حجر رشيد.. قصة الكنز الفرعونى ورحلته من قرى مصر إلى المتحف البريطانى
سلطت الصحف العالمية الضوء على حجر رشيد، ومحاولات مصر المستمرة لإعادته من المتحف البريطاني، فمنذ أيام طالب عالم الآثار زاهي حواس بإعادة 3 كنوز مصرية مهمة من المتاحف الأوروبية ونقلها إلى المتحف المصري الكبير المقرر افتتاحه في وقت لاحق من العام الجاري.
وترصد "الدستور"في هذا التقرير قصة حجر رشيد، أهم وأكبر قطعة فنية أثرية في المتحف البريطاني بلندن.
مطالب بإعادة حجر رشيد إلى مصر
حسب صحيفة "آرت نيوز" البريطانية، فإن بداية الحملات المصرية لاستعادة الحجر بدأت عام 2019، حيث سأل حواس مديري متاحف برلين الحكومية والمتحف البريطاني ومتحف اللوفر:"كيف يمكنك رفض إقراض المتحف المصري الكبير الجديد بعد أن أخذت الكثير من الآثار من مصر؟ سيكون المتحف المصري الكبير الأكبر والأفضل في العالم "، ورفضت المتاحف الثلاثة طلبات حواس.
قال متحدث باسم المتحف البريطاني، إنه “في المتحف البريطاني، يمكن للزوار رؤية حجر رشيد جنبًا إلى جنب مع آثار المعابد الفرعونية الأخرى، وأيضًا ضمن السياق الأوسع للثقافات القديمة الأخرى بما في ذلك معاصروهم مثل روما وأثينا وبلاد فارس، ما يسمح للجمهور بالاستكشاف هذا القوس الكبير من التاريخ، كما هو الحال مع كل المجموعة ، فإن حجر رشيد متاح لجميع الجماهير المهتمة، سواء في صالات العرض أو دعم البحث الأكاديمي على التحفة الأثرية".
وأضاف المتحدث باسم المتحدف البريطاني: «كما نتفاعل على نطاق واسع مع الأشخاص من جميع أنحاء العالم من خلال موقعنا الإلكتروني جنبًا إلى جنب مع عمليات مسح ثلاثية الأبعاد للتحف الفنية»، مشيرًا إلى أنهم سيقيمون معرض "الهيروغليفية.. اكتشاف مصر" الذي يتضمن حجر رشيد والعديد من التحف الفرعونية الأخرى، خلال الفترة من 13 أكتوبر المقبل وحتى 19 فبراير من عام 2023.
جهود ناجحة سابقة لاستعادة الآثار الفرعونية
وذكرت الصحيفة، أن المتحف حصل على الحجر عام 1802، وهو عبارة عن شاهدة من الجرانوديوريت يبلغ عمرها 2200 عام منقوشة بالهيروغليفية واليونانية القديمة والحروف المصرية المتصلة، من فرنسا بموجب معاهدة موقعة خلال الحروب النابليونية.
وتابعت أنه يبدو أن قوات نابليون عثرت على الحجر أثناء بناء حصن بالقرب من بلدة، يعد الحجر، الذي دفع علماء الآثار إلى فك رموز الهيروغليفية القديمة لأول مرة ، من بين أبرز القطع الأثرية في المتحف البريطاني.
ونوهت بأن مصر تطالب بإعادة حج رشيد وتمثال نصفي للملكة نفرتيتي في متحف برلين، بالإضافة إلى سقف زودياك فرعوني في متحف اللوفر بباريس.
وأشارت إلى أن تمثال نفرتيتي نحت حوالي 1340 قبل الميلاد، الذي اكتشفه عالم الآثار الألماني لودفيج بورشاردت في العمارنة عام 1912، موجود في متحف برلين الجديد، كما اكتشف عالم الآثار الفرنسي فيفانت دينون سقف زودياك المصنوع من الحجر الرملي مع خريطته للنجوم التي صممت عام 50 قبل الميلاد، في دندرة عام 1799، وفي عام 1822 تمت إزالته ونقله إلى باريس من أجل المكتبة الوطنية الفرنسية؛ في عام 1922 تم نقل سقف البروج إلى متحف اللوفر.
وقال "حواس":"أعتقد أن هذه العناصر الثلاثة فريدة من نوعها ويجب أن يكون منزلها في مصر، لقد جمعنا كل الأدلة التي تثبت أن هذه العناصر الثلاثة مسروقة من مصر"، مضيفا:"حجر رشيد هو رمز الهوية المصرية، لا يحق للمتحف البريطاني عرض هذه القطعة الأثرية للجمهور".
وأكدت الصحيفة البريطانية أنه كوزير سابق للآثار، أعاد حواس آلاف القطع الأثرية إلى مصر، ولكن جهوده لإعادة أبرز 3 تحف فرعونية في المتاحف الأوروبية ما زالت قضية شائكة، حيث يعتقد حواس أنه قادر على تغيير وجهات النظر حول عودة الأشياء المسروقة من الفتوحات الاستعمارية.
ويؤكد حواس أن الحجر غادر مصر بشكل غير قانوني، وبصفته رئيس المجلس الأعلى للآثار في هذا الوقت، ورد أنه أبلغ مدير المتحف البريطاني السابق نيل ماكجريجور منذ عام 2003 أنه سيقاتل المتحف إذا لم يعيد الحجر طواعية.
ما هو حجر رشيد؟
وبحسب صحيفة "ذا ناشونال" الناطقة بالإنجليزية، فإن حجر رشيد هو لوح حجري لا يقدر بثمن من مصر القديمة، يعود تاريخه إلى حوالي عام 200 قبل الميلاد وأعيد اكتشافه في عام 1799، وكان سبب في قدرة العالم الحديث على فك رموز الهيروغليفية التي ابتكرها المصريون القدماء، وتمت كتابتها على الحجر منذ 2000 عام.
وتابعت أن الحجر يبلغ ارتفاعة 112 سم ومصنوع من صخرة تشبه الجرانيت، وهي نفس الرسالة بثلاث لغات مختلفة - الهيروغليفية الرسمي، والنص المصري اليومي المتصل واليوناني القديم.
وأضافت أنه بعد اكتشافه، استخدم العلماء معرفتهم باليونانية القديمة لفك رموز الهيروغليفية وأصبح الحجر أحد أشهر الآثار في مصر.
كيف تم اكتشاف حجر رشيد؟
ووفقًا للصحيفة، فإن اكتنشاف الحجر كان بالصدفة البحته، من قبل الجنود الفرنسيين خلال الحروب النابليونية، وأثناء القتال في مصر، صادفت بعض قوات نابليون الحجر أثناء حفر أساسات حصن بالقرب من مدينة رشيد، وكتب أسم ييير فرانسوا بوشا ، الضابط المسئول، عن اكتشاف الحجر في التاريخ، بعد أن أدرك أهمية اكتشافه ونقله إلى العلماء.
وتابعت أن الحجر لم يبق في أيدي الفرنسيين ، حيث تم تسليم غنائم نابليون الحربية إلى بريطانيا في معاهدة الإسكندرية لعام 1801 ، وتم شحنها لاحقًا إلى إنجلترا.
وأضافت أنه تم نقل الحجر إلى المتحف البريطاني في لندن، بعد أن قدمه له الملك جورج الثالث عام 1802، وهو موجود في علبة زجاجية في صالة المنحوتات المصرية بالمتحف.
وأشارت الصحيفة إلى أن المرة الوحيدة التي تم فيها نقل الحجر من مكانه كانت في عام 1917، خلال الحرب العالمية الأولى، عندما تم نقله إلى نفق للسكك الحديدية تحت الأرض لحمايته من القصف في زمن الحرب.
ما المكتوب على الحجر؟
ووفقًا للصحيفة، فإن النص الفعلي المكتوب ليس له أهمية كبيرة، فهو مرسوم صادر عن مجلس الكهنة يكرّم ملكًا شابًا يدعى بطليموس الخامس، في الذكرى الأولى لتتويجه.
وتابعت أن الحجر مجرد جزء مكسور من لوح أكبر، وتكمن أهميته في الأدلة الكافية التي نجح من خلالها الباحث الفرنسي جان فرانسوا شامبليون فك رموز الهيروغليفية الشفرة، على الرغم من أنه لم يعلن النتائج التي توصل إليها في باريس حتى عام 1822.
وأضافت أن هذا الإنجاز فتح الأبواب لفك رموز الرسائل والوثائق والأعمال الشعرية من مصر القديمة التي لم تكن مقروءة من قبل.
ما اللغات الموجودة فيه؟
الهيروغليفية: النص المصور الأكثر ارتباطًا بمصر القديمة، على الرغم من أنه بحلول عام 200 قبل الميلاد كان قديمًا بالفعل ويستخدم فقط في أماكن رسمية مثل هذه.
النص الديموطيقي: النص اليومي الذي استخدمه المصريون المتعلمون في وقت كتابة حجر رشيد، مثل الكتابة الهيروغليفية، سقطت عن الاستخدام وتم تجميعها تدريجياً مرة أخرى بمساعدة الحجر.
اليونانية القديمة: استخدمها حكام مصر في الوقت الذي أعقب غزوها من قبل الإسكندر الأكبر، وكان لا يزال بعض العلماء يتفهمومنها في عام 1799 ، وكان المفتاح هو الذي سمح لهم بفك رموز اللغات المصرية.
تغيرات أوروبية
ووفقًا لصحيفة "ذا ناشيونال"، فإن حواس سيستغل رغبة فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية لإعادة التحف الفنية والأثرية لبلدانها الأصلية والتي نهبت في عصر الاستعمار، وهو اتجاه أعلن عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخرًا.
وقال البروفيسور بيتر ستون، الخبير في حماية التراث الثقافي بجامعة نيوكاسل ومستشار اليونسكو، إن العوامل الكامنة وراء هذا التحول تشمل الاستقرار المتزايد لبعض الدول التي تسعى إلى استعادة القطع الأثرية.
وتابع "إحدى الحجج حول عدم إعادة المواد كانت أنه قد تتم سرقتها في المستقبل من البلد المضيف، أعتقد أن هذا الآن عذر شاحب إلى حد ما".
قال هيرمان مؤلف كتاب عن التعوي، إن التكنولوجيا الحديثة كانت عاملاً آخر لأنها رفعت الوعي العالمي بالعناصر التي تنتمي إلى المتاحف الأوروبية وسمحت للناس بتنظيم حملات لإعادتها.
وتابع أن عصر الإنترنت يمنح الباحثين أيضًا إمكانية وصول أكبر إلى الوثائق المتعلقة بتاريخ الكائن، وأين كان وكيف يمكن أن يكون قد تم التقاطه في وقت ما في الماضي.
كما نشر مجلس الفنون في إنجلترا هذا الشهر 33 صفحة من التوجيهات للمتاحف بشأن مجموعاتها الأثرية، ويخبرهم بأن يكونوا منصفين ويفكرون في تسليم بعض العناصر لبلدانها الأصلية، أو حتى إقراضها لهم لفترات طويلة إذا كانت المتاحف غير مستعدة للتخلي عن ملكيتها.