي ينظر إليها أنها بوابة رئيسية لنفاذ السلع والخدمات إلى السوقين الإفريقية والأوروبية، وهو ما تنظر إليه الدوحة عند اتخاذ قرارها بالاستثمار في مصر. وبالنظر إلى حجم استثمارات قطر فى القاهرة ، فهناك ما يقرب من 4500 شركة مصرية وقطرية، تستهدف القطاعات المصرفية، والعقارات والفنادق".

وأشارت زهران إلى أنه عقب  إطلاق الحكومة المصرية لوثيقة سياسة ملكيتها والتي حددت أهدافًا فيما يتعلق بالحزم التحفيزية لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وزيادة حجم القطاع الخاص، فضلا عن العديد من الخطوات لتهيأت المناخ الاستثماري ودعم استقراره بالقاهرة، وهو ما دفع العديد من الصناديق السيادية بمنطقة الخليج للإستثمار بالشركات المصرية، ومن ثم فمن المتوقع أن تُسفر الزيارة عن جذب مزيد من الاستثمارات القطرية إلى مصر.

وأوضحت أستاذ العلاقات الدولية أن الملفات التقليدية بالمنطقة والتى تتعلق بالدول المأزومة بالمنطقة، وفى مقدمتها تسوية الأوضاع بالملف الليبيى، والسورى ، واليمني، تصدرت مباحثات الرئيس السيسي وأمير قطر فضلا عن بحث آفاق الحل بالقضية الفلسطينية والتنسيق المشترك بملف قطاع غزة، ومن المتوقع تناول تلك القضايا أثناء الزيارة كخطوة نحو خلق مساحات مشتركة، وتوحيد المفاهيم بناء على قاعدة المصالح المشتركة، ومواجهة التهديدات والتحديات الراهنة، وتعزيز العمل العربي المشترك، خاصة مع تبني الدوحة في الآونة الأخيرة لمواقف إقليمية تقترب من صياغات الموقف المصري، مع تهميش نسبي لبعض القضايا الخلافية كملف جماعة الإخوان الإرهابية، والذي اتخذت فيه قطر العديد من الخطوات المقبولة.

وبشأن إمكانية إقامة شراكة قوية والتعاون بين البلدين في مجال صناعة الغاز خاصة بعد دخول مصر لنادي مصدري الغاز، قالت زهران إن الأمر غير مستبعد، وذلك بالنظر إلى مساهمة قطر فى قطاع الطاقة عبر شركة التكرير العربية باستثمارات في مشروع مصفاة الشركة المصرية للتكرير. بالإضافة إلى، إعلان شركة قطر للطاقة إبرام اتفاقية مع شركة إكسون موبيل للاستحواذ على حصة في منطقة استكشاف قبالة السواحل المصرية، وذلك بالتزامن مع إعادة تموضع القاهرة على خريطة مصدرى الغاز للكتلة الأوروبية فى إطار سياساتها نحو تنويع مصادر الطاقة عقب عسكرة موسكو لملف الطاقة إبان الحرب القائمة بالأراضى الأوكرانية.