«ماجدرش يا ياسين».. التهامى يتجلى فى القلعة
ياسين التهامى فى القلعة.. حفلة عابرة للأجيال، بل جامعة لهم وشاهدة عليهم وحافظة لتاريخهم وثقافتهم ومستقبلهم أيضًا..
فى القلعة وقف الشيخ ياسين أمام جمهوره أو محبيه كما يردد دائمًا، شامخًا وحاضرًا وواثقًا ومطربًا وشجيًا.. ساعتان فى مدح الرسول تؤكدان أنك مهما سمعت التهامى ففى القلعة له مذاق خاص.
وقفت قلعة صلاح الدين على مر السنوات حصينة وشاهدة على أجيال كثيرة، كلهم أحبوها ووقفوا أمامها تملؤهم مشاعر الدهشة والانبهار والفخر، وفى حفل الأمس لم يكن ياسين التهامى أقل من القلعة التى احتضنته جدرانها دهشة وإبهارًا وفخرًا.
لو أنك رأيت جمهور الشيخ أمس ستتأكد أن هذا الرجل السبعينى ظاهرة تاريخية بكل المقاييس، شباب فى العشرين والثلاثين من عمرهم ملأوا جنبات القلعة ليطربوا بمنشدهم، متى عرفوه وأحبوه وأدمنوه وتتبعوا خطواته من مسرح لآخر؟ هذا أمر جدير بالدراسة والتأمل والاحترام أيضًا..
لا تتعجل.. هذا الجمهور لم يتعامل مع حفلة القلعة بوصفها «خروجة» زهيدة التكاليف، هو ذاهب ليذوب عشقًا فى رسول الله عبر أحبال الشيخ ياسين الصوتية، وكله أمل أن يصل صوته لسيد الخلق مغلفًا بهذه النغمات الرقيقة القوية الناعمة المطربة.
بدأ الجمهور متأدبًا فى حضرة الشيخ، منصتًا، مرددًا أشعار كبار المتصوفة التى تصعب على كثير من الدارسين والمتخصصين، وما أن ارتفعت نغمة الذكر إلا ووقف كل منهم يتمايل يمينًا ويسارًا ناسيًا من حوله. كل من سمع الشيخ بالأمس كان يشعر أنه وحده فى المسرح المكشوف بالقلعة، قدماه على حجارتها، ورأسه عند أطرافها، وحده يناجى ويمدح رسوله، وحده بعد ما سكن شيخه وسكنه شيخه فأصبحا صوتًا واحدًا.
أنهى ياسين التهامى حفله، ولن أصف لك صعوبة خروجه من المسرح بعد أن اصطف عشاقه لينالوا بركته، فهذا مشهد مؤكد أنك رأيته مرارًا مع التهامى، ما لفت نظرى هو ذلك الشاب الذى ارتقى حائطًا من داخل المسرح، وبالكاد كان يرى الشيخ وهو يركب سيارته، وبأعلى صوته قال: «والنبى ياسيدنا متحرمناش من صوتك أبدًا.. خلى صوتك معانا ياياسين.. خلى بالك من نفسك يامولانا»، وبعد أن ركب الشيخ ولم ينتظر الشاب ما إن كان سمعه أم لا، قال له: «مع السلامة يابومحمود». هكذا يراه محبوه، هو منهم وصوتهم وسبيلهم ليسمعهم النبى، فى القلعة كان ياسين التهامى قلعة مكانًا ومكانة.