المؤرخ رءوف عباس يروى مذكراته فى «مشيناها خطى».. خلال ذكرى مولده
المؤرخ رءوف عباس، والمولود في مثل هذا اليوم من العام 1939، صاحب مدرسة في التاريخ الاجتماعي، تولى من خلالها تكوين جيل من الباحثين في تاريخ مصر الاجتماعين وهو النهج نفسه الذي اتبعه في مذكراته المعنونة بـ"مشيناها خطى"، وفيها أهم المحطات في سيرته الذاتية، ومسيرته العلمية الإبداعية.
يكتب المؤرخ رءوف عباس سيرته بضمير الغائب، حيث يستهل مذكراته "مشيناها خطى"، مشيرًا إلى "ولد صاحبنا في الرابع والعشرين من أغسطس 1939، في أحد مساكن عمال السكة الحديد ببورسعيد.. وشاء القدر أن يولد صاحبنا في هذا الموقع بالذات في ظروف أزمة دولية أشعلت نار الحرب العالمية الثانية. وعندما أصبح شابًا كان يتندر بهذا التوافق الغريب بين مولده وقيام الحرب العالمية الثانية، وكثيرًا ما يبدي إشفاقًا على العالم من أن يتسبب زواجه وإنجابه في وقوع الحرب العالمية الثالثة.
ــ المؤرخ رءوف عباس تلميذ بين أربع مدارس
ويحكي المؤرخ رءوف عباس عن سن دراسته الأولى خلال مذكراته "مشيناها خطى": كان أول عهد صاحبنا بالمدارس التحاقه بمدرسة حنيفة السلحدار الابتدائية الأميرية بحي شبرا، وكان يقطع مسيرته الطويلة من البيت إلى المدرسة عبر شارع مستشفى كتشنر.
ويلفت "عباس" إلى الملامح التاريخية لحي شبرا العريق، موضحًا: وشبرا عندئذ تعكس واقع مصر كلها، فكان شارع شبرا الرئيسي، وكذلك شارع مستشفي كتشنر، وجانب من شارع الترعة البولاقية، مقر إقامة الأجانب في العمارات الواقعة على جانبي هذه الشوارع، وهم جميعًا من الطبقة المتوسطة الصغيرة، ومن العمال وباعة المحلات الكبرى.
ــ تجربة السينما لأول مرة في حياة المؤرخ رءوف عباس
ويتابع المؤرخ رءوف عباس، في سيرته الذاتية "مشيناها خطى"، عن أول مرة يدخل فيها إلى صالة السينما، فيقول: لم يكن صاحبنا حتى دخوله المدرسة- 1947- قد شاهد فيلمًا سينمائيًا، وهكذا كان يطيل الوقوف في مدخل سينما "دوللي"، يتفحص الصور المعروضة في المدخل من اللقطات للفيلم المعروض، وغير طريق العودة خصيصًا ليمر بشارع الترعة البولاقية، ويشاهد دور سينما "روي" وكانت تعرض الأفلام الأجنبية، وسينما "فريال"، ثم "شبرا بالاس" فيتفحص مجموعات الصور هنا وهناك، ورأى أن الفرجة من الخارج لا تجدي نفعًا، فقرر يومًا أن يستثمر بعض القروش الثلاثة التي تعطيها له أمه في نهاية الأسبوع (سرا، بعدما تقتصد هذا من مصروف البيت)، فاختار حفلة بعد الظهر بأحد أيام الإثنين، حيث تنصرف المدرسة في الواحدة والنصف، واشتري تذكرة "ترسو"ــ درجة ثالثة ــ بـ15 مليمًا، وتفرج على أول فيلم في حياته، لعله كان أحد أفلام فريد الأطرش، ومعه في نفس العرض فيلم أمريكي آخر.
ــ التسلل إلى الجامعة
وعن التحاقه بالجامعة، يردف المؤرخ رءوف عباس، في سيرته الذاتية "مشيناها خطى": كان المجموع الذي حصل عليه صاحبنا في الثانوية العامة، يكفل له الالتحاق بكلية الآداب في جامعة القاهرة، وكانت جامعة القاهرة تتميز بقبول الطلاب الأعلى مجموعًا، تليها جامعة عين شمس ثم جامعة الإسكندرية. لكنه اختار جامعة عين شمس رغبة أولى، تليها آداب القاهرة، وعندما أعلنت نتيجة القبول وجد اسمه الثالث بين المقبولين بآداب عين شمس، وجاء اختياره لجامعة عين شمس مرتبطًا بظروفه الشخصية.
ويوضح المؤرخ رءوف عباس، في سيرته الذاتية "مشيناها خطى": فكلية الآداب كانت في شبرا، وبذلك يستطيع السفر يوميًا إلى الجامعة بالأبونيه المجاني، ويصل إلى الكلية سيرًا على الأقدام، حتى لا يضطر إلى الإقامة مع جدته مرة أخرى، لذلك كانت سعادته بالغة عندما قبل بجامعة عين شمس.
وعندما ذهب إلى الكلية لأول مرة فوجئ بأن من حق من يحصل على 60٪ فما فوق من غير القادرين على سداد المصروفات أن يتقدم بطلب للحصول على المجانية مشفوعًا ببحث اجتماعي عن حالته. فقام بإعداد الأوراق المطلوبة وتقديمها، وأعلنت كشوف أسماء من حصلوا علي المجانية، فلم يدفع سوى 360 قرشًا رسومًا للقيد بدلًا من المصروفات التي كانت تبلغ 18 جنيهًا ونصف.