الارتجال الإبداعى.. مسرحية «ألف عيلة وعيلة» للمخرج خالد جلال
عرض ألف عيلة وعيلة الذي شاهدته أثناء المهرجان القومى للمسرح في مسرح الجمهورية، هو عرض يعكس الرؤية التي تبناها وآمن بها المخرج خالد جلال فى إداراته لمركز الإبداع واستطاع أن يحقق من خلالها إقامة الصلة بين الارتجال والفن بأسلوب متميز يهدف لتقديم كوادر فنية تؤمن بقدراتها وتحتاج لقيادة حكيمة ترشدها للطريق السليم، كل ذلك فى بنية فنية متماسكة تتعانق فيها التجربة الإنسانية والفن.
تكوين نماذج فنية بمظاهر متعددة
وأنا أشاهد عرض الليلة كنت أركز كثيرًا على هؤلاء الهواة الذين خضعوا لتلك التدريبات على مدي ستة أشهر فكان هذا الأداء المتألق، وتساءلت بيني وبين نفسي عن مدي خصوصية هذا الابداع الذي نتج بالممارسة والفكر والإيمان بتلك القدرات الفنية التي أسهمت في تكوين نماذج فنية بمظاهر متعددة لتقديم تجارب واقعية فكان هذا الأداء وظهر هؤلاء الهواة على الخشبة وكأنهم فرسان معركة منتصرة، ثم علمت بأن الكثير منهم يصعد للمرة الأولي على الخشبة فأبهرني الأداء وتلك القدرات الفائقة وهذا التنوع في الأداء وتعدد الشخصيات.
لقد استطاع خالد جلال أن يقوم بتحويل الأفكار التي ارتجلها هؤلاء الفنانون حين أقدموا على التدريب إلي حقيقة واقعية على خشبة المسرح فكان الأداء والتميز حليفهم، وقد لاحظنا أن كثيرًا من نجوم الساحة الفنية علي مدي السنوات الماضية تخرج من مركز الإبداع الذى قدم الشباب القادرين على الاداء والتميز في الكثير من الأعمال الفنية (المسرح والسينما والدراما التليفزيونية).
وفي لقاء إذاعي للسيد بدير حينما كان يعمل في وزراه التربية قال: (كنا نجوب المحافظات لاستخراج الموهوبين في الفن والفنون الأخرى) ونظل هكذا كل عام في اكتشاف وتقديم حالات التميز التي تصادفنا، لكن الأمر اختلف كثيرًا وأصبحت الصورة التي كانت في الماضي غير قادرة على ذلك، فاليوم مركز الإبداع بدار الأوبرا أحد الأماكن المهمة التى يتوافد عليها الفنانون للوقوف على بداية طريق الفن واكتشاف الجوانب المخفية في شخصيته ليقودهم المركز للتفرد من خلال إظهار مواهبهم وقدراتهم الداخلية وتوظيفها في المكان الصحيح وبطرق علمية بحته.
واليوم وأثناء مشاهدتي للعرض الف عيلة وعيلة أخذنا مخرج العرض خالد جلال إلي قضايا اجتماعية غابت عنا منها غياب لمة العيلة المصرية، تلك اللمة الطيبة التى تجمع الأهل والعشيرة والجيرة، كما يناقش العرض قضايا تخص مفهوم المواطنة والوحدة الوطنية، كل هذا قدم من خلال مشاهد ولوحات فنية متنوعة حاول من خلالها أن يذكرنا بالماضي الجميل فى بيت العيلة واللمة التي افتقدها المجتمع، موظفًا الارتجال وقدرته على اختراع أنماط وأنواع جديدة من الفكر والشخصيات، التى عبرت عن ما يفتقده مجتمعنا ولدينا جميعًا حنين إليه، وقد عبرت عنه تلك اللوحات التي شاهدناها وبصورة جمالية لاقت إعجاب الحضور دون أن نشعر بالملل رغم طول العرض.. لأنك تعايش نفسك من خلال الإحداث.. فتدركك النهاية.. وأنت آسف لأنك ستغادر ذلك الزمن الجميل!