لماذا حُرِم نجيب محفوظ من البعثة إلى فرنسا بعد تخرجه من الجامعة؟
"في حياة كاتبنا العظيم نجيب محفوظ حادثة معروفة، هي أن نجيب قد تم حرمانه من البعثة إلى فرنسا بعد تخرجه في الجامعة سنة 1934، وذلك لأن مدير البعثات في وزارة المعارف في ذلك الوقت، تصور أن نجيب محفوظ قبطي، فقرر حرمانه من البعثة لهذا السبب".
حكى الكاتب رجاء النقاش في مقاله بجريدة "الأهرام" عام 2000، أن الأقباط لم يكونوا في هذه الفترة موضع اضطهاد ديني، ولكن الأمر كان نوعا من الصراع القوي بين الملك وقوة شعبيته.
وأكد أن الأقباط والمسلمون في هذه الفترة كانوا قوة واحدة، بينهما امتزاج تام، ولفت إلى أن نجيب محفوظ تأثر بهذا الصراع مع الجانب الوطني السليم، عندما ظن مدير البعثات أنه قبطي فعاقبه بحرمانه من البعثة تنفيذا لتوجيهات الملك فؤاد، ولم يكن نجيب محفوظ قبطيا، ولكنه في النهاية لا يستطيع تبرئة نفسه من تهمة كان يمكن أن تحرمه من البعثة أيضًا، وهي تهمة الوفدية.
وأشار رجاء النقاش إلى أن نجيب محفوظ كان وفديا، وكان عاشقا لسعد زغلول للدرجة التي يمكن أن يقال عنه أنه كان "وفديا زغلويا"، وقد ظهر ذلك في أدبه بوضوح وخاصة في روايته الثلاثية "بين القصرين"، و"قصر الشوق"، و"السكرية".
ويوضح "النقاش" أن مدير البعثات لو علم أن نجيب محفوظ من حيث الدين مسلم، ولكنه من حيث السياسة وفدي جدا لعاقبه على التهمة الثابتة وهي "الوفدية"، لكنه عوقب على ما ليس فيه، حيث اختلط اسمه بأسماء الأقباط.
ووصف رجاء النقاش نجيب محفوظ بأنه كان عصاميا، إذ كان كلما أغلق أمامه باب فتح آخر، ولم يتوقف عن الحركة والتقدم والسير إلى الأمام وبناء حياته "طوبة طوبة"، دون كلل أو ملل، كما أنه كان يعمل بانتظام ومثابرة ودأب دون أن ينتظر أي ضربة حظ.