«الملك فؤاد أمر بتعليمي في الثانوية بالمجان».. اعترافات حسين مؤنس عن ثورة 19 وطفولته وسلامة موسى
"الحقيقة أنني كنت معجبا بوالدي وغير معجب به، فقد كان موظف حكومة في وزارة الصحة، ثم أصبح صاحب أجزخانة، والحقيقة أنني كنت معجب به لأنه كان رجلا نشيطا ويعمل بجد واجتهاد، وغير معجب به لأنه لم يكن يهتم بي كثيرا، ربما كان هذا لأن طبيعة ذلك العصر كان هذا، لأن طبيعة ذلك العصر كانت لا تجعل الآباء يحملون هم الأبناء" حكى الدكتور حسين مؤنس في حواره مع مجلة "أكتوبر" 1991، عن ذكريات الطفوله وحياته.
وقال إن "الملك فؤاد عندما زار بنها اختاروا تلميذا يتكلم أمامه باسم التلاميذ، لكنه عندما وصل أصابه الارتباك، فوقفت أنا وألقيت كلمة قلت فيها: "إننا نتمنى عند عودتك إلى القاهرة أن تفكر فينا لأننا نفكر فيك دائما". أعجب الملك فؤاد بكلمة "مؤنس" وأمر ناظر المدرسة أن يدخل المدرسة الثانوية بالمجان.
في المرحلة الثانوية انتقل حسين مؤنس إلى القاهرة وعاش في البداية مع جده، وكان ثريا وبخيلا، قال "مؤنس": "أتذكر وأنا معه أنه كان ينتظر حتى أنام أو يتصور وهو ذلك، فيوقد شمعة ويذهب لعد نقوده، كل ليلة يعد نفس النقود، وكان سؤاله التقليدي كل صباح وقبل أن نتناول الإفطار: هل تبقى فول من عشاء أمس؟".
رغم البخل الذي كان فيه جد حسين مؤنس، إلا أنه تعلم منه ألا يكون مثله، ثم تعلم منه أن يكون مستقلا.
كان حسين مؤنس في المرحلة الابتدائية عندما قامت ثورة 1919، وشارك في المظاهرات مثلما شارك فيها غالبية الشعب المصري، وكان نصيبه ضربة عصا في المظاهرات، جعلته يتكوم على نفسه بجوار حائط إحدى المنازل، وعندما عاد لمنزله سألته والدته إن كان يريد أن يتناول عشائه فرفض، وعرفت والدته ما أصابه فظلت بجواره طوال الليل تخفف من آثار الضربة التي أصابته.
أما عن عمله في الصحافة فكان السبب فيه أنه كان يدوام على القراءة المستمرة، وخاصة المجلات المصورة والمجلة الجديدة التي كان يصدرها سلامة موسى، خاصة وأن أسعار الكتب وقتها كانت منخفضة وكان "مؤنس" يذهب لمحل بشارع فؤاد لبيع الكتب القديمة والمجلات المصورة بعشرة قروش كان يستطيع شراء أربعة أو خمسة كتب، وفي إحدى المرات وقعت في يده بالمصادفة مجلة قرأ فيها مقالا عن لندن، وأعجبه المقال كثيرا، فكتب مقالا مشابها عن القاهرة، وبحث عن عنوان سلامة موسى وذهب إلى منزله في شارع الدواوين، وقرأ مقاله وأعجب به، وسأله: كم تريد مقابل المقال؟ فرد "مؤنس": "أقصى ما تستطيع أن تدفعه لي، وإذ لم تكن تريد أن تعطيني فلا مانع".
وحصل "مؤنس" يومها على خمسين قرشا مقابل المقال، وكانت هذه النقود أول نقود يكسبها من الصحافة.
وطلب سلامة موسى من حسين مؤنس أن يعمل في المجلة الجديدة، ويطرح الأفكار ويذهب لمقر المجلة لتنفيذها.